الفهري فأتاه على ناقة فأنافها على باب المسجد ثم عقلها ،
وجاء فدخل المسجد فجثا بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال :
يا محمد ، إنك أمرت نا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك
ذلك . . . ثم لم ترض بهذا حتى
رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس ، وقلت من كنت مولاه
فعلي مولاه ، فهذا شئ منك أو من الله ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) وقد احمرت عيناه ، والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني ،
قالها ثلاثا . . . " ( 1 ) .
أقول : إذا كان هذا هو مآل بعض صحابة رسول الله (
صلى الله عليه وآله وسلم ) وخوفهم من الإمام علي ( عليه السلام ) في حياة النبي
( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمام ناظريه ، فما بالك بالدكتور البوطي وابن
خلدون ، وابن حزم ، وإحسان
ظهير : وأبو زهرة ، والدكتور أحمد شلبي ، وغير هؤلاء من الذين
أنكروا تلك النصوص ، وصرفوها عن محلها بتأويلات واهية ، فالإمام مسلم ليس من
الثقات عند ابن حزم ، لأنه خرج حديث الغدير في صحيحه .
ومن الذين لا تقبل رواياتهم ، والحافظ النسائي أحد أصحاب الصحاح ليس من الثقات
، وغير هؤلاء من جهابذة علماء أهل السنة الذين أخرجوا حديث الغدير وغيره ، ولكن
ابن حزم وابن خلدون وغيرهما ، يحاولون إنكار الضرورات من دين رسول الله ( صلى
الله عليه وآله وسلم )
يقول الإمام مسلم في صحيحه : "
وعن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوما فينا
خطيبا بماء يدعى " خما " بين مكة والمدينة فحمد الله ووعظ وذكر ، ثم قال : أما
بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك
فيكم ثقلين أولهما كتاب الله . . . ثم قال وأهل بيتي . . . " ( 2 ) ولهذا يقول
ابن حجر كما تقدم - " إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه ، ولا يلتفت لمن قدح في
صحته ولا لمن رده " .
وأخرج الحافظ النسائي في الخصائص : عن زيد بن
أرقم قال : لما رجع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع ونزل غدير
خم أمر بدوحات فقممن ثم قال : كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما
أعظم من الآخر ،
| * هامش *
| |
| ( 1 ) سبط ابن الجوزي : تذكرة الخواص - ص 30 - 31 . ( 2 ) صحيح مسلم : ج 7 - ص 122 - 123 . ( * )
|
كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ،
فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . . . ثم قال : إن الله مولاي وأنا ولي كل
مؤمن : ثم أخذ بيد علي ( رض ) فقال : من كنت وليه ، فهذا وليه ، اللهم وال من
والاه وعاد من عاداه . . . فقلت لزيد : سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه
وآله وسلم ) قال : نعم ، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا ورآه بعينه وسمعه
بأذنيه . . . ) ( 1 ) .
وفي ذخائر العقبى للمحب الطبري ، عن البراء بن
عازب رضي الله عنهما قال : كنا عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفر
فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا ، الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله ( صلى الله
عليه وآله وسلم ) تحت شجرة فصلى
الظهر وأخذ بيد علي ، وقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ،
اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه . قال : فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال : هنيئا
لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة "
أخرجه أحمد في مسنده ، وأخرجه في المناقب من حديث عمر وزاد
بعد قوله وعاد من عاداه وانصر من نصره وأحب من أحبه . قال شعبة أو قال وأبغض من
بغضه "
وعن زيد بن أرقم قال : استشهد علي بن أبي طالب الناس ، فقال
أنشد الله رجلا سمع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " من كنت مولاه
فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه فقام ستة عشر رجلا فشهدوا " (
2 ) .
وأخرج ابن المغازلي الشافعي حديث الغدير بطرق
كثيرة ، فتارة عن زيد بن أرقم ، وأخرى عن أبي هريرة ، وثالثة عن أبي سعيد
الخدري وتارة عن علي بن أبي طالب ، وعمر بن الخطاب ، وابن مسعود وبريدة ، وجابر
بن عبد الله ، وغير هؤلاء .
فعن زيد بن أرقم " أقبل نبي
الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بغدير الجحفة
بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك ثم نادى : الصلاة جامعة ،
فخرجنا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) في يوم شديد الحر ، وإن منا لمن يضع رداءه على رأسه
وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء . . . إلى قوله : ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (
عليه السلام ) فرفعها
| * هامش * | |
| ( 1 ) النسائي : الخصائص - ص 39 - 40 - 41 . ( 2 ) المحب الطبري : ذخائر العقبى - ص 67 . ( * )
|
ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، ومن كنت وليه فهذا وليه ،
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . قالها ثلاثا " ( 1 ) .
" قال أبو القاسم الفضل بن محمد : هذا حديث صحيح عن رسول الله
( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله ( صلى الله
عليه وآله وسلم ) نحو من مائة نفس منهم العشرة وهو حديث ثابت . . . " ( 2 ) .
وفي كنز العمال للمتقي الهندي : " . . . إن الله
مولاي وأنا ولي كل مؤمن ، من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد
من عاداه . . . " .
وقد أخرج المتقي الهندي هذا الحديث تارة عن زيد بن أرقم ،
وأخرى عن أبي هريرة ، وثالثة جابر بن عبد الله ، ورابعة أبي سعيد الخدري ،
وخامسة ابن عباس وغير هؤلاء ( 3 ) .
وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي عند تفسير قوله
تعالى :
( سأل سائل بعذاب واقع " ( 4 ) . قيل إن
السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه قول النبي ( صلى
الله عليه وآله وسلم ) في علي ( رض ) : " من كنت مولاه
فعلي مولاه " ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال
: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه
منك . . . إلى قوله : ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا ، أفهذا شئ منك أم
من الله ؟ فقال النبي
( صلى الله عليه وآله وسلم ) : والله الذي لا إله إلا هو ، ما
هو إلا من الله ، فولى الحارث ، وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا
فأمطر علينا حجارة من السماء ، وائتنا بعذاب أليم ، فوالله ما وصل إلى ناقته
حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت : ( سأل سائل . .
. " ( 5 ) .
وفي شواهد التنزيل للحاكم النيسابوري ، والمناقب
لابن المغازلي ، عن
| * هامش * | |
| ( 1 ) ابن المغازلي : المناقب - ص 29 - إلى ص 36 . ( 2 ) المصدر السابق : ص 36 . ( 3 ) المتقي الهندي : كنز العمال - ج 1 - ص 166 - 167 - 168 . ( 4 ) سورة المعارج : الآية 1 . ( 5 ) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن - ج 18 - ص 287 - 289 . ( * )
|
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]