والصلاة والسلام على نبينا محمد وأله المعصومين
قال الله تعالى:
(( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن
تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ
تَعْلَمُونَ)) البقرة216
بمعنى:
وقد تكرهون شيئًا وهو في حقيقته خير لكم
وقد تحبون شيئًا لما فيه من الراحة أو اللذة العاجلة وهو شر لكم.
والله تعالى يعلم ما هو خير لكم, وأنتم لا تعلمون ذلك.
إنّ هذا النص بحق وبقوة فيه من المتانة الأسلوبية والبيانية ما تكون معه دليلا كافيا على صدوره
من لدن الله تعالى الحكيم العليم.
إذ أنه تعالى فصَّل واقع النفس الإنسانية وسلوكياتها مع ربها
والتي تكره إستبطاء قضاء الله تعالى لحاجياتها
غير مُدركَة لمصلحتها في ذلك
بل تقصر نظرها على ظواهر الإشياء ومتناسية لماوراء عالم الشهادة الحسي من غيبيات
لايعرفها إلاّ الله تعالى .
وهذا النصُ القرآني الحكيم
هولُبنَة أساسية وضعها الله تعالى
في منهاجيَّة تهذيب النفس البشرية المحدودة الأفاق والتصور
كي يلتفت المؤمن إلى أنّ ما يجري معه
من إبطاء وتأخير في قضاء وإنجاز اموره من قبل ربه تعالى
هو خير وصلاح له من حيث لايشعر في بداية الأمر.
وهذه اللُبنة الأخلاقية تكررتْ في النص القرآني الحكيم
في قوله تعالى في بيان هذه الحقيقة::
((فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)) النساء19
فعليه لوسار الإنسان المؤمن جادا وصادقا في حركته الوجودية
وفق منهاج الله تعالى
ومنهاج المعصوم:عليه السلام:
المُجسِّد واقعا له في هذه الحياة الدنيا
لكان خير الدنيا والآخرة يتحقق عاجلا وآجلا للإنسان.
والقرآن الكريم قد وضع حجر الأساس في بناء هيكلية النفس البشرية
والذي يجب أن يقوم على يقينية وقطعية ووعي الإيمان بالله تعالى وحسن الظن به دوما
وعدم التضجر من قضاء الله تعالى وقدره .
وينبغي بنا أن لانكون مصداقاً للحقيقة التي بيَّنها الله تعالى كاشفا بها واقع البشر
في سلوكهم معه تعالى::
فيقول الله تعالى بشأن ذلك:
{فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ }الفجر15
أي::
فأما الإنسان إذا ما اختبره ربه بالنعمة, وبسط له رزقه, وجعله في أطيب عيش
فيظن أنَّّ ذلك لكرامته عند ربه
فيقول: ربي أكرمن.
وقوله تعالى::
{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ }الفجر16
أي::
وأما إذا ما اختبره, فضيَّق عليه رزقه
فيظن أنَّ ذلك لهوانه على الله
فيقول: ربي أهانن.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته