ذكر معجزاته ( عليه السلام ) :
385 /2 - قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال ( 1 ) : رأيت الحسن بن علي السراج ( عليه السلام ) تكلم للذئب فكلمه ، فقلت له : أيها الإمام الصالح ، سل هذا الذئب عن أخ لي بطبرستان خلفته وأشتهي أن أراه .
فقال لي : إذا اشتهيت أن تراه فانظر إلى شجرة دارك بسر من رأى . وكان قد أخرج في داره عينا تنبع عسلا ولبنا ، فكنا نشرب منه ونتزود ( 2 ) .
386 / 3 - قال أبو جعفر : دخل على الحسن بن علي ( عليه السلام ) قوم من سواد العراق يشكون قلة الأمطار فكتب لهم كتابا فأمطروا ، ثم جاءوا يشكون كثرته فختم في الأرض فأمسك المطر ( 3 ) .
387 / 4 - قال أبو جعفر : رأيت الحسن بن علي السراج ( 4 ) ( عليه السلام ) يمشي في أسواق سر من رأى ولا ظل له ، ورأيته يأخذ الآس فيجعلها ورقا ( 5 ) ، ويرفع طرفه نحو السماء ويده فيردها ملأى لؤلؤا . ( 6 )
388 / 5 - قال أبو جعفر : قلت للحسن بن علي ( عليه السلام ) أرني معجزة خصوصية أحدث بها عنك . فقال : يا بن جرير ، لعلك ترتد . فحلفت له ثلاثا ، فرأيته ‹ صفحة 427 › غاب في الأرض تحت مصلاه ، ثم رجع ومعه حوت عظيم فقال : جئتك به من الأبحر السبعة ( 1 ) ، فأخذته معي إلى مدينة السلام ، وأطعمت منه جماعة من أصحابنا ( 2 ) .
389 / 6 - قال أبو جعفر : ورأيت الحسن بن علي السراج ( عليه السلام ) يمر بأسواق سر من رأى ، فما مر بباب مقفل إلا انفتح ، ولا دار إلا انفتحت ، وكان ينبئنا بما نعمله بالليل سرا وجهرا ( 3 ) . 390 / 7 - قال أبو جعفر : أردت التزويج والتمتع بالعراق ، فأتيت الحسن بن علي السراج ( عليه السلام ) ، فقال لي : يا بن جرير ، عزمت أن تتمتع فتمتع بجارية ناصبة معقبة تفيدك مائة دينار . فقلت : لا أريدها . فقال : قد قضيت لك بها . فأتيت بغداد وتزوجت بها فأعقبت ، وأخذت منها مالا ( 4 ) ثم رجعت . فقال : يا بن جرير ، كيف رأيت ( 5 ) آية الإمام ؟ ( 6 )
391/ 8 - قال المعلى بن محمد [ : أخبرني محمد ] ( 7 ) قال : لما أمر سعيد بحمل أبي محمد ( عليه السلام ) إلى الكفوة ، كتب أبو الهيثم إليه : جعلت فداك ، بلغنا خبر أقلقنا ، وبلغ منا كل مبلغ . فكتب ( 8 ) : " بعد ثلاث يأتيكم الفرج " فقتل الزبير ( 9 ) يوم الثالث . ( 10 )
‹ صفحة 428 › 392 / 9 - قال : وفقد غلام صغير لأبي الحسن ( عليه السلام ) ( 1 ) ، فلم يوجد فأخبر بذلك ، فقال : اطلبوه في البركة . فطلب ، فوجد في بركة في الدار ميتا . ( 2 )
393 / 10 - قال علي بن محمد الصيمري : دخلت على أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله وبين يديه رقعة ، قال : هذه رقعة أبي محمد ( عليه السلام ) فيها : إني نازلت الله ( عز وجل ) في هذا الطاغي - يعني الزبير بن جعفر ( 3 ) - وهو آخذه ( 4 ) بعد ثلاث . فلما كان اليوم الثالث قتل .( 5 )
394 / 11 - قال علي بن محمد الصيمري : كتب إلي أبو محمد ( عليه السلام ) : " فتنة تظلكم فكونوا على أهبة منها " فلما كان بعد ثلاثة أيام وقع بين بني هاشم ما وقع ( 6 ) ، فكتبت إليه : " هي " قال : " لا ، ولكن غير هذه ، فاحترزوا ( 7 ) " فلما كان بعد ثلاثة أيام كان من أمر المعتز ما كان .( 8 )
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 426 ›
( 1 ) ( حدثنا عبد الله بن محمد قال ) ليس في " ع ، م " .
( 2 ) في " ط " : فكان يشرب منه ويتزود . نوادر المعجزات : 190 / 1 ، إثبات الهداة 6 : 344 / 124 .
( 3 ) نوادر المعجزات : 191 / 2 ، إثبات الهداة 6 : 345 / 125 .
( 4 ) السراج : من ألقاب الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) ويظهر من هذا الحديث والأحاديث التي تليه أن الطبري الكبير قد عاصره وسمع منه ، حيث إن ولادة الإمام العسكري ( عليه السلام ) سنة ( 232 ه ) كما مر آنفا ، وولادة الطبري نحو سنة 226 ه انظر تنقيح المقال 1 : 188 ، معجم المؤلفين 9 : 146 . ( 5 ) الورق : الدراهم المضروبة من الفضة .
( 6 ) إثبات الهداة 6 : 345 / 126 ، مدينة المعاجز 566 / 43 .
‹ هامش ص 427 ›
( 1 ) في " ع " : أبحر السبع .
( 2 ) نوادر المعجزات : 191 / 3 ، إثبات الهداة 6 : 345 / 127 .
( 3 ) إثبات الهداة 6 : 346 / 128 .
( ط ) في " ع ، م " : وتزوجتها فعجب رأيت .
( 5 ) في " ط " : ترى .
( 6 ) إثبات الهداة 6 : 346 / 129 ، مدينة المعاجز : 566 / 46 .
( 7 ) أضفناه للزومه ، وقد روى المعلى ، عن محمد بن عبد الله ، كما روي هذا الحديث في الخرائج والثاقب عن محمد بن عبد الله ، على نهجهما في ذكر اسم الراوي الأخير فقط ، وراجع معجم رجال الحديث 16 : 226 و 18 : 251 .
( 8 ) في " ط " زيادة : الجواب .
( 9 ) أي المعتز .
( 10 ) غيبة الطوسي : 208 / 177 ، الخرائج والجرائح 1 : 451 / 36 ، الثاقب في المناقب : 576 / 523 ، مهج الدعوات : 274 ، كشف الغمة 2 : 416 .
‹ هامش ص 428 ›
( 1 ) في " ع ، م " : غلام أبي الحسن ( عليه السلام ) صغيرا .
( 2 ) الخرائج والجرائح 1 : 451 ذيل الحديث ( 36 ) ، الثاقب في المناقب : 576 ذيل الحديث 523 ، كشف الغمة 2 : 416 .
( 3 ) الزبير بن جعفر هو المعتز .
( 4 ) في " ط " : وإنه مؤاخذ .
( 5 ) إثبات الوصية : 211 ، نوادر المعجزات : 192 / 4 ، غيبة الطوسي : 204 / 172 ، الخرائج والجرائح 1 : 429 / 8 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 430 ، الثاقب في المناقب : 576 / 524 ، كشف الغمة 2 : 417 و 428 ، الصراط المستقيم 2 : 206 / 6 ، مدينة المعاجز : 566 / 49 .
( 6 ) في " ع ، م " زيادة ، وكانت ، وفي كشف الغمة والمدينة : وكانت لهم هنة لها شأن ، الهنة : الشر والفساد " المعجم الوسيط - هنن - 2 : 998 " . ( 7 ) في " م " : فاحترسوا . ( 8 ) كشف الغمة 2 : 417 ، مدينة المعاجز : 566 / 50 .
المصدر
دلائل الامامة - محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - ص 426 - 432
395 / 12 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، قال : حدثني أبي ( رضي الله عنه ) ، قال : كنت في دهليز لأبي علي محمد بن همام ( رحمه الله ) على دكة وصفها ، إذ مر بنا شيخ كبير ، عليه دراعة ، فسلم على أبي علي محمد بن همام ، فرد عليه السلام ‹ صفحة 429 › ومضى ، فقال : لي تدري من هذا ؟ فقلت : لا . فقال : شاكري ( 1 ) لمولانا أبي محمد الحسن بن علي ( عليه السلام ) ، أفتشتهي أن تسمع من أحاديثه عنه شيئا ؟ قلت : نعم . فقال لي : أمعك شئ تعطيه ؟ فقلت : معي درهمان صحيحان . فقال : هما يكفيانه فادعه ( 2 ) .
فمضيت خلفه ، فلحقته بموضع كذا ، فقلت : أبو علي يقول لك : تنشط للمسير إلينا ؟
فقال : نعم . فجاء إلى أبي علي محمد بن همام فجلس إليه ، فغمزني أبو علي أن أسلم إليه ( 3 ) الدرهمين ، فسلمتهما ( 4 ) إليه ، فقال لي : ما يحتاج إلى هذا . ثم أخذهما . فقال له أبو علي : يا أبا عبد الله محمد ، حدثنا عن أبي محمد ( عليه السلام ) . فقال : كان أستاذي صالحا من بين العلويين ، لم أر قط مثله ، وكان يركب بسرج صفته : بزيون مسكي ( 5 ) وأزرق ، وكان يركب إلى دار الخلافة بسر من رأى في كل اثنين وخميس .
قال أبو عبد الله محمد الشاكري : وكان يوم النوبة ، يحضر من الناس شئ عظيم ، ويغص الشارع بالدواب والبغال والحمير والضجة ( 6 ) ، فلا يكون لأحد موضع يمشي فيه ( 7 ) ، ولا يدخل أحد ( 8 ) بينهم . قال : فإذا جاء أستاذي سكنت الضجة ، وهدأ صهيل الخيل ، ونهاق الحمير ، قال : وتفرقت البهائم حتى يصير الطريق واسعا ، لا ‹ صفحة 430 › يحتاج أن يتوقى من المزاحمة ( 1 ) ، ثم يدخل ( 2 ) فيجلس في مرتبته التي جعلت له ، فإذا أراد الخروج قام البوابون وقالوا : هاتوا دابة أبي محمد . فسكن صياح الناس وصهيل الخيل ، وتفرقت الدواب حتى يركب ويمضي .
وقال الشاكري : واستدعاه يوما الخليفة ، فشق ذلك عليه ، وخاف أن يكون قد سعى به إليه بعض من يحسده من العلويين والهاشميين على مرتبته ، فركب ومضى إليه .
فلما حصل في الدار قيل له : إن الخليفة قد قام ، ولكن اجلس في مرتبتك وانصرف .
قال : فانصرف وجاء ( 3 ) إلى سوق الدواب ، وفيها من الضجة والمصادمة واختلاف الناس شئ كثير ، قال : فلما دخل إليها سكنت الضجة بدخوله ( 4 ) ، وهدأت الدواب ، فجلس إلى نخاس كان يشتري له الدواب ، فجئ له بفرس كبوس لا يقدر أحد أن يدنو منه ، فباعوه إياه بوكس فقال لي : يا محمد ، قم فاطرح السرج عليه فقمت وعلمت ( 5 ) أنه لا يقول لي إلا ما لا يؤذيني ، فحللت الحزام ، وطرحت السرج عليه ، فهدأ ولم يتحرك . وجئت لأمضي به ، فجاء النخاس فقال : ليس يباع .
فقال لي : سلمه ( 6 ) إليهم ، قال : فجاء النخاس ليأخذه فالتفت إليه التفاتة ، ذهب ( 7 ) منه منهزما . قال : وركب ، فمضينا ، فلحقنا النخاس وقال : صاحبه يقول : أشفقت من أن يرده ، فإن كان قد علم ما فيه من الكبس فليشتره . فقال له أستاذي : قد علمت .
فقال : قد بعتك . فقال لي : خذه .
فأخذته ، قال : فجئت به إلى الإصطبل ، فما تحرك ولا آذاني ، ببركة أستاذي ، فلما نزل جاء إليه فأخذ بإذنه اليمنى فرقاه ، ثم أخذ بإذنه اليسرى فرقاه ، قال : فوالله ، لقد كنت أطرح الشعير له ، فافرقه بين يديه ، فلا يتحرك ، هذا ‹ صفحة 431 › ببركة أستاذي .
قال أبو محمد : قال أبو علي بن همام : هذا الفرس يقال له ( الصؤول ) يزحم بصاحبه حتى يرجم به الحيطان ، ويقول على رجليه ويلطم صاحبه . وقال محمد الشاكري : كان أستاذي أصلح من رأيت من العلويين والهاشميين ، ما كان يشرب هذا النبيذ ، وكان يجلس في المحراب ويسجد ، فأنام وانتبه ، وأنام وانتبه ، وهو ساجد . وكان قليل الأكل ، كان يحضره التين والعنب والخوخ وما يشاكله ، فيأكل منه الواحدة والثنتين ، ويقول : شل ( 1 ) هذا يا محمد إلى صبيانكم . فأقول : هذا كله ! فيقول : خذه كله ، فما ( 2 ) رأيت قط أشهى ( 3 ) منه . ( 4 )
396 / 13 - وحدثني أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن عيسى ، المعروف بابن الخياط القمي ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عبيد الله بن عياش ، قال : حدثني أبو القاسم علي بن حبشي بن قوني الكوفي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدثني العباس بن محمد بن أبي الخطاب ، قال : خرج بعض بني البقاح إلى سر من رأى في رفقة ، يلتمسون الدلالة ، فلما بلغوا بين الحائطين سألوا الإذن ، فلم يؤذن لهم ، فأقاموا إلى يوم الخميس .
فركب أبو محمد ( عليه السلام ) فقال أحد القوم لصاحبه : إن كان إماما فإنه يرفع القلنسوة عن رأسه . قال : فرفعها بيده ( 5 ) ، ثم وضعها ، وكانت شيشية ( 6 ) .
فقال بعض بني البقاح بينه وبين صاحب له يناجيه : لئن رفعها ثانية ، فانظر إلى رأسه ، هل عليه الإكليل الذي كنت أراه على رأس أبيه الماضي ( عليه السلام ) مستديرا ‹ صفحة 432 › كدارة القمر ، فرفعها أبو محمد ( عليه السلام ) ثانية ، وصاح إلى الرجل القائل ذلك : هلم فانظر ، فهل بعد الحق إلا الضلال ، فأنى تصرفون ؟ فتيقنوا بالدلالة وانصرفوا غير مرتابين ، بحمد الله ومنه ( 1 ) . وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا .
‹ هامش ص 429 ›
( 1 ) الشاكري : المستخدم . ( 2 ) ( فادعه ) ليس في " ع ، م " . ( 3 ) في " ط " : أن أعطيه . ( 4 ) في " ط " : فأعطيتهما . ( 5 ) البزيون : رقيق الديباج ، وقيل : بساط رومي " لسان العرب - بزن - 13 : 52 ، تاج العروس 9 : 139 " . المسكي : المصبوغ بالمسك ولعله معرب ( مشكي ) فارسية بمعنى أسود .
( 6 ) في " ط " : والصيحة ، وكذا في الموضع الآتي .
( 7 ) ( فيه ) ليس في " ع ، م " .
( 8 ) ( أحد ) ليس في " ع ، م " .
‹ هامش ص 430 ›
( 1 ) في " ع ، م " : يتوقى من الدواب بخفة ( وحف / ع ) ليزحمها .
( 2 ) في " ط " زيادة : هناك . ( 3 ) في " ط " : فلما انصرف جاء .
( 4 ) في " ط " : كثير فسكنت الضجة بدخوله .
( 5 ) في " ط " : لعلمي .
( 6 ) في " ط " : يباع فأمرني بتسليمه .
( 7 ) في " ط " : إليه الفرس التفاتة فهرب . ‹
هامش ص 431 ›
( 1 ) في " ط " : خذ .
( 2 ) في " ع ، م " : خذه ما .
( 3 ) في " ع ، م " اشترى .
( 4 ) غيبة الطوسي : 215 / 179 ، مدينة المعاجز : 567 / 51 .
( 5 ) في " ط " : فرفعها عن رأسه .
( 6 ) كذا في النسخ ، وفي مدينة المعاجز : سنة .
‹ هامش ص 432 ›
( 1 ) ( فتيقنوا . . الله ومنه ) في " ع ، م " . مدينة المعاجز : 567 / 52 .
المصدر
دلائل الامامة - محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - ص 426 - 432