طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: ثلاث من رذائل الأخلاق الأربعاء أغسطس 31, 2011 6:11 am | |
| ثلاث من رذائل الأخلاق
نقل لي سماحة السيد عبد الحميد الأصفهاني، حفيد المرحوم آية الله العظمى السيد أبي الحسن الأصفهاني - المتوفى في سنة 1365 من الهجرة-: أن آية الله عبد النبي العراقي رحمه الله، نقل للمرحوم آية الله حجّت رحمه الله:
أنه لما كنت في النجف الأشرف، لم أكن أميل إلى السيد الأصفهاني، وذلك تأثراً بالكلام الذي كان ينشره عليه مخالفوه، وكنت في ذات الوقت أرى نفسي أعلم منه ومن غيره، فلما كانت تعترضني معضلة علمية، ولم أستطع حلها كنت أستنكف من الاستعانة بأحد والسؤال منه، حتى اجتمعت لديَّ عشرة أسئلة من أعقد المسائل العلمية في الفقه، فلم استوعب حلها.
وسمعت يوما أن رجلاً من المروّضين الهنود قدِم إلى النجف، فسألت عنه حتى ألتقيه، لأطلب منه إن كان يتمكن من إعطائي طريقة للقاء برجل صعب اللقاء، وكنت أقصد اللقاء بالإمام الحجة (ع)، لأطرح عليه أسئلتي، ولأختبر المروّض في نفس الوقت..فعلّمني المروّض شيئاً قال: اذهب إلى الصحراء وافعل كذا، فإن أول من يأتيك هو الذي تريده.
فانطلقت إلى صحراء قريبة من النجف، وعملت بما قاله المروّض، فوقعت عيني من بعيد على رجل قادم، فلما وصل إليَّ رأيت عليه عمامة خضراء، ساطع الوجه وكان قد تخيّل لي أن كل خطوة يخطوها تساوي عدة خطوات من خطواتنا نحن..سلّم عليَّ وقال: ماذا تريد مني؟..
قلت له من غير انتباه: أنا لا أريدك، إذهب وشأنك!..
قال: أنت طلبتني أنا.
قلت: لست أنت المطلوب!..
لم أكن في تلك اللحظات أعرف معنى كلامي، وكنت لا أتوقعه الإمام الحجة (ع)، فتركني ومشى، فجأة تذكرت كلام المروّض: أن أول من يأتيك هو ذاك الذي تريده، فنهضت بسرعة وأخذت أركض خلفه وأناديه: قف يا مولاي!.. أنا أريدك أنت.
ولكنه لم ينظر إليَّ، فكما قلت أن خطوة منه كانت تساوي في تخيلي خطوات مما نخطوه نحن، لذلك كلما كنت أركض خلفه لم أصل إليه حتى بعُد عني، وتعبت من اللحاق به، فألقيت نفسي على الأرض، وأنا أنظر إليه من بُعد مسافة، فرأيته دخل كوخاً، وأنا بعد استراحة يسيرة نهضت من مكاني وأخذت أمشي على مهلي باتجاه الكوخ، حتى وصلت فطرقت الباب، جاء رجل غير ذلك الذي تأكدت أنه الإمام، سألته: إن رجلاً بهذه المواصفات رأيته دخل هنا، هل يمكنني اللقاء به؟..
قال: انتظر حتى استأذن عليه.
وقفت دقائق فعاد الرجل وقال: إن سيدي ومولاي قد أذن لك بالدخول.
دخلت وكان يشعّ نوراً، فلما جلست بين يديه نسيت ما جئته من أجله، إذ استولت عليَّ هيبته، ثم بعد دقائق معدودة من سكوتي قال لي الإمام: إنني مشغول، فإن لم تكن عندك حاجة يمكنك الذهاب، فقمت مودّعاً، وما أن وضعت رجلي خارج الكوخ تذكرت أسئلتي فعدتُ طارقاً للباب، فجاء الخادم، قلت له: استأذن لي على مولاي فإني تذكرت أسئلتي..ذهب ثم عاد وقال: تفضّل.. دخلت ولكن من دون جدوى، فقد نسيت كل شيء، وهذه المرة قمت بنفسي فودّعته.. وما أن خرجت من الكوخ تذكرت أسئلتي!..
كنت في حالة غريبة جداً، قرّرت هذه المرة أن أسيطر على ذاكرتي فأدخل بسرعة وأطرح الأسئلة قبل نسيانها.. وهكذا طرقت الباب للمرة الثالثة وأنا أقول في نفسي: كيف يمكن إضاعة هذه الفرصة الثمينة التي حصلت عليها بعد سنوات من الانتظار، وماذا يكون مصير أسئلتي إن لم أحصل من الإمام على إجابتها..جاء الخادم وقال: كم مرة تدخل، ماذا عندك؟.. ألا تعلم أن الإمام مشغول بشؤون الأمة.
قلت: معذرة اسمح لي بالدخول للمرة الأخيرة، فقد كنت أنسى أسئلتي كلما دخلت عليه (روحي فداه).
قال: لقد خرج الإمام، فإن تريد نائبه استأذن عليه.
قلت: حسناً.. إستأذن عليه.
عاد بعد قليل وقال: تفضّل، دخلت وإذا هو بالمرجع الكبير السيد أبي الحسن الأصفهاني، جالس مكان الإمام الحجة (ع)..فغرقت في بحر من العجب والاستغراب الممزوج بالخجل نظراً لموقفي من السيد، إلا أن السيد الأصفهاني رحّب بي أشد الترحاب، وسألني عن أحوالي وحاجتي.
| |
|