في مجاهدة النفس وبيان حدودها آية الله المشكينيقال تعالى : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ ) (1).
وقال تعالى : ( وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ) (2).
وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) (3).
الجهاد والمجاهدة :
استفراغ الوسع في مدافعة العدو ونحوه ، وهو على ثلاثة أضرب : مجاهدة العدو
الظاهر من إنسان وغيره ، ومجاهدة الشيطان ، ومجاهدة النفس وهواها ،
والجميع داخل في المراد من الآيات الشريفة. والأمر بالجهاد والحث عليه في
هذه الآيات بالنسبة إلى جهاد النفس إرشاد إلى ما يدركه العقل بنفسه ، فإن
جهاد النفس في الحقيقة عبارة عن فعل الواجبات والمندوبات وترك المحرمات
والمشتبهات ، والقيام بذلك شكر للمنعم وهو واجب عقلاً ، وتركها سبب1 ـ الحج : 78.
2 ـ العنكبوت : 6.
3 ـ العنكبوت : 69.للوقوع
في ضرر الهلكة والعذاب الأليم ، ورفع الضرر واجب عقلاً ، فالأوامر في هذه
الآيات كأوامر الاطاعة والتسليم والاتباع لله ورسوله من الآيات الكريمة
وكذا النصوص الحاثة على ذلك من السنة كلها إرشادات الهية ونبوية وولوية
يترتب على موافقتها سعادة الإنسان وعلى مخالفتها شقاوته.
والأخبار الواردة في هذا الباب عن النبي الأقدس واهل بيته المعصومين عليهم السلام كثيرة جداً.
فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سرية فلما رجعوا قال : « مرحباً
بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر ، قيل : يا رسول الله
وما الجهاد الأكبر ؟ قال : جهاد النفس ، ثم قال : أفضل الجهاد من جاهد نفسه
التي بين جنبيه » (1).
وورد : أن من جاهد نفسه عن الشهوات واللذات والمعاصي فإنما يجاهد لنفسه (2).
وأن جهاد المرء نفسه فوق جهاده بالسيف (3).
وأنه سئل الرضا عليه السلام عما يجمع خير الدنيا والآخرة ؟ فقال : خالف نفسك (4).
وأن من جاهد نفسه وهزم جند هواه ظفر برضا الله (5).
وأنه لا حجاب أظلم وأوحش بين العبد وبين الرب من النفس والهوى (6).
وأن أحمق الحمقاء من اتبع نفسه هواه (7).
1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص65 ـ مجمع البحرين : ج2 ، ص68 ـ الفصول المهمة : ص328.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص65.
3 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص68.
4 ـ الفقه : ص390.
5 ـ المحجة البيضاء : ج8 ، ص170 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص69 ـ مستدرك الوسائل : ج11 ، ص139.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص69.
7 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص70.وأنه ما حبس عبد نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة (1).
وأن رجلاً اسمه مجاشع قال : يا رسول الله كيف الطريق إلى معرفة الحق ؟ قال
صلى الله عليه وآله وسلم : معرفة النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى موافقة
الحق ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : مخالفة النفس ، فقال : فكيف الطريق
إلى رضا الحق ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : سخط النفس ، فقال : فكيف
الطريق إلى طاعة الحق ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : عصيان النفس ، فقال :
فكيف الطريق إلى ذكر الحق ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : نسيان النفس ،
فقال : فكيف الطريق إلى قرب الحق ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : التباعد
عن النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى اُنس الحق ؟ قال صلى الله عليه وآله
وسلم : الوحشة عن النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى ذلك ؟ قال صلى الله عليه
وآله وسلم : « الاستعانة بالحق على النفس » (2).1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص71.
2 ـ عوالي اللئالي : ج1 ، ص246 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص72 ـ مستدرك الوسائل : ج11 ، ص138.المصدر : دروس في الأخلاق – آية الله المشكيني