طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: مفاسد التكبّر وعواقبه الوخيمة الجمعة يونيو 22, 2012 6:48 am | |
|
مفاسد التكبّر وعواقبه الوخيمة
إن هذا الخلق الذميم كما سبقت الإشارة إليه له آثار مخربة جداً وعواقب وخيمة تعرض على روح الإنسان ومعتقداته وأفكاره، وكذلك تعرض على المجتمع البشري أيضاً بحيث يمكن القول انه ليس هناك جهة من جهات حياة الإنسان الفردية والإجتماعية تقع في أمان من عواقب هذه الصفة الأخلاقية السلبية، ويمكن الإشارة إلى عدّة موارد منها فيما يلي :
1 ـ التلوث بالشرك والكفر إنّ أوّل مفسدة وأخطرها هو أن يورث التكبّر صاحبه التلوث بالشرك والكفر، فهل لكفر إبليس وانحرافه من مسير التوحيد بل حتّى اعتراضه على حكمة الله تعالى وأمره، له أصل ومصدر غير الكبر في نفس إبليس ؟ وهل أنّ الفراعنة والنمروديين وغيرهم من الأقوام الطاغية الّذين رفضوا دعوة الأنبياء كان لهم دافع غير التكبّر ؟ أنّ التكبّر لا يبيح للإنسان أن يستسلم ويذعن أمام الحقّ، لأن التكبّر والغرور هو في الحقيقة حجاب سميك على بصيرة الإنسان فيحجبه عن رؤية جمال الحقّ بل أحياناً يرى ملائكة الحقّ على شكل موجود مخيف وموحش، وهذا من أعظم الضرر الّذي يلحق بالإنسان من جراء التكبّر، ولعلّه لهذا السبب ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق(عليه السلام) عندما سأله الراوي عن أقل درجة الإلحاد فقال له الإمام «إنَّ الْكِبْرَ اَدْنَاهُ»(1).
2 ـ الحرمان من العلم والمعرفة وأحد العواقب المشؤومة للتكبّر هو أنّ الإنسان يحرم نفسه من العلم والمعرفة ويعيش حالة الجهل المركب دائماً لأن الإنسان إنّما يصل إلى حقيقة العلم والمعرفة فيما لو سعى لتحصيلها من أي شخص وأي طريق كما يبحث الشخص عن جوهرة ثمينة والحال أنّ المتكبّر لا يكون مستعداً لتحصيل العلوم والمعارف من الأشخاص الّذين يراهم دونه أو في مرتبته. الأشخاص الّذين يتحرّكون في سبيل طلب العلم والمعرفة هم الّذي يعيشون التحرر في أفكارهم من القوالب النفسانية في حين أنّ صفة الكبر والغرور لا تسمح للإنسان أن يستوعب مطلباً مهماً. ولهذا نقرأ في الحديث المعروف عن الإمام الكاظم(عليه السلام) في كلامه لهشام بن الحكم يقول : «إنَّ الزَّرْعَ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ وَ لاَ يَنْبُتُ فِي الصَّفَا فَكَذَلِكَ الْحِكْمَةُ تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتوَاضِعِ
1. اُصول الكافي، ج 2 ص 309 ، باب الكبر، ح 1.
وَلاَ تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتَكَبِّرِ الْجَبَّارِ، لاَِنَّ اللهَ جَعَلَ التَّوَاضُعَ آلَة الْعَقْلِ وَجَعَلَ التَّكَبُّرُ مِنْ آلَةِ الْجَهْلِ»(1).
3 ـ التكبّر المصدر الأساسي للكثير من الذنوب لو تأملنا في حالات الأشخاص الّذين يعيشون الحسد، الحرص، بذاءة اللسان، والذنوب الاُخرى لرأينا أنّ الأصل ومصدر جميع هذه الرذائل الأخلاقية تنشأ من صفة التكبّر، فهؤلاء لا يجدون في أنفسهم رغبة لرؤية من هو أفضل منهم، ولهذا فإنّ أيّة نعمة وموهبة وموفقية تكون من نصيب الآخرين فسوف يتعاملون معهم من موقع الحسد. إن هؤلاء ولغرض توطيد أركان حالة الفوقية لشخصياتهم فإنّهم يحرصون على جمع الأموال والثروات. ولغرض إظهار العلو على الآخرين يبيحون لأنفسهم تحقيرهم ويلوثون ألسنتهم بأنواع البذاءة في الكلام والسبّ والشتم والهتك لإشباع هذه الحاجة والنقص في أنفسهم ولإطفاء هذه النار المستعرة في وجودهم. ونقرأ في حديث عن أميرالمؤمنين قوله «اَلْحِرْصُ وَالْكِبْرُ وَالْحَسَدُ دَوَاع اِلَى تَقَحُّم الذُّنُوبِ»(2). ونقرأ في حديث آخر عن الإمام علي (عليه السلام) أيضاً أنّه قال: «التَّكَبُّرُ يُظْهِرُ الرَّذِيلَةَ»(3).
4 ـ التكبّر مصدر النفرة والفرقة إن من البلايا المهمة الّتي ترد على المتكبّرين هو الإنزواء الإجتماعي وتفرّق الناس من حولهم لأن شرف الإنسان وعزّته الذاتية لا تسمح له بالخضوع أمام الأشخاص المغرورين والمتكبّرين والانصياع لأوامرهم، ولهذا السبب فإنّ الناس وحتّى المقرّبين سوف يتحرّكون بعيداً عن هؤلاء المتكبّرين، وعلى فرض أنّ الآخرين يجدون أنفسهم مضطرين لمعاشرتهم
1. بحار الأنوار، ج 1 ص 153. 2. نهج البلاغة، الحكمة 371. 3. غرر الحكم، ح 523.
بسبب الروابط الإجتماعية وبعض الضرورات المعيشية فإنّهم يجدون في أنفسهم التنفر والكراهية لهؤلاء. ونقرأ في حديث عن الإمام أميرالمؤمنين أنّه قال : «مَنْ تَكَبَّرَ عَلَى النَّاسِ ذَلَّ»(1). وفي حديث آخر عن الإمام الصادق أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : «اَمْقَتُ النَّاسِ الْمُتَكَبِّرُ»(2). وفي حديث آخر عن الإمام علي أنّه قال : «ثَمَرَةُ الْكِبْرُ الْمَسَبَّةُ»(3). وهذا المضمون ورد أيضاً في حديث عن الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) أنّه قال : «لَيْسَ لِلْمُتَكَبِّرِ صَدِيقٌ»(4). وقال أيضاً في حديث آخر : «مَا اَجْتَلَبَ الْمَقْتَ بِمِثْلِ الْكِبْرِ»(5).
5 ـ التكبّر سبب هدر المواهب الدنيوية إن كلّ إنسان لا يكون موفقاً في حياته إلاّ إذا استطاع جذب تعاون الآخرين وانسجامهم معه من موقع توطيد أواصر المحبة والتعاون المشترك بين الأفراد، أما الشخص الّذي يعيش الإنزواء ويسلك في حياته ومعيشته الوحدة فإمّا أن يفشل في اطار المعيشة الكريمة أو يكون له نصيب قليل من الموفقية في حركة الحياة، وبما أنّ التكبر يدفع بالإنسان إلى زاوية الإنزواء والعزلة فإنّ توفيقاته في حركة الحياة الإجتماعية ستكون قليلة بالتبع. ونقرأ في حديث عن الإمام أميرالمؤمنين أنّه قال «بِكَثْرَةِ التَّكَبُّرِ يَكُونَ التَّلَفُ»(6) أي تلف وهدر عوامل التوفيق وعناصر النجاح في الحياة. ويمكن تفسير هذا الحديث بشكل آخر وهو أن يقال بأن الكثير من الحروب الدامية والنزاعات المدمرة تنشأ من حالة التكبّر والاستكبار، فالبعض يستلم زمام الاُمور في دول
1. بحار الأنوار، ج 74، ص 235. 2. بحار الأنوار، ج 70، ص 231. 3. غرر الحكم، ح 4614. 4. المصدر السابق، ح 7162. 5. المصدر السابق، ح 7167. 6. غرر الحكم، ح 7169.
العالم ويريد أن يتحكم ويتسلط على الآخرين من موقع القوّة والقدرة وهذا بدوره يكون سبباً في حصول النزاعات الدموية الكثيرة فتهدر الطاقات وتُسفك الدماء الكثيرة في هذا الطريق وتتحول الديار إلى الخراب الشامل. وأحياناً يتجلّى التكبّر من خلال القومية والعرقية حيث يرى البعض أنّهم أطهر عرقاً وأسمى قومية من الأقوام الاُخرى وهذه النظرة المتعالية تمثل أحد الأسباب المهمة للحروب طيلة التاريخ البشري. فالنظرة الفوقية والاستعلائية للجنس الآري هو أحد العلل المهمة في حدوث الحروب العالمية الّتي خلفت ملايين القتلى والمجروحين وأتلفت مليارات الثروات والأموال وخلّفت اضراراً لا تحصى.
وخلاصة الكلام أنّه : إذا درسنا الخسائر الّتي تتسبّب بواسطة التكبّر على روح وجسم الإنسان وفي حياته الفردية والإجتماعية لرأينا أنّه ليس هناك صفة من الصفات الذميمة تكون هدّامة ومخربة إلى هذه الدرجة الّتي تنتجها حالة التكبّر في الإنسان.
المصدر: الأخلاق القرآن | |
|
قمر الطفولة  
الجنس : عدد المساهمات : 23 تاريخ الميلاد : 12/08/1997 تاريخ التسجيل : 09/06/2012 العمر : 27
| موضوع: رد: مفاسد التكبّر وعواقبه الوخيمة السبت يونيو 23, 2012 3:11 am | |
| موضوع اكثر من رووعة
يسلموو ع الطرح
تحياتي | |
|