مقدم البرنامج : سالم جاري
سالم جاري: بسم الله
الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله
الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم مشاهدينا الكرام (مشاهدي
قناة الكوثر الفضائية) ورحمة الله تعالى وبركاته. نحييكم اطيب تحية
ونلتقيكم في هذه الحلقة من برنامج: مطارحات في العقيدة، وهذا البرنامج في
حلقته هذه استمرار للحلقات السابقة التي تم عرضها وهي المتعلقة بالإمامة من
وجهة نظر قرآنية او في الرؤية القرآنية. في هذه الحلقة ان شاء الله تعالى
سنتوج ما تم عرضه فيما سبق وندخل باذن الله تعالى في صميم الموضوع والبحث
الرئيس وهو الإمامة في القرآن الكريم كيف عرضت وما الآيات التي تحدثت عن
هذا الموضوع المهم. تحية لكم مشاهدينا الكرام مجدداً واحيي باسمكم ضيف
البرنامج سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: اهلاً ومرحباً دكتور.
سالم
جاري: حياكم الله. سماحة السيد عرضتم في ما سبق من الحلقات الى الاختلاف
بين المدرستين في ما يتعلق بموضوع الإمامة، شروطها، ما يترتب عليها، وهل
لكم الآن ان تدخلوا في الآيات القرآنية، يعني بمعنى هل ان القرآن الكريم قد
عرض للإمامة لشرائطها، كيف توضحون هذه المسألة.
سماحة السيد كمال
الحيدري: اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن
الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. كما
تفضلتم اخي الدكتور بانه اتضح لنا في البحوث السابقة بأن هناك مدرستين
تكلمت عن الإمامة وبينت الإمامة وبينت شرائط الإمامة ومسؤوليات الإمام
وموانع الإمامة واهمية الإمامة ودور الإمامة في الامة، وذكرنا بأن هناك
مدرستين اساسيتين وان هناك اتجاهين رئيسيين في الفكر الاسلامي عموماً،
الاتجاه الاول هو اتجاه مدرسة الصحابة التي اعتقدت ان الإمامة لا تعد لا
اصلاً بل ولا قيمة لها على مستوى الفروع كما بينا مفصلاً في الابحاث
السابقة. الاتجاه الثاني وهو الاتجاه الذي آمنت به مدرسة اهل البيت وهو ان
الإمامة يعد ركناً ويعد اصلاً ويعد ركنا من الاركان الايمانية والعقائدية
في هذه المدرسة، وعرضنا للمشاهد الكريم وقلنا ان الفيصل في ذلك وان الحكم
بين المدرستين وبين الاتجاهين هو القرآن الكريم، لاننا نعتقد بان القرآن
الكريم لم يترك صغيرة ولا كبيرة الا احصاها فيما يتعلق بامور الدين سواء
على مستوى الامور العقائدية الايمانية او على مستوى الامور الفرعية
والعملية. من هنا انا اعتقد بانه القرآن الكريم نستطيع ان نقف على مفهوم
الإمامة وحقيقة الإمامة ودور الإمامة وشرائط الإمامة وموانع الإمامة، من
خلال آيات اربع اشار لها القرآن الكريم وسوف نعرض هذه الآيات ان شاء الله
ثم نحاول ان نستقرئ ولواستقراءاً اجمالياً المحاور الاساسية التي عرضت لها
هذه الآيات المباركة حتى نوفق ان شاء الله تعالى في الحلقات القادمة ان نقف
عند محور محور من هذه المحاور التي يمكن استفادتها من هذه الآيات التي
نشير اليها. الآية الاولى وهي من الآيات المعروفة ويتكرر ذكرها ولكن نحاول
ان نشير اليها وان نطرحها وان نقدم فيها قراءة غير القراءات المتعارفة
فيها، وهي قوله تعالى في سورة البقرة الآية (124) وهي قوله تعالى {وَإِذِ
ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي
جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ
عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، الآية الثانية وهي الآية الواردة في سورة الانبياء
الآية (73) وهي قوله تعالى {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً
يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ
وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِين}.
الآية الثالثة وهي الآية (24) من سورة السجدة قال تعالى {وَجَعَلْنَا
مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا
بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ}، ثم الآية الاخيرة الواردة التي اريد ان اقف
عندها وهي الآية (35) من سورة يونس {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ
أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا
يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}. هذه هي
الآيات الاربع التي احاول ان استقرئ واستكشف المحاور الاساسية لبحث القرآن
الكريم وللرؤية القرآنية حول الإمامة، واحتاج ان اؤكد مرة اخرى ان الحديث
الآن ليس في إمامة ائمة اهل البيت (عليهم افضل الصلاة والسلام) كما اكدنا
وكررنا هذا البحث في الحلقات السابقة، ان الحديث الآن ليس منصباً على إمامة
آل البيت لاعتبرها هذه هي الإمامة الخاصة او يمكن التعبير عنها بانها
مصاديق الإمامة او بعض مصاديق الإمامة القرآنية، وإلا بحسب نص القرآن
الكريم ابراهيم ايضاً إمام بحسب النص القرآني، اذن الامامة التي نتكلم عنها
هي الإمامة القرآنية، هي مفهوم الإمامة في القرآن الكريم بغض النظر ان
المصداق في زماننا من هو وما هو عددهم وما هي اسماؤهم وما هي مقاماتهم
ودرجاتهم هذه ابحاث لاحقة في المقدمة نريد ان نعرف ان القرآن كما عرض
لمفهوم الخلافة قال {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} اذن الخلافة
الالهية مفهوم قرآني، عندما قال القرآن الكريم {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا} الولاية مفهوم قرآني عندما نأتي
الى مفردات اخرى وموضوعات اخرى في القرآن نجد ان هناك مجموعة من الحقائق
اشار اليها القرآن على سبيل المثال النبوة، القرآن الكريم عرض لمسألة
النبوة وشرائط النبوة وموانع النبوة، مسألة الرسالة وهكذا، نريد ان نعرف في
هذه الابحاث في هذه الحلقات ان الإمامة ايضاً كذلك هل هي موضوعة قرآنية
وقف عندها القرآن الكريم، اعطى ابعاد لهذا المفهوم، بيّن حقيقة هذا
المفهوم، ام انها قضية تأريخية، قضية سياسية كما يحاول البعض ان يصوّر هذه
القضية على هذا المستوى. في اعتقادي ان هذه الآيات الاربع التي اشرت اليها
تعرض لنا مجموعة من المحاور الاساسية التي نحاول ان نقف عندها.
سالم جاري: ان شاء الله تعالى، يعني سماحة السيد ربما نسألكم بعد حين هل هو منحصر بها، ولكن لنبدأ الآن بمحاور هذه الآية.
سماحة
السيد كمال الحيدري: بالمحاور التي عرضت لهذه الآيات الاربع التي اشرت
اليها. احسنتم ذلك بحث اساسي ايضاً وهو انه لماذا آيات اربع مثلاً، هل ان
هذا القدر يكفي لبيان اهمية هذا البحث ام لا ؟ هذا سيأتي. المحور الاول
الذي لابد ان يلتفت اليه في هذا البحث هو انه القرآن الكريم عبّر عن
الإمامة بتعبيره {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ} هناك اذن جعل وهذا الجعل ليس
جعلاً من قبل الرسول الله الاعظم (صلى الله عليه وآله)، وانما هو جعل من
قبل الله (سبحانه وتعالى)، ولذا تجدون انه تكرر هذا البحث {وَجَعَلْنَا
مِنْهُمْ أَئِمَّةً}، {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً} اذن مسألة هذه الآيات
الثلاث عرضت لإمامة كجعل مجعول من قبل الله (سبحانه وتعالى) كما قال
{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، كما قال {اللَّهُ أَعْلَمُ
حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}، اذن تجدون التعبير تعبيراً واحداً، يعني
فيما يتعلق بالخلافة وفيما يتعلق بالإمامة وفيما يتعلق بالرسالة، وهذا
بمنطق السياق القرآني يبين لنا انه الإمامة ايضاً على هذا المستوى من
الاهمية وإلا لماذا القرآن الكريم عندما يأتي الى الخلافة يتكلم عنها
{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} وعندما يأتي الى الرسالة يقول
{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}، وعندما يأتي الى الإمامة
ايضاً يتكلم بنفس المنطق {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا}، {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}، اذن النقطة الاولى
المحورية وهي ان الإمامة القرآنية ان الإمامة منصب الهي مجعول من قبل الله
على حد النبوة والرسالة، المشاهد الكريم لابد ان يلتفت الآن انا فقط استعرض
المحاور وإلا بعد لم ادخل في الادلة، بعد ذلك سوف نقف عند كل محور من هذه
المحاور ونحاول ان نستنطق القرآن في ذلك المحور، هل يقبل هذا التفسير من
عندنا هل يقبل هذه القراءة او ان هذه القراءة لا تنسجم مع المنطق القرآني
العام، اذا تمت هذه النظرية لابد المشاهد الكريم يتلفت، اذا تمت هذه
النظرية اذن الإمامة القرآنية تقبل نظرية الشورى واهل الحل والعقد او لا
تقبل؟ لا اتكلم عن الإمامة السياسية او عن الخلافة التي وقعت في الزمن
الكذا، ابداً، حديثي الآن في المنطق القرآني، المنطق القرآني يجعل الإمامة
مجعولة، يعتبر الإمامة مجعولة من قبل الله، اذن عند ذلك لا يمكن قبول نظرية
الشورى في هذا المجال او قبول نظرية اهل الحل والعقد، قلوا او كثروا،
لانكم تعلمون في الحلقة السابقة قالوا تنعقد بشخص واحد، تنعقد بشخصين ونحو
ذلك، المحور الثاني الذي لابد ان يلتفت اليه، ان الآية المباركة في مورد
واحد قالت ان الإمامة عهد بين الله وبين الإمام، سماها عهداً وسماها ليس
فقط عهداً وانما التعبير جاء بهذا النحو {قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ
لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} اذن القرآن الكريم وقد اتفقت كلمة
المفسرين ان المراد من عهدي هنا يعني الإمامة المجهولة.
سالم جاري: لان الحديث عن الإمامة.
سماحة
السيد كمال الحيدري: نعم، اذن القرآن عبّر عنها انها عهدي ليس انها عهد
بين الناس وبين الإمام ليست عقد اجتماعي، اذن اذا كان الامر كذلك اذن تعيين
شرائط هذه الإمامة يعينها الله، لماذا؟ لانه اولاً يقول انها مجعولة،
وثانياً يعبّر عنها انها عهدي وعهد الله، فاذا كانت الإمامة مجعولة من قبله
كانت عهداً بينه وبين الإمام اذن لا يحق لاحد ان يتصرف في شؤون هذه
الإمامة وان يقول فيها وان يعين شرائطها ومسؤولياتها او ان يقبلها او
يرفضها، فما كانت القضية كما هو الحال بالنسبة الى النبوة والرسالة ايضاً
كذلك، نحن نجد ان القرآن الكريم عندما يأتي الى النبوة والرسالة يقول ليس
لهم الخيرة من امرهم، لماذا؟ لان النبوة والرسالة ليست مرتبطة بالناس، حتى
هم يعينوا من يريدون نبياً او لا يريدون، ما هي شرائطه او ما هي موانعه، لا
ابداً، النبوة مرتبطة بالجعل الالهي فاذا كانت كذلك لابد ان نسأل القرآن
نرجع الى القرآن، نسأله مرة اخرى هذا العهد الالهي من يستحقه من يناله وبنص
الآية المباركة "لا ينال" من يمكنه ان ينال هذا العهد الالهي وان يكون
موضع العهد الالهي ومن لا يستحق وهذا هو المحور الثاني الذي لابد ان نقف
عنده. المحور الثالث ولعله من اهم المحاور ولعله ايضاً من خلاله ستتضح
مجموعة من الاسئلة وردتنا في الاسابيع الماضية ان هذه الإمامة كما هو نص
الآية المباركة من سورة البقرة وكذلك آية سورة الانبياء وكذلك آية سورة
السجدة كلها تقول ان الذي اعطي مقام الإمامة كان نبياً وكان مرسلاً بل
بعضهم كان من انبياء اولو العزم كابراهيم الخليل، اذن هذا يكشف لنا عن
امرين اساسيين وهذا هو المحور الثالث، الامر الاول انها حقيقة وراء النبوة
والرسالة، والا اذا كانت الإمامة هي بنفس معنى النبوة وتتضمنها النبوة
وتتضمنها الرسالة كان من قبيل تحصيل الحاصل فما معنى الجعل هنا، لا معنى له
اساساً، بعد ان كان نبياً بعد ان كان مرسلاً ومن انبياء اولو العزم وبلغ
تلك المقامات العالية اذا اعطينا الإمامة مفهوماً ومعنى وبياناً وتفسيراً
يقربها او يجعلها متضمنة في معنى النبوة والرسالة، مضافاً الى هذا ما معنى
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ
إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} وهذا البحث سيأتي. هذا مضافاً الى ان
هناك نقطة ادبية ولغوية ونحوية تشير الى انه هذا الجعل جعل مرتبط
بالمستقبل لا اشارة الى ما مضى، لانكم تعلمون ان اسم الفاعل اذا عمل هذا
معناه اشارة الى الاستقبال، اذا لم يعمل قد يكون للمضي، ومن الواضح ان
الآية تبين انه جاعل، اسم الفاعل عامل، اذن هناك شواهد كثيرة سنبينها، اذن
الامر الاول الذي يستفاد من انها اعطيت للانبياء والمرسلين انها امر وراء
النبوة والرسالة، ولكنه الاخطر من هذا الامر الثاني، المستفاد من هذا
المحور الثالث، او الذي نحاول ان نقف عنده، وهو انه الإمامة التي اعطيت
لهؤلاء اذا كانت مساوية في الدرجة في القرب الالهي للنبوة والرسالة او ادنى
منها، لا معنى لجعلها، لماذا؟ لانه اذا يراد الانسان الذي بلغ درجة (90)
يراد ان يعطى له مقام آخر ايضاً بدرجة (90) هذا اذا تحصيل حاصل.
سالم جاري: بل هذا خلاف الحكمة.
سماحة
السيد كمال الحيدري: لا معنى له انت الذي وصلت الى هذه المقامات لا معنى
لان تعطى مرة اخرى، وتجعل جعلاً منة، وابراهيم يفهم منها انها منة الهية
خاصة لذا يقول يطلبها لمن؟ لذريته، يقول {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا
يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} الله (سبحانه وتعالى) نعم، قبلنا هذه
الإمامة في ذريتك ولكن بشرط ان لا يكون من الظالمين، اذن هذه القضية تكشف
لنا، هذا المحور، انها حقيقة لا انها حقيقة وراء النبوة والرسالة فقط بل هي
اعظم من النبوة والرسالة ولكن هنا بودي حتى لا يقع المشاهد الكريم في
الاشتباه نحن لا نقول، احفظوا هذه القاعدة جيداً، نحن لا نقول ان كل إمام
فهو افضل من كل نبي او رسول، لانه الآية من سورة السجدة او الآية من سورة
الانبياء ذكرت جملة من انبياء بني اسرائيل وقالت {وَجَعَلْنَاهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}، فاذا كانوا الائمة افضل من الانبياء
فيلزم ان يكونوا افضل من الخاتم، وهذا خلاف نص القرآن الكريم، اذن ما معنى
الافضلية هنا، بودي هذه النقطة يلتفت اليها المشاهد الكريم جيداً، لانه انا
استمع الى بعض الكلمات على الفضائيات او بعض المواقع اجد بيني وبين الله
الاشتباه في هذه النقطة. اخواني الاعزاء لا نقول ان كل إمام افضل، ان مقام
الإمامة مطلقاً افضل من مقام النبوة والرسالة، هذا لم يقل به القرآن ولا
يعتقد به انسان متدبر في هذه الحقائق، وانما المدعى والدعوى التي ندعيها،
ان شخصاً واحداً كابراهيم الخليل عندما اعطي مقام النبوة والرسالة والإمامة
اذا قايسنا بين هذه المقامات الثلاثة؟ الإمامة، اذن الإمامة افضل من
النبوة والرسالة في شخص ذلك الانسان لصاحبها لا بالمقايسة الى غيره، هذه
نقطة مهمة، اذن هذه القضية لابد ان يلتفت اليها نعم، الآن ممكن ان يقول لنا
قائل سيدنا انتم الذين تقولون بافضلية ائمة اهل البيت على الانبياء
السابقين، كيف توجهون هذا بحثه ان شاء الله تعالى بعد ذلك سنعرض لهذه
المسألة. المحور الرابع المهم في هذه الآيات، ان هذه الآيات ذكرت ان
الإمامة موجودة ومنحصرة في ذرية ابراهيم، لان الآية المباركة قالت {وَمِنْ
ذُرِّيَّتِي}، الله (سبحانه وتعالى) قبل هذا الدعاء من ابراهيم، هذا الطلب
من ابراهيم الخليل، عندما طلب ابراهيم انه هذه الإمامة منحصرة فيّ توجد في
غيري ام لا توجد، واريد ان طلبي ان تكون أين؟ من ذريتي، الله (سبحانه
وتعالى) قبل هذه الدعوة، قبل هذا الطلب الابراهيمي قال نعم، هي في ذريتك،
ولكنه بشرط ان لا يكون من الظالمين، هذه نقطة اساسية من هنا يأتي هذا
السؤال وهو انه ذرية ابراهيم منقطة او متصلة، من الواضح انها ذرية ابراهيم
متصلة {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} وشواهد كثيرة، اذن
الإمامة ستبقى مستمرة في عقب ابراهيم، ومن هنا نصل الى حقيقة اخرى وهي ان
الإمامة مستمرة وليست منقطعة.
سالم جاري: لان العقد مستمر، الذرية مستمرة وفقط يشترط فيها عدم الظلم؟
سماحة
السيد كمال الحيدري: اذن ماذا يكشف لنا ذلك ان شاء الله سوف نقف بعد ذلك.
المحور الخامس، ما اشرت اليه هذا ما اشار اليه الإمام الرضا (سلام الله
عليه) كما قرأنا في بعض الروايات واحاول ان اقرأ الرواية. المحور السادس
الذي لابد ان نقف عنده وهو انه هذه الآيات عرضت بشكل واضح لشرائط الإمامة
ولموانع الإمامة، اما موانع الإمامة فهي الظلم، قالت {لَا يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ} وهذا مما ينبغي ان نقف عنده طويلاً، ما هو المراد من الظلم
الذي يمنع الانسان ان ينال مقام الإمامة الابراهيمية التي وصل اليها
ابراهيم الخليل، اما الشرائط الاثباتية، الشرائط ما هي؟ الشرائط هو ان يكون
وصل الى مقام اليقين على مستوى الاعتقاد والايمان وان يصل على مقام الصبر
على مستوى العمل، يعني في البعد الايماني لابد ان يكون وصل الى مقام
اليقين، وفي البعد العملي لابد ان يصل الى مقام الصبر، ولذا تجدون الآية من
سورة السجدة هكذا عبّرت قالت {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا (هذا البعد العملي) وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا
يُوقِنُونَ} الآن ما هو الصبر في القرآن، ما هو اليقين في القرآن، ما هو
الذي لابد ان نعرض له، الآن فقط كما قلت انه هذه عناوين البحث حتى ان شاء
الله نعرض لها في المستقبل. المحور الاخير الذي لابد ان يشار اليه وهو انه
ما هي مسؤوليات الإمام، مسؤوليات الإمام اشارت الآيات المباركة في موضعين
انهم يهدون بامرنا، وهذه الهداية لابد ان نقف عندها جيداً، ما هي هذه
الهداية لماذا ان القرآن الكريم قيّد الهداية المنصوص عليها والمرتبطة
بمسؤولية الإمام ايدها بكونها بامرنا، قد يقول قائل ان كل هداية انما هي
بامر من؟ بأمر الله، لماذا عندما جاء الى الانبياء والمرسلين لم يقل انهم
يهدون بأمرنا، لماذا قيّد الإمامة قال {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}، هذا اي أمر
في القرآن، ولماذا قيدت في الامر الالهي، هذا البحث سوف يجرنا ان شاء الله
تعالى الى بيان اقسام الهداية اولاً وهي ما هي اقسام الهداية في القرآن،
الهداية الفطرية، الهداية التشريعية والهداية المختصة بالإمام هل هي نفس
الهداية الفطرية والتشريعية ام انها هداية بشيء آخر، جزاكم الله خيراً،
الآن عندما ترجعون انتم طبعا هذه الآية مسألة الهداية واقعاً العجيب في
القرآن الكريم انه عندما يأتي الى مسالة الهداية يقول {أَفَمَنْ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ
يُهْدَى} هذه المقابلة الله (سبحانه وتعالى) قابل بين صنفين، قال هناك صنف
يحتاج الى هداية الغير.
سالم جاري: لان اصل (يهدّي) يهتدي.
سماحة
السيد كمال الحيدري: احسنتم، امن لا يهدّي إلا ان يهدى، هذا صنف، بقرينة
هذا الصنف يتضح ان الصنف الاول مهتدي بنفسه او مهتدي بغيره.
سالم جاري: لانه لا يهدي الا ان يكون مهتدياً بنفسه.
سماحة
السيد كمال الحيدري: لان الآية اوجدت مقابلة وبقرينة المقابلة تعرف
الاشياء باضدادها، عندما جعلت هذا القسم {أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ
يُهْدَى} يعني ام من لا يهتدي الا ان يهتدى من قبل غيره قالت هذا لا يتبع،
وانما يتبع القسم الاول، من هو القسم الاول؟ لابد ان يكون مهتدي بنفسه،
وهي من اعاجيب الآيات القرآنية ومن لطائف ومن ادق الآيات القرآنية في بيان
مقام هداية الإمامة، وهو انه ان تكون هذه الهداية ان الهادي يكون مهدياً
بنفسه لا ان يكون مهتدياً بغيره وانا اتصور ان هذا الآية لو دققنا النظر
فيها لوجدنا بأنه كثير ممن يدعي الإمامة يستحقها او لا يستحقها؟ لا
يستحقها، لماذا؟ لانه مهتدي بغيره، وان كان مهتديا حقا ولكنه مهتدياً
بغيره، لان الآية قالت {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ
يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ
تَحْكُمُونَ}.
سالم جاري: احسنتم، غابت عنكم الحكمة.
سماحة السيد كمال الحيدري: واقعاً غابت الحكمة، عندما تجدون انساناً مهدياً بنفسه يعني مهدي بذاته بنفسه.
سالم جاري: مجعول جعل، الهداية فيه قد جعلت جعل.
سماحة
السيد كمال الحيدري: جزاكم الله خيراً، يعني انه هذا الانسان لا يحتاج الى
الوسائط المتعارفة لكي يهتدي وانت عندما تضع يدك على كل من جاؤوا بعد
الرسول (صلى الله عليه وآله)، جاؤوا وادعوا الهداية والإمامة والخلافة اذن
كانوا مهتدين ببركة هداية النبي (صلى الله عليه وآله)، فيكون مهدياً بالغير
مع ان الآية تقول الذي يهتدي لابد ان يكون مهدياً بنفسه، اذن لا تنطبق
عليهم الآية، ولا يستحقون الاتباع ولا يستحقون الانقياد.
سالم جاري: ولذا كانوا يفزعون الى النبي والى اهل بيته من بعده، احسنتم.
سماحة
السيد كمال الحيدري: اذن نحن لابد في هذه المحاور السبعة التي ان شاء الله
تعالى نحاول في الحلقات القادمة نقف عند هذه المحاور.
سالم جاري:
احسنتم كثيراً، جزاكم الله خيراً، سماحة السيد الحمد لله بان الحق لذي
عينين في المحاور التي تفضلتم بايضاحها وتفصيلها، ولكن يبقى سؤال آخر هل
هناك محاور فرعية تتفرع على هذه المحاور ام ان الكلام يقف عند هذه المحاور
الرئيسة؟
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع انا حاولت في هذه
المحاور التي اشرت اليها ان اشير الى المحاور الاساسية والاصلية والا
القرآن الكريم عرض بالاضافة الى هذه المحاور عشرات المحاور الفرعية التي
تكون هذه المحاور الاصلية، على سبيل المثال الإمام لابد هذا الإمام الذي
اشرنا اليه، لابد ان يكون افضل الخلق فقد يقول قائل ما العلاقة؟ الجواب
لانه اذا كان هناك من هو افضل منه لكان مهدياً به، مع ان القرآن يقول لابد
ان يكون مهدياً بنفسه لا بغيره، فلو وجد من يفوقه فضلاً او يفوقه علماً او
يفوقه عملاً، تقوى، زهدا، لما كان هو الإمام كان ذاك الإمام، اذن هذه
المحاور تثبت لنا ان هذا الانسان الذي جعل إماماً لابد ان يكون هو الافضل
مطلقاً، لا اقل في زمانه، وإلا لو وجد من يفوقه فضلاً وعلماً وتقوى وعملاً
لما كان مهدياً بنفسه، وانما مهدياً يعني لاحتاج الى غيره. من الابحاث
المحورية التي تترتب على هذه المحاور هي مسألة العصمة وهو انه لابد ان يكون
معصوماً وإلا اذا لم يكن معصوماً كيف يمكن ان يكون هادياً لغيره، وهل يعقل
ان يكون الانسان ولو المعرض للخطأ لا اقول المعرض للمعصية، المعرّض يعني
هو لا يعصي الله عمداً ولكن قد يخطأ، قد يشتبه، قد ينسى، قد يسهو، لو جاءت
هذه ايضاً لما كان هو الافضل مطلقاً، ولا يمكن ان يكون هادياً بامرنا كما
نص القرآن الكريم، اذن المحاور الاخرى مسألة العصمة. من المحاور الاخرى
التي ستتضح ان شاء الله لاحقاً الشهادة على الاعمال وهو انه لابد ان يكون
شاهداً على اعمال الخلائق لان القرآن الكريم نص على هذه الحقيقة {يَوْمَ
نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} ولازم الشهادة على الاعمال هو
الاطلاع الكافي على اعمال الخلائق وإلا كيف يشهد على الخلائق وهو لا يعلم
اعمالهم ولا يعلم ايمانهم واعتقادهم ونحو ذلك، اذن هناك عشرات المحاور
الفرعية الاخرى يمكن استنباطها واستنتاجها من هذه المحاور السبعة التي
اشرنا اليها.
سالم جاري: احسنتم كثيراً. قبل الانتقال قبل المحور
الآن خطر ببالي سؤال يتعلق بما تفضلتم وجزاكم الله تعالى كل الخير على هذا.
القرآن يقول {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} والناس حتماً لا
يستطيعوا ان يتصرفوا بالارض الا بما مكنهم الله تعالى لان الجعل الهي وليس
لهم الذين جعلوا الارض، وكذلك جعل الإمامة، فهل لم ان يتصرفوا بالإمامة إلا
بقدر المنفعة التي جعلها الله تعالى لهم في ان ينتفعوا بالإمام لا ان
يتصرفوا فيه كما يشاؤون.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه كانت مداخلة دكتور ام انها تساؤل.
سالم جاري: اريد ان اسألكم.
سماحة
السيد كمال الحيدري: الجعل في القرآن الكريم له عدة مواقع، يعني نحن عندنا
جعل في القرآن جعل مرتبط بالامور التكوينية، وعندنا جعل مرتبط بالامور
التشريعية، {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ} فهنا الجعل ليس جعلاً تشريعياً
وانما هو جعل تكويني، {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} هذا الجعل
ليس جعل تشريعياً اذن لابد نحن من سياقات الآيات نستكشف ان الآية المباركة
تتكلم عن الجعل التكويني المرتبط بنظام التكوين او انها تتكلم بالجعل
الشرعي او التشريعي المرتبط بمحل كلامنا {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ
إِمَامًا}، فاذا كان مرادكم ان هذه الآية تتكلم عن اي نحو من انحاء الجعل؟
الجواب تتكلم عن الجعل التشريعي، يعني تريد ان تقول ان الإمامة مجعولة من
قبلي، كيف اننا ذكرنا في الحلقة السابقة انه الانسان بلغ من العلم ما بلغ،
وبلغ من التقوى ما بلغ، وبلغ من مستوى الزهد والتقوى ما بلغ هذا لا يجعله
نبياً او رسولاً، لان النبوة والرسالة منصب الهي تحتاج الى جعل من قبله
(سبحانه وتعالى) وهو جعل تكويني، الإمامة ايضاً على حد ذاته.
سالم
جاري: احسنتم كثيراً، جزاكم الله خيراً. طيب هنا ايضاً سماحة السيد يرد
سؤال انتم ذكرتم اربع آيات وهي واضحة، قد يقول القائل لو كانت الإمامة بهذه
الدرجة لماذا حصرت في اربع آيات ولم تذكر مثلاً في اكثر من هذه الآيات،
كيف تجيبون عن هذا السؤال.
سماحة السيد كمال الحيدري: سؤال جيد،
وحاول البعض ان يتساءل انه اذا كانت الإمامة بهذا القدر من الاهمية وانها
ركن من اركان الإيمان لماذا لم يعتن بها القرآن الكريم. في الواقع اريد ان
اجيب على هذا السؤال باتجاهين، الاتجاه الاول لو سلمنا انه القرآن الكريم
لم يعرض لمسألة الإمامة إلا في هذه الآيات الاربع، هذا لا يضير المنطق
القرآني، لماذا؟ لاننا نحن نجد ان هناك قضايا لا تقل اهمية عن الإمامة ولم
يعرض لها القرآن الكريم إلا لمرة واحدة، على سبيل المثال مسألة الكرسي، آية
الكرسي والكرسي في القرآن {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}
لم يرد الكرسي وموقع الكرسي ودوره في تدبير العالم إلا في مورد واحد في
القرآن. مسألة الخلافة الالهية قال {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}
هذه لم ترد في موضع آخر من القرآن، ولكنه عندما تأتي الى قصة موسى مثلاً
تجد انها في عشرات الموارد جاءت في القرآن اذن لا ينبغي ان نحاكم القرآن او
نقول للقرآن لماذا هذا الموضوع المهم جاء في مورد واحد وهذا الموضوع الذي
يقل عنه اهمية جاء في عشرين مورد او ثلاثين، هذا منطق القرآن والله هو
المتكلم وهو الاعرف بحكمة ذلك، هذا اولاً. وثانياً نحن لا نوافق على انه
الآيات التي عرضت لمسألة الإمامة تنحصر في هذه الآيات الاربع التي اشرنا
اليها، لانه نحن انما قرأنا هذه الآيات المباركة لبيان محاور البحث، وإلا
كونوا على ثقة وسيتضح ان شاء الله تعالى من خلال الابحاث اللاحقة بشكل
تفصيلي سيتضح بانه كل محور من هذه المحاور التي اشرنا اليها هناك العشرات
من الآيات التي عرضت لذلك المحور، على سبيل المثال اذكر لكم، نحن عندما
نأتي الى مسألة الهداية {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} تجدون ان عشرات الآيات
القرآنية تكلمت عن الهداية واقسام الهداية ودور الهداية في حياة الانسان،
اذن القضية ليست قضية واحدة هنا عشرات بل مئات من الآيات داخلة ضمن هذه
المجموعة التي اشرنا اليها. يعني عندما نأتي الى مسألة الظلم ما هي حقيقة
الظلم في القرآن، ما هي اقسام الظلم، ما هي مراتب الظلم، هل اظلم فقط ينقسم
منحصر في البعد العملي او يوجد في البعد الايماني والعقدي، هذه كلها آيات
عرضت لها هذه الحقيقة، مسألة اليقين، حق اليقين، علم اليقين، عين اليقين،
مراتب اليقين، آثار اليقين، القرآن الكريم في سورة الانعام يقول
{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} ما هي العلاقة بين الرؤية ملكوت السماوات
والارض وبين ان الانسان يصل الى مقام اليقين، {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ
عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} ما هي العلاقة بين علم اليقين
وبين رؤية الجحيم، الآن فعلاً ليس سترون الجحيم، اللام لام التأكيد، كلا
لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم الآن، ليس بعد ذلك سترون الجحيم، اذن
هناك العشرات من الآيات، اذن نحن لا نوافق المقولة التي تقول اذا كانت
الإمامة بهذه الدرجة من الاهمية لماذا لم يؤكد عليها القرآن الكريم؟ الجواب
لان القرآن الكريم أكد عليها بشكل واضح وصريح ومتعدد ولكن ضمن هذه
المجموعة من المحاور التي اشرت اليها.
سالم جاري: احسنتم كثيراً،
جزاكم الله تعالى خيراً سماحة السيد. نأخذ هذا الاتصال اذا سمحتم. معنا
الاخ ابو عبد المحسن من السعودية تفضلوا.
المتصل الاخ ابو عبد المحسن من السعودية: السلام عليكم.
سالم جاري/سماحة السيد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل الاخ ابو عبد المحسن من السعودية: تحية لكم سيدنا وتحية لجناب المقدم.
سالم جاري: حياكم الله.
المتصل
الاخ ابو عبد المحسن من السعودية: سؤالي سيدنا، في الآية التي ابتدأت بها،
ان نبي الله ابراهيم (سلام الله عليه) طلب الإمامة في ذريته الله (سبحانه
وتعالى) قال {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، كيف نفهم من هذه الآية
ان الله قبل الطلب من نبيه ابراهيم مع العلم ان الآية تقول {لَا يَنَالُ
عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، كيف نفهم ان الله (سبحانه وتعالى) قبل الطلب ولكن
بشرط ان لا يكونوا ظالمين حسب الآية الكريمة. وشكراً لكم ونسألكم الدعاء.
سالم جاري: شكراً لكم. ايضاً معنا الاخ حسن من المغرب.
المتصل الاخ حسن من المغرب: السلام عليكم سيدنا.
سالم جاري/سماحة السيد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل
الاخ حسن من المغرب: في مقام الإمامة جعل الله (سبحانه وتعالى) ابراهيم
(عليه السلام) والصفوة من ذريته، من بعد النبوة، هناك مقام آخر هو مقام
الصديقين، وقد عبّر القرآن الكريم على هذا المقام {وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}، {وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} هذا المقام
جعله الله (سبحانه وتعالى) لابراهيم والصفة من ذريته وكذلك الانبياء عبّر
القرآن الكريم في سورة الحديد {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ
أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} وقالت الآية الاخرى {سَابِقُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ
فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ
الْعَظِيمِ}، كيف تفسرون ذلك، مقام الصديقين عن مقام الصديقين مرتبط بمقام
الإمامة؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سالم جاري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. معنا الاخ عمار من العراق تفضلوا.
المتصل الاخ عمار من العراق: السلام عليكم.
سالم جاري/سماحة السيد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل
الاخ عمار من العراق: سؤالي، الشيخ مغنية يقول في كتاب الشيعة في الميزان
يقول الإمامة ليس اصلاً من اصول الدين والاسلام وانما هي اصل من مذهب
التشيع، ومكان آخر يقول هي ركن من اركان الايمان وليست ركن من اركان
الاسلام، ما مدى صحة هذه المقولة.
سالم جاري: واضح اخ عمار حياكم الله. معنا الاخ علي من العراق تفضلوا.
المتصل
الاخ علي من العراق: السلام عليكم. سؤالي الإمامة عندما عرضت على نبي الله
ابراهيم (عليه السلام) هل اختص بها النبي (صلى الله عليه وآله) يعني هل
هناك نص صريح للإمامة للخاتم (صلى الله عليه وآله) في غير سياق الآية {لَا
يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} هل هناك آية مختصة بالنبي (صلى الله عليه
وآله).
سالم جاري: واضح، حياكم الله. اذن سماحة السيد نبدأ بالاجابة ان شاء الله تعالى. السؤال الاول للاخ ابي عبد المحسن من السعودية.
سماحة
السيد كمال الحيدري: سؤال جيد، يقول كيف نفهم من الآية انه قبل الطلب من
ابراهيم الخليل، الآية واضحة الدلالة على هذه، لانه ابراهيم الخليل عندما
قال ومن ذريتي، يعني هذه الإمامة التي اعطيتني اياها ووهبتني اياها {إِنِّي
جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} هذه الإمامة موجودة في ذريتي او غير؟ وإلا
ما معنى ومن ذريتي، يعني هذه الإمامة توجد لذريتي او لا توجد لذريتي، ماذا
جاء الجواب؟ اذا كان الجواب انه لا تشمل الذرية كان يقول له كلا، الآية
المباركة اولاً بينت انه موجودة بمعنى انه هذا الطلب من ابراهيم الخليل قبل
من ابراهيم ولكنه استثني منه الظالمون {قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ
لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} يعني ومن ذريتك نعم ولكن بشرط ان لا
يكون من الظالمين، وإلا اذا لم تكن له ذرية التفتوا، ولم يكن فيها احد
يستحق لانهم كانوا كلهم ظلمة او لانه لا ذرية له كان يقول له بانه لا يوجد
في ذريتك من يستحقها، او ليست لك ذرية تستمر حتى تكون الإمامة موجودة فيها.
سالم جاري: احسنتم كثيراً وقد بينها قال {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}.
سماحة السيد كمال الحيدري: ولذا انا قلت انه ان شاء الله تعالى عندما نقف عند هذه المحاور سنوضح هذه الحقيقة.
سالم جاري: جزيتم خيراً سماحة السيد. بالنسبة للاخ حسن من المغرب.
سماحة
السيد كمال الحيدري: الحق والانصاف ان الاخ حسن من المغرب اشار الى نقطة
جيدة وهي انه القرآن الكريم كما ذكر ان ابراهيم الخليل نال مقام الإمامة
قال نال مقام الصديقية وانه من الصديقين. في الواقع انا انما اكدت على
مسألة الإمامة لانه المدرسة الاخرى مدرسة الصحابة تؤكد ان مسألة الإمامة
ليست اصلاً قرآنياً، انا عندما وقفت عند هذه القضية وإلا كما قلت انه عندنا
من العناوين عنوان الولاية، عندنا من العناوين عنوان الخلافة، عندنا من
العناوين الصديق او الصادق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} وهؤلاء الصادقون من هم؟ الذي يأمر
الله (سبحانه وتعالى) الذين آمنوا ان يكونوا معهم، اذن انا لست بصدد نفي
هذه المقامات الاخرى وانما بصدد اثبات ان هذا المقام وهو مقام الإمامة مقام
قرآني منصوب من قبل الله (سبحانه وتعالى).
سالم جاري: احسنتم كثيراً. بالنسبة للاخ عمار سماحة السيد.
سماحة
السيد كمال الحيدري: اما الاخ عمار فهذه القضية من القضايا المهمة وهو انه
اساسا هل ان الإمامة من اركان ومن اصول الاسلام ام انها من اركان ومن اصول
مدرسة اهل البيت (عليهم افضل الصلاة والسلام)، في الواقع بانه هذه المقولة
التي ينقلها عن الشيخ مغنية (رحمه الله) مقولة صحيحة، ومؤداها، انا بودي
ان يلتفت اليها الاخ العزيز، هذه الجملة ان الإمامة ليست من اصول الاسلام
لا لاننا نريد ان نقول بانها ليست من الاصول الاساسية في العقيدة، لا، هي
اصل من اصول العقيدة، لكن هناك فوارق بين الاصول العقدية والايمانية، بعض
هذه الاصول العقدية والايمانية الانسان اذا لم يعرفها او لم يؤمن بها، او
عرفها وانكرها وجحدها لا يخرجه عن الاسلام تبقى احكام الاسلام منطبقة عليه،
يعني لا يجعله كافراً، يعني انظروا الآن على سبيل المثال الذي يتظاهر في
الاسلام وافترضوا في باطنه منافق لم يؤمن بالله، هذه بحكم الشريعة وبحكم
الفقه هذا ظاهره مسلم تجري عليه احكام الاسلام، هذه المقولة انما قيلت
لبيان انه من انكر الإمامة، يعني من عرفها قامت عليه الحجة وانكرها او من
لم يعرف الإمامة هذا يبقى على الاسلام، وتجري عليه احكام الاسلام، لا لبيان
ان هذه ليست من الاصول الايمانية، لا، الإمامة تبقى من الاصول الايمانية
والعقدية ولكن ليست انكارها كانكار النبوة يؤدي الى ان يكون كافراً في هذه
الحياة.
سالم جاري: احسنتم ولذا قال {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ويبقى على اسلامه. احسنتم، في اقل من دقيقة.
سماحة
السيد كمال الحيدري: وهو انه هل توجد آية في القرآن تنص على إمامة النبي
الجواب كلا، لا يوجد ذلك، ولكن نقول عندنا نصوص في القرآن الكريم يعني نصوص
آيات قرآنية تقول لنا ان كل الكمالات الموجودة للانبياء السابقين فهي
موجودة للخاتم (صلى الله عليه وآله) وحيث ان الإمامة هي من مقامات الانبياء
السابقين فهي موجودة ايضاً لمن؟ للخاتم، اما آية صحيحة تنص على إمامة
النبي لا توجد عندنا في القرآن الكريم، نعم الروايات تنص على هذا.
سالم
جاري: ان شاء الله تعالى سيفصل في الحلقات اللاحقة اشكركم سماحة آية الله
السيد كمال الحيدري، شكراً جزيلاً على هذا الحضور، وعلى هذه المعلومات
القيمة التي قدمتموها، ايضاً اشكركم مشاهدينا الكرام شكراً جزيلاً والى
اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتــه...