مسألة (2) : عمل العامي بلا تقليد باطل لا يجوز له الإقتداء به إلاّ أن يعلم بمطابقته للواقع أو لفتوى المجتهد الذي كان حجة عليه حال العمل مع حصول نية القربة منه في ما كان العمل عبادياً .
الشرح
إن البطلان هنا ليس هو البطلان في مرحلة الواقع وفي عالم الثبوت لأن العمل المطابق للواقع صحيح إنكشف أم لم ينكشف ، وإنما هو البطلان في مرحلة الظاهر أي بمعنى انه لا يحق له الإجتزاء بعمله هذا ويقتصر عليه في مقام الإمتثال ، لأنه لم يقع على وجه المبرّئيّة في وجدان العقل ، لأن العقل يرى إن هذا الإتيان إتيان لا عن حجة ، فيرى أن العبد العامي غير متحفظ على مرامات المولى وتكاليفه المعلومة التي لا يخرج عن عهدتها إلاّ بالتقليد أو الإحتياط ، غاية الأمر إن طابق الواقع في غير العباديات فهو مجزي على كل حال لأن تلك الواجبات يريد المولى صرف إيجادها فقط وتحققها في الخارج كالعقود وغسل الثوب والبدن من النجاسة ونحوها ولا يشترط فيها قصد القربة، وأما العباديات أي الواجبات التي إشترط فيها المولى قصد القربة اليه كالصلاة والصيام والحج ونحوها فلابد أن تقع على وجه الإضافة الجميلة فإذا وقعت على الوجه السيء كما لو أتى بها من دون تقليد ولا إحتياط أي من دون حجة معتبرة فانها لا تصلح للمقربية للنهي المتوجه لهذا العبد بأن لا يأتي بأي شيء إلاّ عن طريق التقليد أو الإحتياط بحكم العقل ، فما لم تنكشف صحته ومطابقته للواقع ويتم ذلك بمعرفة فتوى المجتهد الذي يحق له تقليده ، فلا تترتب عليه آثار الصحة لقاعدة الإشتغال التي تقضي بالإحتياط بحكم العقل لأنه لم يُحرز صحة عمله لإحتمال الفساد ، ولقد أجاد سيدنا الأستاذ السيد الشهيد السعيد (طيب الله تربته) في مجلس بحثه - في غير كتاب التقليد - عندما قال : إن العقل يحكم بإستحقاق العقاب حتى في هذه الحال لأنه لم يأت بذلك الواجب مع الإضافة الجميلة بل أتى بداعي الهتك لحرمة المولى والطغيان عليه والتمرد لأنه لم يأتمر بأوامر المولى ، من فضاكن الشارع الأقدس لأجل قانونه التسهيلي الإرفاقي حكم بصحة هذه الأعمال مع المطابقة أعلاه ، وهذا بناء على مبنى أصولي في غاية البراعة وهو أنه في بعض الأمارات تكون على نحو السببية لا على الطريقية ، وهذا أحد مبتكراته الرائعة في الأصول التي لم يتفطن اليه من قبله ونحن إن شاء الله سندعم هذا المبنى ونشرحه بالتفصيل في أوساط الحوزة العلمية إن شاء الله تعالى ، والحمد لله رب العالمين . (فاضـل البديـري 12رجب1431)