محمد باقر الصدر ..عطاء الأنبياء وجهاد الشهداء

[color:9a40=#00f]

محمد باقر الصدر ..عطاء الأنبياء وجهاد الشهداء-سمير القريشي

2011-04-03 10:00:00

كل عظماء التاريخ ظلموا مع أنهم أحدثوا تغيرا شكل في أثره العلامة الفارقة في حياة الشعوب. وفي نقل سير المسيرة الإنسانية باتجاه جديد وضعت على طول امتداده محطات الوعي والاستقامة والعدل والكرامة والتحرر من نير كل القيود التي كبل بها الطغاة أممهم وشعوبهم ..
العظماء الخالدون قدموا لأممهم أدوات ووسائل وسبل التخلص من عبودية الإنسان للإنسان ,هذه العبودية التي اتخذت ألوان وصيغ فائقة في كثرتها وتنوعها فكانت ضمن الانجازات البشرية كذلك لكن في الاتجاه المعاكس لخط سير العظماء الصالحون ..
عظماء التاريخ ظلموا لان أممهم لم تكن قادرة على استيعاب ما قدموه من عطاء فكري ومعنوي هما بالحقيقية جوهر العطاء الواقعي فكل عطاء إلى زوال وأمد محدود آلا عطاء العقل والروح فأنهما باقيان ما بقيت الحياة ....ولعل السيد الشهيد محمد باقر الصدر عليه رضوان الله تعالى واحد من أعظم عظماء التاريخ الذين لم يستطع العالم الإنساني قد يفي حقهم ويمنحهم المكانة التي يستحقونها مع انه ..أي العالم الغربي والشرقي.. منح من هو أدنى بكثير من سماحة السيد الشهيد مكانة كبيرة ما كان ليستحقها لولا دهاليز السياسية المظلمة وأقبيتها الممتلئة بالمخططات والمكائد والمؤامرات الطامحة إلى الهيمنة والسيطرة وإقصاء كل ما هو أصيل ومنطقي على حساب الحق والحقيقية, والتي وان غيبت لعقود وربما لقرون فان انجلائها لا بد أن يشرق يوما ما..
قد يتوقع البعض أن السيد محمد باقر الصدر تعرض للظلم من البعث وأعوانه فحسب والحقيقة أن سماحته واجه من الظلم والإقصاء والتهميش ما يجعل من ظلم البعث له في أخر سلم المظالم التي وقعت على هذا الرجل العظيم ..وإذا ما أردنا أن نقيم وبصورة سريعة كيف أن العالم لا يكيل بميزانه الباطل المتغيرات السياسية على الأرض بمكيالين فقط بل أن هذا الكيل الغير موضوعي و الغير أخلاقي سياسية وخلق وفكر دائب عليها العالم الغربي ,وقفت خلفها أهداف ومصالح يرى فيها الغرب أنها السياسية الوحيدة للبقاء على رقاب الشعوب المحرومة . أنها سياسية التعتيم والإقصاء..
لقد قدم الغرب للعالم مفكرين وفلاسفة ومنظرين على أنهم قادة الفكر الإنساني لان في تقديم ما قدمهم ضمان لمصالحة واستقراره وديمومة خداعه لشعوبه وللشعوب المحرومة. بالوقت الذي عمل وبجهد كبير على إخفاء وتهميش ثلة من الفلاسفة والمفكرين الذين يعدون بحق رواد الفكر الإنساني وفلاسفة التاريخ ..
ففي تقديم شخصيات من قبيل السيد محمد باقر الصدر بصبغته الإسلامية الأصلية. وتقديمه على انه من وراد وقادة الفكر الإنساني حكم للغرب على نفسه بالفناء والزوال, وهذا يعني إن تحولا كبيرا سيطرأ على شعوب الغرب المتخمة بالمادة الصماء والملذات الزائلة وبالتالي فان تقديم شخصية بمستوى محمد باقر الصدر سيؤدي إلى ثورة أن لم تصل إلى ذروتها في سنون أو عقود فان أثرها سيأخذ مساحته المحترمة في التغير وهذا ما يخشاه الغرب ..مع أنه سرق ويسرق جهود وثمار ما قدمه علماء التاريخ المظلومون ويستخدمها في أفاقه العلمية والفكرية بعد أن يقدمها بصيغ جديدة لا تختلف بالمضمون بطبيعة الحال وان اختلفت بالهيئة والشكل ..
الأسس المنطقية للاستقراء نتاج فلسفي تعلق بأهم القضايا التي شغلت الساحة الفلسفية منذ القدم, هذا النتاج الكبير عجز عن سبر أغواره سلاطين الفلاسفة والمفكرين ويعد بحسب سلاطين المعرفة قفزة نوعية كبيرة في تكامل الإنسان العقلي أذا قدم سماحة السيد الشهيد في هذا النتاج نقدا لاذع لمدرسة الاستقراء الأرسطي السائدة منذ عشرات القرون في كل العالم وشيدت على مبانيها جل النظريات والأطروحات في شرق الدنيا وغربها ..لم يناقش سماحة السيد المنهج الأرسطي ليصحح بعض مسائله وأساليبه أو قضاياه أو يطور فيه ما يمكن أن يطور بقدر ما أخرجه من أفق الاستقراء المنطقي ليضعه في نطاق الاستنباط الذي لا تبلغ نتائجه بأي حال من الأحوال اكبر من مقدماته أن لم تكن اقل من ذلك ..وبطبيعة الحال لم يكتفي بنقد هذا المنهج وتركه دون أن يضع للأسس المنطقية للاستقراء قضاياها ومسائلها الصحيحة , ما افرزه مؤلف الأسس المنطقية للاستقراء من اثأر كبيرة انعكس على الجدل التاريخي في نظرية المعرفة والتي تعتبرا من أكثر قضايا التاريخ جدلا وتعقيدا .. فقدم سماحته المنهج الذاتي للمعرفة ليضع للاستقراء أسسه المنطقية وليقدم لمدرسة العقلاء دليلا راسخا يقوم على أن القبليات أو الأوليات لا تكفي وحدها للوصول إلى المعرفة وليقدم في ذات الوقت نقد كبير للمدرسة التجريبية التي استغنت عن العقل نظريا مع أنها لا يقوم لها أي قوام أن لم تستند على القبليات أو الأوليات .
.لكن العالم الغربي لم يقدم شيئا لهذا الفيلسوف العظيم لان في منح السيد محمد باقر الصدر جائزة كتلك الجوائز التي يمنحها الغرب لمبدعي العالم في شتى أنواع الإبداع يعد اعترافا بالدين الإسلامي العظيم الذي تقف الدنيا عاجزة عن إدراك جوانبه المتخمة بالفكر والحضارة والعلوم وسبر كل ما هو عميق وخطير ..تقديم السيد محمد باقر الصدر بهيئته الإسلامية التي قهر فيها فلاسفة الشرق والغرب يعني أن الانتماء العقائدي والديني لهذا الرجل سيكون محل نقاش وجدل وبحث وبالتالي سيصل إلى قلوب وعقول من حرم من نور الإسلام العظيم ..وبطبيعة الحال الغرب لا يريد أن يتحول الإسلام إلى قبلة تهوى أليه قلوب من يعشق الحق والحقيقية ولم يكن الغرب وحده من بذل جهدا في إخماد نور الصدر بل أن العالم الشرقي ومنه إلى وجه التحديد ألبلدان الإسلامية والعربية بذلت أضعاف ما بذله الغرب من اجل أن لا يبقى للصدر اثر وعلى ذلك وجد أعداء الإنسان وأعداء الإسلام أن طمس ارث وفكر السيد باقر الصدر واجب تفرضه عليهم مساعيهم الشيطانية ومكائدهم الخبيثة وأهدافهم الشريرة ...
وفي جانب أخر من جوانب حياة السيد الشهيد برز وبصورة جليه وواضحة نتاجه الكبير في أصلاح المؤسسة وقد تمثل هذا الإصلاح بمعالمه الكبيرة بمحورين رئيسين احدهما علمي تجسد في أعادة كتابة علم الأصول, والأخر في بناء جهاز مرجعي يليق بمتطلبات العصر الحديث دفعا باتجاه تكامل هذا الجهاز الذي مضى على وقوفه بنظامه القائم أكثر من قرنيين من الزمان ...
أما المحور الأول.. فقد تميز بظهور ما عرف بمدرسة حق الطاعة على قاعدة اشتغال ذمة المكلف والتي اختلف فيها سماحته مع المدرسة الأصولية الأخرى القائمة على قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو البراءة العقلية وهذا يعني أن جملة كبيرة من الاختلافات والمفاهيم والقواعد الأصولية والتي ينعكس الاختلاف فيها على القواعد الفقهية الأمر الذي ينعكس إلى استنباط الأحكام الشرعية والوظائف العملية وجدت طريقا لها إلى الخارج العملي ..ومرة أخرى لم يكتفي سماحة السيد بالتعليق أو التقرير آو المناقشة أو دفع الإشكالات وغير ذلك بان سماحته عمد إلى كتابه علم الأصول ضمن منهج راعي فيه قابلية المتلقي ..هذه الإعادة لكتابة علم الأصول لم تتسم بالتجديد فقط بقدر ما اتسمت في أعادة صياغة واستحداث قواعد أصولية عدت في نظر الأقدمين من المسلمات التي لا يمكن النقاش فيها ..الشيء الأخر الذي ظهر من تعمق سماحة بعلم الأصول مناقشته العلمية للقسم الأخر من إتباع أهل البيت والمتسمية بالإخبارية فهم يرفضون الدليل العقلي باعتباره احد مصادر استنباط الشرعي فما كان من سماحته آلا أن اثبت بالدليل والأثر والبرهان حجية الدليل العقلي وأهميته في عملية الاستنباط ..-
سمة التجديد شملت كل العلوم التي ولج كنهها السيد الصدر فنرى أن سماحته وضع منهج أخر للتفسير أطلق عليه التفسير الموضوعي مقابل التسفير ألتجزيئي.. تميز هذا المنهج بان مواضيعه يقتبسها من الواقع ليعرضها على القران باحثا فيها المفسر عن موقفة اتجاه هذا الموضوع أو ذاك, وهذا النهج يعطي للقران الكريم حركية كبيرة ومرجعيه أساسية في فهم المتغيرات الحادثة على الساحة وبالتالي فان القران سيكون مراقبا عمليا حاضرا في كل مفاصل الحياة ومقيما حقيقيا لما يترشح وينتج من الحركة التي تحدثها الأمة أو الفرد على حد سواء.. وبالمقارنة البسيطة يتضح مدى التباين بين المنهج التفسيري الذي لا يطمح إلى أكثر من بيان معاني وتفسير آيات القران الكريم وبين تفسير يريد أن يكون للقران حضور عملي دائم في واقع الأمة هذا لا يعني أن التفسير ألتجزيئي غير مهم بل انه يعد المقدمة الأساسية للدخول في التفسير الموضوعي ..على صعيد أخر برز الشهيد الصدر كمفكر اجتماعي فريد من نوعه حين قدم باكورة نتاجه الاجتماعي عبر محاضرات ألقيت في حوزة النجف أطلق عليها رضوان الله تعالى بعناصر المجتمع ..جاء فيها تحليل وافي ودقيق لطبيعة المجتمع وطبقاته وفصل فيها سماحته المجتمع من وجه نظر قرآنية قل مثيلها عارضا الكثير من التفاصيل المهمة التي تمس كيفية تعاطي المجتمع مع ما يواجه من مواجهات وكيفية مواجهتها بالشكل الذي أمر بها الله تعالى ونطق بها الضمير الإنساني وما تستدعي هذه المواجهة من تصنيفات للمجتمع بحسب الموقف الذي يتخذه الفرد من المواجهة .. بين سماحته كل هذا التفاصيل بعد أن قدم بيان وافي لعلاقة الإنسان مع أخيه الإنسان وعلاقته بالطليعة ثم أضاف إلى الصيغ الثلاثة المعروفة لدى علماء المجتمع صيغة رابعة تمثل في البعد الحقيقي لوجود المجتمع الإنساني المتكامل وهي صيغة الخالق جل جلاله باعتبار العلاقة معه تعالى شانه تمثل المحور الذي تدور حوله كل العلاقات الثلاثة وان عدم وجوده تعالى تعني هلاك المجتمع وموته معنويا ..وفي ذات السياق قدم سماحته للتاريخ قراءة أخرى عبر سلسلة من المحاضرات المعروفة بسنن التاريخ , مقسما فيها هذا السنن إلى ثلاث أنواع ودور الإنسان وحركته بينها وعلاقته بها وما تمثل هذه العلاقة من اثر ونتائج سلبية أو ايجابية تبعا لخط سير الإنسان في مسيرته ..أهم ما أوضحه سماحته في هذه السنن أن أثرها لا يستثني أحدا في العالم الدنيوي أكان من خلص المؤمنين أو أعتا الظالمين فلكل تحت طائلة ما تفرضه سسن التاريخ من اثر يتلاءم مع حركته الإنسان بشكل رئيس ولهذا ظهر من القراءة التي قدمها سماحته للتاريخ أن الجميع مشترك بمستقبل واحد في هذه الأرض وان للآخرة حسابها الخاص مع أن سماحته أكد أن التاريخ يفرض أن يكون ليوم القيامة نوعين من حساب نوع فردي يحضر فيه الإنسان لوحدة أمام الله تعالى وحساب أخر يحضر فيه الفرد مع أمته بصورة مجتمعة ليرى ما قدمت يداه مع ألامه أمام الله تعالى ....ثم أن سماحته قدم أطروحة الإسلام الاقتصادية فقد ظهرت أول مرة بشكلها المتكامل على يديه الشريفتين وظهرت أسس الفلسفية لهذه الأطروحة بشكل مفصل في مؤلفة المعروف بفلسفتنا ومؤلفة الأخر الموسوم باقتصادنا فكان تكامل هذه الأطروحة بكل أركانها فتحا مبينا لم يبين سماحته فيها طبيعة الاقتصاد الإسلامي وأثرة في بناء المجتمع العادل بقدر ما كانت هذه الأطروحة ضربه موجهة ردت سهام الشيوعية إلى نحرها بينما بدئت تباشر نصر الإسلام على الرأسمالية تلوح في الأفق حين منيت بأزمات كبيرة كان أخرها في عام 2009 ومازلت إلى ألان مستعرة تعصف بالعالم الغربي فقد تخلت الرأسمالية عن مقدساتها التي أمنت بها ومنها الملكية العامة فقد اضطرتها الأزمة المالية على التخلي عن أهم مبادئها التي قامت عليها الأمر الذي دعا الدول الغربية إلى تأميم الكثير من القطاعات الخاصة حتى يمكنها تجاوز الانهيار الإفلاس.. يقول سماحته ما معناه أن أصحاب رؤؤس المال والطبقة العاملة في مجتمعاتهم شكلا قطب واحد نهش ونهب وسيطر على أموال وثروات العالم الشرقي ولذلك نجحت الرأسمالية إلى حد ما على عكس الشيوعية وان كان نجاحها هذا بفعل النهب والاستعمار والاحتلال لكن نجاحها لن يستمر طويل لان الموارد التي يتعاش عليها العالم الغربي ستكون بيد أخرى غير الأيادي التي تسيطر عليها في العلم الشرقي, ولان الرأسمالية وان جعلت العامل ورأس المال بقطب واحد آلا أن هناك الكثير من الحاجات الضرورية التي سيحن لها الإنسان الغربي وحينها ستدعه هذه الحاجة الضرورية إلى الثورة ..نكتفي بهذا القدر لننتقل إلى المحور الأخر المتمثل في أصلاح سماحة السيد الصدر في المرجعية الدينية والمتجسد بسعيه إلى أنشاء المرجعية الصالحة بمقابل المرجعية الفردية ..أذا سعى عليه رضوان الله تعالى إلى جعل المرجعية قائمة في جهاز مرجعي لا يمثل فيه شخص المرجع آلا موضوعا لهذا الجهاز مع المحافظة على الشروط الشرعية في شخص المرجع الجامع للشرائط ..آن أطروحة المرجعية الصالحة أذا قدر لها النجاح فأنها ستكون الوسيلة والمخرج الكبير والواسع لمجموعة كبيرة من العقد والإخفاقات التي منيت بها المرجعية الفردية أذا أن أنها بالوقت الذي تمثل القيادة الشرعية في زمن الغيبة لكن نظامها القديم جعل منها موضعا للكثير من العقد التي انعكست على الساحة الاجتماعية والذي انعكس بدوره على شكل صراع فكري وعلمي واجتماعي وحتى سياسي في ظل غياب موقف موحد من القضايا التي تهم أمر الإسلام والمسلمين ,وبطبيعة الحال يعد ظهور هكذا تداعيات عامل من عوامل انهيار وحدة الصف الإسلامي وموقفه اتجاه الكثير من القضايا التي تواجهه ..وعلى ذلك كان مشروع المرجعية الصالحة العلاج الشافي للكثير من هذه التناقضات الخطرة أذا ما وجدت في الخارج الموضوعي من سبيل ووسيلة وقدر لها النجاح..ثم أن سماحة السيد الصدر كان ملتفتا تمام الالتفات على العقد التي ستقف في سبيل المرجعية الصالحة ولذلك وضع في طريق تحقيقها ثلاث مراحل تبدأ بالمرجعية الفردية لتمر بالمرجعية الموضوعية لتنتهي بالصالحة مع أن أصل وفكرة هذه المرجعية لم تكن وليدة لحظة زمنية بقدر ما اعتبرها سماحة السيد الصدر ضمن مسلسل حلقات تكامل المرجعية والذي مر بحسب السيد الشهيد بثلاث مراحل لكنه توقف في مرحلته الحالية أكثر مما يبغي أن يتوقف فيها ,الأمر الذي يستدعي وبشكل اضطراري إلى دفعه إلى الأمام, فبقائه على ما هو عليه يعني الكثير من المضاعفات الغير محمودة ..وليس هذا فحسب بل أن سماحته وضع للمرجعية الصالحة الخطوط العامة لعملها وأهدافها واضعا إياها في نطاق أوسع بكثير من نطاقها المعروف , مما يجعل من المرجعية مؤسسة دينيه لها عظيم التقدير والاحترام في كل العالم ومن جميع الأديان والمذاهب لأنها ستمثل مرجعية رئيسة لعدد يزيد باطراد كبير من أتباع أهل البيت صلوات الله عليهم ..
لا نريد هنا أن نقول أن سماحة السيد قد اخذ من الفاتيكان المسيحي تجربته في قيادة العالم المسيحي, لكن نقول أن المرجعية الدينية اجل وأقدس من الفاتيكان في اخذ الدور الذي يليق بها لحمل هموم الإنسان والإنسانية ..وبالفعل ابتدأ سماحته هذا المشروع الكبير لكن يد القدر لم تمهله إلى نهاية المشوار فاستشهد عليه رضوان الله تعالى وذهب مع استشهاده مشروع لو قدر له النجاح لكان للشيعية اليوم موقع آخر غير ما هي عليه اليوم ... ولنعكس أداء المرجعية الصالحة على واقع الشيعية بشكل قد تتغير فيه الكثير من المعالم التي نراها اليوم .. وبعد
لا يسع المجال أكثر من عناوين تسجل هنا وهناك في حياة هذا الرجل الإلهي العظيم ولذلك لا بد من المرور على صفحة جهاده ضد الجور والبغي والاستهتار, فجهاده الكبير صفحة مميزة في حياته الشريفة واهم ما يميزها انه عليه رضوان الله تعالى اتخذ من منهج الحسين صلوات الله عليه منهجا لجهاده ضد الجور والجائرين وضد التعسف والاستبداد والتسلط ..الأمر الذي يضطرنا إلى مناقشة جهاد السيد الصدر مناقشة موضوعية بعيدة عن مناقشة مجاهد وقف بوجه السلطة الجائرة لمجرد لوقوفه. لان في هذه المناقشة المجردة إهمال لحقبة تاريخية مهمة من تاريخ العراق بما تحمل من تجارب وعبر لا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام مع أن المفروض أن تكون حاضرة في الأذهان والقلوب والعقول والشعور على الدوام .
.كان اختيار الشهيد الصدر لمنهج الحسين علية السلام اختيارا اضطراريا فرضته تداعيات المرحلة ..الملاحظ على منهج الحسين صلوات الله عليه أن المصلح حين يفقد مجالات الصلاح الطبيعة لا يتوقف لأن الدماء تبقي وسيلته الوحيدة للإصلاح فتكون الشهادة هي مشروع الإصلاح لا لأنها الفريضة التي تجذب أليها من تخلق بأخلاق الله تعالى والقرب منه سبحانه فقط بل لأنها الوسيلة الوحيدة الباقية لإصلاح الأمة وبطبيعة الحال المعادلة في شهادة القائد ليس كمعادلة مؤمن نذر نفسه للقتل في سبيل الله .فحين يقع القائد في مفترق طرق بين أن يترك الأمة دون قيادة قادرة على اخذ زمام المبادرة وبين التضحية بالروح لأيقاظ الشعور الميت في النفوس فان الشهادة أو القتل يقدم على البقاء فلا معنى لقيادة امة ميتة ..هذه هي معادلة شهادة القادة العظماء ,وهذا المفهوم للشهادة يعد احد أهم المفاهيم وأراقها لأنه مفهوم بعيد كل البعد عن روح الانتقام أو الغضب أو محاولة جعل التضحية بالنفس سبيلا إلى الانتصار الميداني أو السياسي ..بطبيعة الحال كل مفاهيم الشهادة لها وقع معنوي في النفوس ولها أثار مهمة في تحريك أو تغير المجموعة القريبة من الشهيد وهذا الأثر يتحول إلى ثورة عارمة حين يستهدف الشهيد من شهادته هذا الأثر على وجه الخصوص, وهو بذلك لا يستهدف فئة معينة بل يستهدف كل الأمة ضحيتها وجلادها باستثناء رأس الظلم وقائدة لأنه المحور الذي يدور حوله الجلادون الصغار ..لكن السؤال المهم هو ما هي الدواعي لسلوك هذا النهج الدامي هل هي دواعي منهجية أو مزاجية أو نفسية أو هو دواعي اضطرارية وموضوعية ؟؟والجواب على هذا التساؤل سيضعنا أمام حقيقة مره وهي أن ألامه الميتة هي الداعي إلى ذلك النوع من الاصلاح الدامي ..اعتقد بان الأمة حين تصل إلى الدرجة التي تموت فيها الإرادة وروح المقاومة وتشل أعضائها عن الحركة وتسكن كيانها الجمود والتحجر والتميع وتخضع بكامل وعيها لإرادة الطغاة تاركتا له كل أهدافها وحقوقها المشروعة فان ذلك لا يترك أمام المصلحون من سبيل ألا سبيل تقديم الدماء لإحداث ردة فعل في شعور الأمة قد تفيق أو تحي من بقي فيه رمق من الحياة ...نعم استحكام أدوات التسلط والجور تؤدي إلى تميع وتحريف المفاهيم المقدسة وغير المقدسة ..واستحكام الجور يعني كذلك أن تموت الأمة معنويا. أن تقتل قتلا روحيا ..الشهيد الصدر تحدث وعبر وصرح جهارا و سرا مرارا وتكرار ,أن لكل امة اجل لكنه اجل هي التي تصنعه وتحدده.اجل لا يفرض عليها بل هي التي تسير في أليه إذا ما تخلت عن عناصر قوتها وإرادتها وكرامتها للشيطان والطغيان ..السيد الصدر لم يكن يتكلم عن موت الأمة باجتهاد شخصية أو أطروحات قابلة للمناقشة .كان رحمه الله تعالى يتكلم ويستند بكل حرف من كلامه عن موت الأمة بآية من آيات الذكر الحكيم وسيره تاريخية وواقع معاش ..وكان يؤكد عليه رضوان الله تعالى على دور ألامه في التصدي لكل من يحاول أن ينتزع حقوقها وكرامتها وحقها في العيش الكريم وهو دور طبيعي تمارسه الشعوب ,لكنها حين تتخلى عن هذا الدور تموت وتنهزم .تصبح شبح امة..وعلى ذلك هناك الكثير من المعطيات التي تؤشر على أن البعث المجرم قطع شوط طويلا في عملية أماتت الشعب العراقي وان الاصلاح السياسي أو المسلح أذا استمر بأمده البعيد قد لا يعطي النتائج المتوقعة ,ولان الشهيد الصدر كان أول من حذر من البعث وأزلامه واعتبر صدام التكريتي الخطر الأكبر على الإسلام والمسلمين وعلى العراق والعراقيين وعلى ذلك فان سماحته لم يرى بدا من اختيار نهج الحسين صلوات الله لإيقاظ الضمير العراقي الذي سكن أمام بطش وتعسف وتحريف وتظليل السلطة البعثية الكافرة فكانت شهادة الصدر عليه رضوان الله تعالى. فاضحا وكاشفا لظلم واستهتار هذه السلطة والتي لو قدر لها لمضي بمشروعها الشيطاني الفرعوني لكان العراق غير عراق اليوم من الانحراف والفجور والقشرية في الإسلام ..لقد كانت شهادة الصدر القبس الذي اتقدت منها حركات الثوار والمجاهدين في نضالها ضد البعث وكان شهادة الصدر المثل العلى للمؤمنين والمجاهدين في سبيل الله تعالى
في الختام أن سيرة وحياة وارث وتراث الشهيد محمد باقر الصدر مناهج للوعي وتغير نحو مجتمع يسوده الوعي والعدل والتكافؤ.. مجتمع محصن من الهجمات الغير أخلاقية سواء أكانت ثقافية أو فكرية أو غيرهما والتي تريد النيل من معتقدات الإسلام وأبنائه .. مجتمع محصن كذلك من الهجمات السياسية والاقتصادية التي تريد أحداث تغيرا في طبيعة المجتمع الإنساني عموما والإسلامي خصوصا فما قدمه الشهيد الصدر لم يكن منحصرا في جانب من جوانب التغير أو التجديد بقدر ما كان عطاء الصدر قراءة واعية كل الوعي لحقيقة الإسلام وأماله وطموحة وأهدافه المشروعة, وبالتالي تحولت هذه القراءة الواعية في فكر وقلب السيد محمد باقر الصدر إلى مناهج حياتية وحركية واجتماعية وعلمية وعملية ..الشيء المميز في قراءة الصدر الواعية كمال الوعي أنها واكبت وبشكل واضح وجلي متطلبات العصر وتداعياته ومضاعفاته فوضعت لكل هذه التداعيات المشاريع التي تضمن للإسلام الاستمرارية والبقاء لا لان تحفظ له وجودة المعنوي والروحي فقط بل لتقدمه للعالم باعتباره الأطروحة التي تضطر المجتمع الإنساني إلى النزول أليها والقبول بها وفق منطق العقل والبرهان والدليل قبل منطق الحاجة والضغط ..
هذه الانجازات ستأخذ طريها إلى التحقيق حين يجد الإسلام من يكمل مسيرة هذا الرجل العظيم والتي تقع مسيرته المباركة ضمن سلسلة مسيرات الأنبياء والأولياء والصالحين ..أن وجود الجهة أو الأمة القادرة على المضي على ذات السبيل الذي خطه الشهيد الصدر يعد الضمانة الحقيقة والواقعية ليصل الإسلام إلى مداه الحقيقي الذي وعدت به السماء ..أن الدين عند الله الإسلام ..

عدد المساهمات : 49 تاريخ التسجيل : 19/02/2012

احسنت اختنا الفاضله وجزاك الله خير
ولكن ؟(هذه الانجازات ستأخذ طريها إلى التحقيق حين يجد الإسلام من يكمل مسيرة هذا الرجل العظيم والتي تقع مسيرته المباركة ضمن سلسلة مسيرات الأنبياء والأولياء والصالحين ..أن وجود الجهة أو الأمة القادرة على المضي على ذات السبيل الذي خطه الشهيد الصدر يعد الضمانة الحقيقة والواقعية ليصل الإسلام إلى مداه الحقيقي الذي وعدت به السماء ..أن الدين عند الله الإسلام ..)؟؟؟؟
اعتقد ان الاسلام وجد من يكمل مسيرة الشهيد الصدر وميسرات الانبياء وهو الشهيد محمد صادق الصدر رض والان هذه نتاجات اتعابه واثاره موجود وملئت الساحه الداخليه والخارجيه ولاغبار عليها فالحمدلله على نعمائه ومننه الكبرى على العباد

» صور الشهيد السيد محمد باقر الصدر ( قدس سره )
» قبس عرفاني للسيد محمد الصدر
» الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر (قده
» الجزء الاول من سيرة الامام الشهيد السيد محمد الصدر
» آية الله السيد محمد باقر الدرچه اي