مسألة (6) فرع ب : يشترط فيمن تقلّده ما يلي :
خامساً : طهارة المولد
والدليل الصحيح في نظر سيدنا الأستاذ الأعظم (أعلى مراتبه العالية) هو كما يلي : إن المرجعية هي مقام وراثة الأنبياء والنيابة عن المعصومين (عليهم السلام) ووراثة العلماء الصالحين (رضوان الله عليهم) والمذاق المتشرعي لا يرضى بإعطاء هذا المنصب العظيم لإبن الزنا ، وقد قام الإجماع على منعه من إمامة الجماعة فكيف يأذن الشارع بتصدية وتسلّمه لمنصب إدارة البلاد والعباد؟ فاذن منصب الرئاسة الدينية لا يليق بمن كانت هذه صفته وليس الدليل على شرطية ان يكون المرجع طاهر المولد هو الإجماع المنقول لأنه ليس بحجة لأنه ليس إجماعاً تعبدياً شرعياً إصطلاحياً بل هو مدركي لا يصلح للإتكاء عليه للإستقلال بالكشف التام عن أن هذه الشرطية هي شرطية معصومية ، وكذلك لا يكون الدليل هو تلك الروايات التي يدل بعضها على أن ابن الزنا كافر وبعضها على أنه نجس لأنها كلها ضعيفة غير معمول بها عند الأصحاب ، ولا تلك الروايات التي يدل بعضها على ابن الزنا يحنُّ الى الفعلة التي خُلق منها ، ويدل بعضها على أن نوحاً لم يحمله في جملة من حمله في السفينة ، من فضاكن الذي نستفيده من هذه الروايات هو أن الخباثة المعنوية والظلمة الباطنية تفوح من هذا الشخص فلا يصلح لذك المقام الإلهي الرفيع .
سادساً : التكليف بمعنى ان يكون بالغاً عاقلاً
أما شرطية البلوغ : أقصى ما يكون دليلاً لهذ الشرط عند المشهور هو رواية (رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم) فهو دالٌ على رفع مطلق الأثر عن الصبي بما في ذلك الآثار لحجية أقواله ، معتضداً بحديث (عمد الصبي خطأ) وهو يشير الى أن كل ما يصدر من الصبي فهو خطأ حتى أقواله .
ولكن سيدنا الأستاذ الأعظم (أنار الله برهانه) لم يقتنع بذلك ، وهو على حق لأن رفع القلم إمتنان ولا يكون إلاّ في ما كان في وضعه مشقة وكلفة وهذا قرينة على أن المرفوع عن الصبي هو الحكم التكليفي فقط لأنه هو الذي فيه الكلفة والمشقة من الوجوب والحرمة وأخواتهما ، وأما الحكم الوضعي كالصحة والفساد والقبول ونحوها فهي غير مرفوعة عنه ، بل بقاءه إمتنان على العبد ، فلو سرق الصبي صحيح أنه لا يعاقب من فضاكن الضمان ثابت عليه لأن فيه حق الناس فسقوط الضمان عنه خلاف الإمتنان على الأمة والعباد ، فالإطلاق لا مجال له ، مع أن السيرة العقلائية قائمة على عدم الفرق في رجوع الجاهل الى الخبير العالم بين الصبي وغيره لأن كليهما خبير ، بعد ملاحظة نبوة عيسى ونبوة يحيى وإمامة الجواد (عليهم السلام جميعاً) .
والدليل الصحيح في نظره الشريف (طيّب الله تربته) هو التمسك برواية أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) : (أنظروا الى رجل منكم ، عرف حلالنا وحرِامنا ... فانّي جعلته عليكم حاكماً) المشهورة بين الأصحاب والمعمول بها عندهم، لأن الصبي في قبال الرجل وهما ليسا واحداً ، والتقييد بالرجل في الرواية هو قيد إحترازي عن غيره ومن جملة غيره هو الصبي ، والأصل في هذه القيود الإحترازية حتى يدل دليل على غير ذلك وهو مفقود في المقام فتعيّنت الإحترازية ، المعتضدة هذه الرواية بالإجماع المحقق المحكي عن أعاظم فقهائنا القدماء ، فتسقط السيرة العقلائية عن الإعتبار لوجود الرادع الصريح عن المساواة بين الصبي والرجل ببركة هذا الإجماع وتلك الرواية فاكتمل الدليل .
وأما شرطية العقل : فلأن الإستنباط لا يتحقق إلاّ بمزيد من تفعيل القوة العاقلة والطاقات العقلية ، وفاقد العقل أنّى له ذلك ، فالعقل من باب محققات الموضوع ، لأنه من الواضح جداً إن الشخص لن يكون مستنبطاً مستطرقاً الى الجعول الشارعية مع الجنون واختلال القوة العاقلة ، هذا مضاقاً الى الإجماع المحقق في المسألة .
وأما إذا كان قد إستنبط الحكم الشرعي وهو في حال سلامته أي قد صدرت منه في حال كونه عاقلاً ثم بعد ذلك عُرض عليه الجنون فأيضاً يسقط قوله عن الإعتبار وتسقط مرجعيته ، لأن مرجعيته بهذا الحال خلاف الذوق المتشرعي وعلى خلاف ذوق الشرع الأقدس بجعل المرجعية التي هي منصب الأنبياء والأوصياء تحت سلطة المجنون . (فاضـل البديـري 18 رجب 1431هـ)
