طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: مقام الإمام جعفر الصادق عليه السلام الإثنين مارس 21, 2011 11:45 am | |
| مقام الإمام جعفر الصادق عليه السلام
--------------------------------------------------------------------------------
مقام الإمام جعفر الصادق في مدينة الإمام الحسين (عليه السلام)
الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) سادس الأئمة الأطهار من أهل البيت المعصومين الذين نص الرسول (صلى الله عليه وآله) على خلافتهم من بعده.
ولد في سنة ( 83 ) هجرية وترعرع في ظلال جدّه زين العابدين وأبيه محمّد الباقر (عليهم السلام) وعنهما أخذ علوم الشريعة ومعارف الإسلام. فهو يشكّل مع آبائه الطاهرين حلقات نورية متواصلة لا يفصُل بينها غريب أو مجهول، حتَّى تصل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لذا فهو يغترف من معين الوحي ومنبع الحكمة الإلهية.
وبهذا تميزت مدرسة أهل البيت التي أشاد بناءها الأئمة الأطهار ولا سيما الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام) فهي مدرسة الرسالة المحمّدية التي حفظت لنا أصالة الإسلام ونقاءه.
وهكذا تبوّأ الإمام الصادق مركز الإمامة الشرعية بعد آبائه الكرام وبرز إلى قمّة العلم والمعرفة في عصره مرموقاً مهاباً فطأطأت له رؤوس العلماء أجلالا وإكباراً حتَّى عصرنا هذا.
لقد كان عامة المسلمين وعلماؤهم يرون جعفر بن محمّد (عليه السلام) سليل النبوّة وعميد أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.
فهو الرمز الشرعي للمعارضة التي قادها أهل بيت الوحي (عليهم السلام) ضد الظلم والطغيان الأُموي والعبَّاسي معاً.
كما كان العلماء يرونه بحراً زاخراً وإماماً لا ينازعه أحد في العلم والمعرفة وأستاذاً فذاً في جميع العلوم التي عرفها أهل عصره والتي لم يعرفوها آنذاك.
لقد عايش الإمام الصادق (عليه السلام) الحكم الأُموي مدة تقارب (أربعة) عقود وشاهد الظلم والإرهاب والقسوة التي كانت لبني أُمية ضد الأُمة الإسلامية بشكل عام وضد أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) وشيعتهم بشكل خاص.
وكان من الطبيعي ـ بعد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ـ أن يكون آل البيت هم الطليعة والقيادة المحبوبة لدى الجماهير المسلمة، ومن هنا بدأت فصائل العباسيين تتحرك باسم أهل البيت وتدعو إلى الرضا من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) وخلافة ذرية فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
لقد انسحب الإمام الصادق (عليه السلام) من المواجهة المكشوفة ولم تنطل عليه الشعارات التي كان يستخدمها بنو العباس للوصول إلى الحكم بعد سقوط بني أُمية بعد أن ازداد ظلمهم وعتوهم وإرهابهم وتعاظمت نقمة الأُمة عليهم.
لقد سقط سلطان بني أُمية سنة (132 هـ)، ثمّ آلت الخلافة إلى بني العباس فعاصر حكم أبي العباس السفّاح وشطراً من حكم المنصور الدوانيقي بما يقرب من عشر سنوات.
لقد انصرف الإمام الصادق (عليه السلام) عن الصراع السياسي المكشوف إلى بناء الأُمة الإسلامية علمياً وفكرياً وعقائدياً وأخلاقياً، بناءاً يضمن سلامة الخط الإسلامي على المدى البعيد بالرغم من استمرار الانحرافات السياسية والفكرية في أوساط المجتمع الإسلامي.
لقد انتشرت الفرق الإسلامية كالمعتزلة والاشاعرة والخوارج والكيسانية والزيدية في عصره واشتد الصراع بينها، كما بدأت الزندقة تستفحل وتخترق أجواء المجتمع الإسلامي فتصدى الإمام الصادق (عليه السلام) للردّ على الملاحدة من جهة وتصدى لمحاكمة الفرق المنحرفة من جهة أخرى.
لقد اهتمّ الإمام (عليه السلام) ببناء الجماعة الصالحة التي تتحمّل مسؤولية تجذير خط أهل البيت في الأُمة الإسلامية إلى جانب اهتمامه ببناء جامعة أهل البيت الإسلامية وتخريج العلماء في مختلف فنون المعرفة ولا سيما علماء الشريعة الذين يضمنون للأُمة سلامة مسيرتها على مدى المستقبل القريب والبعيد ويزرعون بذور الثورة ضد الطغيان.
ولم يغفل الإمام (عليه السلام) عن تقوية الخط الثوري والجهادي في أوساط الأُمة من خلال تأييده لمثل ثورة عمه زيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) ومن تلاه من ثوار البيت العلوي الكرام.
ولم يكن الإمام الصادق (عليه السلام) ليسلم من هذه المحنة ـ محنة الثورة على الظلم العباسي ـ فقد كان المنصور يطارده الخوف من الإمام الصادق (عليه السلام) ويتصور أنَّه اليد التي تحرّك كل ثورة ضد حكمه، مما أدى إلى استدعائه إلى العراق أكثر من مرة وضيّق عليه وأجرى عليه محاكمة يجل الإمام عن مثلها ليشعره بالرقابة والمتابعة ثمَّ خلّى سبيله.
بل قد ذكرت بعض المصادر أن المنصور قد نوى قتله أكثر من مرَّة إلا أن الله سبحانه حال بينه وبين ما أراد.
وهكذا عاش الإمام الصادق (عليه السلام) الفترة الأخيرة من حياته ـ وبعد أن استقرت دعائم الحكم العباسي ـ حياة الاضطراب والإرهاب، وفي جوّ مشحون بالعداء والملاحقة، إلاّ انه استطاع أن يؤدي رسالته بحكمة وحنكة وقوّة عزم ويفجّر ينابيع العلم والمعرفة ويبني الأُمة الإسلامية من داخلها ويربّي العلماء والفقهاء الأُمناء على حلاله وحرامه ويشيد بناء شيعة أهل البيت الذين يمثّلون الجماعة الصالحة التي عليها تتكئ دعائم الخطّ النبوي لتحقيق مهامّه الرسالية بعد أن عصفت الرياح الجاهلية بالرسالة الخاتمة وتصدّى لقيادة الأُمة رجال لم يكونوا مؤهلين لذلك.
مقام الإمام جعفر الصادق في مدينة كربلاء:
تعتبر مزارات أهل البيت (عليهم السَّلام) معاهد التثقيف الديني ومنطلق الاعتبار بالتاريخ والجهاد بالنفس والمال والتضحية في سبيل الله. ونصوص الزيارات المأثورة تعتبر سلسلة دروس تتضمّن استعراضاً لأهم النقاط البارزة في حياة المزور، والتزامه بالمبادئ. وتتفق كلمة المسلمين - سنة وشيعة - على مشروعية زيارة قبور الأنبياء والأئمة والأولياء وفي ذلك روايات كثيرة - سنشير إلى بعضها -. وقال الإمام الباقر (عليه السَّلام): (إن من زار قبور شهداء آل محمد (صلّى الله عليه وآله) يريد بذلك صلة نبيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمه). وقال الإمام الصادق (عليه السَّلام): (إن من زار أحد الأئمة فهو كمن زار رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، له مثل ما لمن زار رسول الله (صلّى الله عليه وآله)). فمزارات أهل البيت (عليهم السَّلام) هي تجسد الذكريات الإسلامية التي تهدي الأجيال والتي يعتبر بها كل إنسان، فمن المزار يطالع تاريخ سيرة المزور العلمية والسياسية ودوره الهام في تحقيق العدالة، ومزارات أهل البيت (عليهم السَّلام) منتدى ذكريات لم تنعم بمثلها أية بقعة في العالم، لأنهم أهل بيت الرسالة ومهبط الوحي والتنزيل ومختلف الملائكة. فالمزارات مراكز انطلاقة صرخة الحق المدوية في وجه الظلم والطغيان - على طول التاريخ - سواء فيها المدينة والنجف وكربلاء والكوفة، والشام ومصر. ففي ساحة المزارات هذه ترى جموع المصلين والمتعبدين لله تعالى، مسرعين مستغفرين يبشرهم الله تعالى بقوله: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم). حقاً إنها مدارس تربوية ومعاهد دينية تربط المؤمنين جميعاً وصاحب المزار فيها رابطة الإيمان والعقيدة فيجمعه على صعيد واحد ويربطهم جميعاً تجديد العهد في العمل في مصلحة الإسلام والمسلمين. إنّ الظلم الأموي العباسي المشترك استنزف كثيراً من دماء أهل البيت وكانت تضحياتهم تفوق أية تضحية سجلها التاريخ، فلا نجد ما يتصاعد إلى مستوى تضحيتهم في سبيل الإسلام. وكان هذا الظلم سبباً في أن يضرب بعض أفراد هذه الأسرة النبوية في الأرض بحثاً عن الأمن، فانتشروا في ربوع خراسان والشامات ومصر وأفريقيا والهند، واعتنى المسلمون - على وجه خاص - بمزاراتهم وجدّدوا عماراتها وأوقفوا عليها الأوقاف باعتبار أن صاحب المزار منسوب إلى نبي الإسلام (صلّى الله عليه وآله) ومن حق المنسوب أن يُحترم ويُكرّم احتراماً للمنسوب إليه بالإضافة إلى إحياء ذكرى تضحياتهم في سبيل مصلحة الإسلام والمسلمين. وهذه الأراضي التي يقع فيها مقام الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في مدينة جده الإمام الحسين (عليه السلام) تعرف بالجعفريات، وهي من موقوفات الشيخ أمين الدين الخيرية، وهي ضمن الأراضي والعقارات التي تعود له في الحائر الحسيني، ويرجع تاريخها إلى سنة 904هـ. وقد شيد هذا المقام رمزا تذكاريا من قبل الزعيم البكتاشي جهان دده (كلامي) الشاعر الصوفي الذي كان حيا سنة 971هـ. ويعرف المكان بشريعة الإمام جعفر بن محمد الصادق وهو المكان الذي أغتسل فيه الإمام الصادق في نهر الفرات قبيل زيارته للحائر. وموقعه في أراضي الجعفريات على الشاطئ الغربي من نهر العلقمي. حيث يجد الزائر مزارا مشهورا عليه قبة عالية من القاشاني تحيط به البساتين والناس تقصده للزيارة. جاء في موسوعة (دائرة المعارف): إن الإمام جعفر الصادق جاء لزيارة جده أمير المؤمنين فلما أدى مراسيم الزيارة خرج إلى كربلاء واغتسل ولبس ثياب الطهر وتوجه ماشيا نحو قبر جده وعند وصوله إلى باب الحرم الشريف انكب على القبر وقال: السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله... ثم كر راجعا إلى الغاضرية وبقي فيها وسميت تلك الأراضي بالجعفريات في شمالي كربلاء.
ودمتم..
منقول
| |
|