في الزهد ودرجاته وعلاماته آية الله المشكيني
الزهد في اللغة :
ترك الشيء والإعراض عنه ، يقال : زهد يزهد من باب منع وشرف ، في الشيء وعن
الشيء : رغب عنه وتركه. ويراد به في الشرع كثيراً ما ، ملكة الإعراض عن
الدنيا وعدم تعلق القلب بها ، وعدم الاعتناء بشأنها وإن كانت نفسها حاصلة
للشخص من طريق محلل ؛ وله مرتبتان : الزهد عن حرامها وعما نهى الله عنه من
زخارفها ، والزهد عن حلالها وما أباحه وسوغه ، وفي الآيات الكريمة والنصوص
الواردة في الباب ما يوضح حقيقته ومراتبه وما يترتب عليه من الآثار
والثواب.
قال تعالى : ( لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ ) (1) وقال : ( لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ) (2). ( فمن الواضح أنه إذا لم يتعلق القلب بشيء لم يتأثر بالحزن عند فوته ، ولا بالفرح عند حصوله ). وقد خاطب الله تعالى النبي
1 ـ الحديد : 23.
2 ـ آل عمران : 153.
الأقدس أو كل مخاطب له قلب ، وقال : ( لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ) (1) ( ومد العين كناية عن النظر إليه إعجاباً ورغبة
). والنهي إرشاد إلى وجود المفسدة في ذلك ، فإنه يضاد الزهد ، وتركه
يستلزم تحقق صفة الزهد. وورد في النصوص أن حد الزهد ما ذكره تعالى ، فإنه
بين كلمتين من الكتاب ( لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ) (2)
وأن الزهد في الدنيا قصر الأمل (3).
وأنه ليس بإضاعة المال ولا بتحريم الحلال ، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله (4).
وأن الزهد تنكب حرام الدنيا (5).
وأنه لا زهد كالزهد في الحرام (6).
وأن أزهد الناس من ترك الحرام (7).
وأن الزاهد في الدنيا : الذي يتحرج من حلالها فيتركه مخافة حسابها ، ويترك حرامها مخافة عقابها (8).
وأنه ما تزين المتزينون بمثل الزهد في الدنيا (9).
1 ـ طه : 130 والحجر : 88.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص 311.
3 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص310.
4 - منهج الصادقين : ج9 ، ص190 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص310.
5 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص310.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص317.
7 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص312.
8 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص311.
9 ـ ارشاد القلوب : ص96.
وأن حب الدنيا رأس كل خطيئة (1) ، فإنه قد أحب ما أبغضه الله ، وأي خطأ أشد جرماً من هذا.
وأن الزاهد هو المتبلغ بدون قوته والمستعد ليوم موته والمتبرم بحياته (2).
وأن أفضل الزهد إخفاء الزهد (3).
وأن الزهاد كانوا قوماً من أهل الدنيا وليسوا من أهلها فكانوا فيها كمن
ليس منها يرون أهل الدنيا يعظمون موت أجسادهم وهم أشد إعظاماً لموت قلوبهم (4).
وأن الناس ما تعبّدوا الله بشيء مثل الزهد في الدنيا (5).
وان أعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع (6).
وأن صلاح أول هذه الأمة كانوا بالزهد (7).
وإذا رأيتم الرجل قد أعطى الزهد في الدنيا فاقتربوا منه فإنه يلقى الحكمة (8).
وإذا زهد الرجل فيما عند الناس أحبه الناس (9). ومن زهد الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه ، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها (10).
1
ـ الخصال : ص25 ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج3 ، ص395 ـ المحجة البيضاء : ج5
، ص253 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص308 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص239 ، وج73 ،
ص7.
2 ـ ارشاد القلوب : ص83 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص319.
3 ـ نهج البلاغة : الحكمة 28 ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج2 ، ص402 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص316 و 319.
4 ـ الوافي : ج4 ، ص26 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص320.
5 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص322.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص 310.
7 ـ مجمع البحرين : ج3 ، ص59 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص311.
8 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص311.
9 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ، ص311 ـ مستدرك الوسائل : ج12 ، ص51.
10 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص313.
والله تعالى يبيح جنته للمتقرب إليه بالزهد (1).
وأزهد الناس من لا يطلب المعدوم حتى ينفد الموجود (2).
1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص314.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، 315.
المصدر : دروس في الأخلاق - آية الله المشكيني