قبل أن اشير إلى معرفة هذا السند، بودي أن المشاهد الكريم أن يتعرف على
مؤلف هذا الكتاب هو علي بن محمد الحميري، ترجمة هذا الرجل جاءت في (سير
أعلام النبلاء، المجلد 15، ص13) قال: الحميري الإمام الفقيه العلامة قاضي
الكوفة أبو الحسن علي بن محمد بن هارون الحميري الكوفي الحافظ. إذن هذا
الرجل يعد من الأعلام ومن الحفاظ ومن الأئمة، الإمام الفقيه العلامة.
إذا
كان الأمر كذلك فأنا بودي ولو لدقائق أن أقف عند سند هذا الحديث، لنرى بأن
هذا الحديث سنده هل يوجد فيه إشكال أو أن سنده تام لا يوجد فيه أي إشكال.
هذا السند فيه الأشخاص التالية اسمائهم. الشخص الأول هو هارون بن إسحاق،
وهو كما يقول في كتاب (الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، ج3،
ص230) للحافظ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق فريد عبد
العزيز الجندي، دار الحديث، القاهرة، ولا إشارة إلى رقم الطبعة. هنا فيما
يتعلق بهارون بن إسحاق، هذه عبارة الذهبي، يقول: هارون بن إسحاق الهمداني
الكوفي، حافظ عن أبي عيينة، ومعتمر، وعنه الترمذي والنسائي، وابن ماجه،
وابن خزيم، والمحاملي، ثقة متعبد. إذن الأول هو هارون بن إسحاق الهمداني
وهو ثقة متعبد.
الشخص الثاني الموجود في السند هو سفيان بن عيينة كما
جاء في (تقريب التهذيب، ص395) للحافظ ابن حجر العسقلاني، تقديم بكر بن عبد
الله، دار العاصمة للنشر والتوزيع، النشرة الأولى والثانية، الطبعة الأولى
والثانية، 1423هـ،، هكذا يقول عن هذا الإنسان وهو سفيان بن عيينة، بودي أن
المشاهد الكريم يلتفت: يقول: سفيان بن عيينة بن ابي عمران ميمون الهلالي،
أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة. وأنا لا أتصور أن
يوجد تقييم أكبر من هذا التقييم، ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة. نعم، إلا أنه
تغير حفظه في آخر عمره، وكان ربما دلس لكن تدليس على الثقات، وفي هذا النص
لا يوجد تدليس, لأنه كثيراً ما ينقل عن الزهري وهذا المعنى موجود في
الصحاح. إذن حتى لو فرضنا وجود التدليس فتدليسه عن ثقة، إذن لا يؤثر على
صحة الحديث وحسنه، هذا فيما يتعلق بالراوي الثاني وهو سفيان بن عيينة.
الثالث،
هو الزهري، في نفس الكتاب يعني المحقق هو إبراهيم البعيمي هكذا يقول: هو
أبو بكر محمد بن مسلم أبو عبيد ابن عبد الله بن شهاب الزهري، القرشي، ثقة،
حافظ، متقن، حجة. هذا هو الشخص الثالث في هذا السند. وهو ثقة، حافظ، وحجة.
الشخص
الرابع الذي يوجد في الحديث عن يزيد بن خصيفة، يزيد بن خصيفة كما يعرفه
يقول: ينسب إلى جده الكندي ، في (جزء علي بن محمد الحميري، ص97) يقول: ثقة،
وثقه أحمد ويحيى بن معين والنسائي وأبو حاتم وابن سعد وابن حجر وابن حبان.
كل الأعلام، أعلام الجرح والتعديل أيضاً وثقوه.
الشخص الخامس في السند
هو بسر بن سعيد، الذي أيضاً في (تقريب التهذيب ص166، رقم الترجمة 672) قال:
بسر بن سعيد المدني، العابد، مولى ابن الحضرمي، ثقة، جليل، هؤلاء هم السند
وبعد ذلك يأتي عن أبي سعيد الخدري، وهو من كبار صحابة رسول الله (صلى الله
عليه وآله).
إذن النتيجة التي ننتهي إليها من هذا النص أن هذا النص تام
من حيث السند، يعني لا يوجد أي مجال للتشكيك في صحة هذا السند، فهذا السند
على مباني أعلام الجرح والتعديل، إما صحيح وإما إذا كان فيه خدشة من جهة
أنه سفيان بن عيينة قد يدلس عن الثقات، فلا يكون إلا حسناً، ولا يمكن
التنازل عن قبول هذا الحديث، إما على مستوى أنه صحيح وإما على مستوى أنه
حسن.
إذن هذا الحديث وبهذا اللفظ وبودي أن المشاهد الكريم يلتفت بشكل
واضح وصريح أقرأ النص مرة ثالثة يقول: (ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول
الله (صلى الله عليه وآله) إلا - وهنا حصر، فعندما يقول في اللغة إلا
فيفيد الحصر، يعني أن الطريق الذي كنا على أساسه نميز صحابة رسول الله أي
منهم مؤمن وأي منهم منافق إنما ننظر إلى حبهم لعلي أو بغضهم لعلي- ببغض
علي). إذن حب علي وبغضه كان هو الميزان لتمييز صحابة رسول الله (صلى الله
عليه وآله) من حيث الإيمان والنفاق، وسأقف عند هذا إنشاء الله تعالى بعد
ذلك، وسيتضح للمشاهد أن الميزان الأول لتمييز الصحابة لابد أن نعرف أن
الصحابي مؤمن أو منافق فإذا ثبت أنه مؤمن عند ذلك نسأل أنه عادل أو ليس
بعادل، يعني عادل أو فاسق، وهذا مع الأسف الشديد هو الخطأ المنهجي الذي
نجده في كل الكتب في عدالة الصحابة من هذه المدرسة أو من تلك المدرسة،
مباشرة يدخلون في بحث عدالة الصحابة وفسق الصحابة، مع أنه يوجد بحث أسبق من
هذا وهو أنه أساسه ما هو الدليل أن هذا الصحابي مؤمن فإذا ثبت الإيمان
وإلا (وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فقط أسلموا بألسنتهم
وإلا بقلوبهم لم يؤمنوا بذلك. إذن أول أمر وهو هذا، وسنتكلم عنه تفصيلاً في
نتائج هذا الحديث المبارك وهو (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا
منافق) وهنا يقوله صحابي على مستوى أبي سعيد الخدري يقول: (ما - نفي- كنا
نعرف المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ببغض علي). فهو
كان الميزان لتمييز مؤمني الصحابة عن منافقيهم.