إذن من هنا نصل إلى قاعدة أساسية في تقييم الصحابة، التفتوا جيداً إلى
هذه القاعدة، نحن نعلم أن من أهم الموارد التي وقع فيها الخلاف بين مدرسة
أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام وبين الاتجاهات الأخرى في الصحابة هو
أنه على أي ميزان نقيم الصحابة، هل أن الصحابة جميعاً رضوان الله تعالى
عليهم، صلوات الله تعالى عليهم مطلقاً، أو أنه لابد أن نميز بين بعض
الصحابة وبعض. كتبت هناك كتب متعددة ميزت بين الصحابة، قالت أن بعض الصحابة
عدول وبعضهم غير عدول، وذهب اتجاه آخر يعتقد أن جميع الصحابة عدول وأنا
اعتقد من الناحية المنهجية أنه يوجد هناك بحث آخر لم يعرض له جملة من
الاعلام الذين كتبوا في هذا المجال وتحدثوا وهو أنه قبل أن نصل إلى معرفة
أن هذا الصحابي هل هو عادل أو هو فاسق لابد أن نتعرف عليه أنه مؤمن أو
منافق، قبل الوصول إلى معرفة عدالته وفسقه، لأن العدالة والفسق فرع
الإيمان، يعني المؤمن قد يكون عادلاً إذا التزم وقد يكون فاسقاً إذا عصى،
فالعدالة والفسق إن صح التعبير مقسمهما إيمان الصحابي، إذا ثبت أن الصحابي
مؤمن نسأل هل أنه مؤمن عادل أو مؤمن غير عادل، يعني فاسق، وعنده معاصي،
يشرب الخمر مثلاً. ولكن قبل أن يثبت إيمان الشخص لا معنى أن نسأل عن عدالته
وعن فسقه، وهو كذلك، يعني أنت لا تسأل عن الإنسان غير المؤمن بالإسلام
وغير المسلم لا تسأل أنه مؤمن أو فاسق، لا معنى له؛ لأنه لابد أن يثبت أنه
مسلم، مؤمن، دخل الإيمان في قلبه (وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي
قُلُوبِكُمْ) إذا دخل الإيمان في القلب عند ذلك نسأل أن هذا ملتزم بالضوابط
الشرعية فيكون عادلاً، إن لم يكن ملتزماً بالضوابط الشرعية يكون فاسقاً.
إذن نحن نعتقد وأنا اعتقد بأن المسألة الأولى، الضابطة الأولى، القاعدة
الأولى لتمييز الصحابة نستطيع أن نستفيده من هذا الحديث وهو أننا أولاً
لابد أن نعرض الصحابة جميعاً نعرضهم على الميزان الذي قاله رسول الله (لا
يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) فإن كان محباً لعلي والحب ليس قضية
قلبية، نعم هو في القلب ولكن له آثار عملية وسلوكية في الخارج. فإذا كان
مؤمناً عند ذلك نبحث عن عدالته وفسقه، إما إذا كان ليس مؤمناً فلا معنى
للسؤال عن عدالته وفسقه, ومن هنا القاعدة الأولى هو أن نتعرف على الصحابة
ونميز الصحابي المؤمن عن الصحابي المنافق، ببركة هذه القاعدة التي ذكرها
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا
منافق، هنا يأتي السؤال وهو أنه ماذا تفعلون أنتم في الآيات التي تكلمت عن
المهاجرين والأنصار أو تكلمت (والذين معه) يعني كل من كان مع رسول الله،
ولم تميز بين مؤمن ومنافق، هذا البيان الذي تشيرون إليه، وهذه القاعدة التي
تشيرون إليها مخالف لنص القرآن الكريم.
في الواقع في هذه الليلة أريد أن أقف، لأنه كثرت الأسئلة في المواقع وفي
الاتصالات المباشرة أنه سيدنا لماذا لا تتكلمون عن مسألة الصحابة وعدالة
الصحابة، أخواني الأعزاء قبل بحثي في عدالة الصحابة لابد أن نبحث عن إيمان
الصحابة ونفاقهم، ما هو ضابط الإيمان والنفاق اتضح. السؤال المطروح هنا وهو
أن الآيات القرآنية التي تكلمت عن المهاجرين والأنصار وتكلمت عن الذين
الله تاب عليهم، رضي الله عنهم، وتكلم عن أولئك الذين بايعوه تحت الشجرة
وغير ذلك، هل ينطبق عليها هذا الضابط الذي أشرنا إليه أو لا ينطبق عليها
هذا الضابط، هنا أحاول أن أعرض لمجموعة من الآيات في هذا المجال.
الآية الأولى: ما ورد في (سورة الفتح الآية 18) - طبعاً المشاهد الكريم
لابد أن يلتفت أن مجموعة من الفضائيات عادة يقرءون هذه الآيات ويحاولون أن
يوهموا المشاهد الكريم أن الصحابة جميعاً تنطبق عليهم هذه الآيات المباركة-
قال تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ
يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) إذن الآية المباركة لم تقل لقد رضيت عن
الصحابة، عن المهاجرين والأنصار مطلقاً، رضيت عن المؤمنين، إذاً لابد أن
نعرف إيمان هذا الشخص أولاً حتى تنفعه البيعة ثانياً، أما إذا كان منافقاً
وبايع تحت الشجرة، فهو هو داخل في الآية المباركة (فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً
قَرِيباً) الجواب: كلا، لأن هذه الآية رضا الله عن المؤمنين لا رضا الله عن
كل الصحابة مؤمناً كان أو منافقاً. عادلاً كان أو فاسقاً، لا ليس الأمر
كذلك، فالآية المباركة تقول لنا أن الصحابي المؤمن إذا بايع رسول الله تحت
الشجرة فله، أما فلان الذي بايع تحت الشجرة هل هو مؤمن أو لا؟ لا يمكن أن
نستفيده من الآية المباركة ولابد أن نعرضه على الميزان الذي وضعه رسول
الله، قال (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) هذه هي الآية الأولى.