طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم السبت أكتوبر 08, 2011 6:39 am | |
| حياة البشر في هذه الدنيا محدودة بعمر معين لايبقى بعدها معمرا ومعروف أنها دار مفر لامقر انما هي من أجل العبور إلى دار الحيوان دار الحياة الأبديةوعليه يكدح الإنسان للوصول إلى السعادة المطلوبة هناك، السعادة التي تبقى لاتموت بموت مدتها كما هو في الدنيا فان السعادة هنا وقتية بعكس هناك فالسعادة أبدية الإنسان يكره الموت ويخاف منه ومن وحشة القبر ان كراهة الإنسان للموت انما هي لخوفه من الله تعالى واشفاقه الحرمان من جوار الله سبحانه وتعالى أولأنه ينقطع بالموت عمله الذي يحصل به الاستعداد للقاء الله وجواره عز وجل فإن بقية عمر المؤمن نفيسة كما ورد في الخبر عن الإمام علي عليه السلام (بقية عمر المؤمن لاقيمة له يدرك بها ماقد فات ويحي مامات)(1) وعن النبي صلى الله عليه وآله لايتمن أحدكم الموت ولايدع به قبل أن يأتيه اذا مات انقطع عمله وإنه لايزيد عمر المؤمن الا خيرا) وهذا لاينافي حبه للقاء الله واشتياقه اليه بل يؤكده فإن المؤمن ينبغي أن يخاف الله خوفا لو جاء ببر الثقلين لخشي أن يعذبه الله ويرجو منه رجاء لو جاء بذنوب الثقلين لرجى أن يغفر الله له والى هذا أشار النبي صلى الله عليه وآله في الحديث الذي يصف فيه أولياء الله حيث قاللولا الآجال التي كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم خوفا من العقاب وشوقا إلى الثواب) ولذلك لو تيقن أحد مثلا أنه من أهل النجاة وأنه مستعد لجوار الله اشتاق إلى الموت لامحالة كما أشير بقوله عز وجل ان زعمتم أنكم اولياء الله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين) ومن هذا القبيل مايروى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يتمنى الموت في بعض الأحوال وقد قال عليه السلام حينما ضربه ابن ملجم: فزت ورب الكعبة) وأنشد حين قتل عمار ابن ياسر رضي الله عنه بصفين ألا أيها الموت الذي ليس تاركي *** أرحني فقد أفنيت كل خليل قيل للإمام علي ابن الحسين عليه السلام ماالموت؟ قال: للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة وفك غيود وأغلال ثقيلة واستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح وأوطأالمراكب وآنس المنازل وللكافر كخلع ثياب فاخرة والنقل عن المنازل الأنيسة والإستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب وقيل للإمام محمد الباقر عليه السلام : (ماالموت) قال: هو الموت الذي يأتيكم كل ليلة إلا انه طويل مدته لاينتبه إلى يوم القيامة فمنهم من رأى في منامه من أصناف الفرح مالا يقادره قدره ومنهم من رأى في نومه أصناف الأهوال مالا يقادر قدره فكيف حال فرحه في الموت ووجله فيه هذا هو الموت فاستعدوا له. في معاني الأخبار لما اشتد الأمر على الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام نظر اليه من كان معه واذا هو بخلافهم لأنهم كانوا اذا اشتد بهم الأمر تغيرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم ووجبت جنوبهم وكان الحسين عليه السلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم وتهوي جوارحهم وتسكن نفوسهم فقال بعضهم لبعض: (انظروا اليه لايبالي بالموت) فقال الحسين عليه السلام :صبرا بني الكرام فما الموت الا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضر إلى الجنان الواسعة والنعم الدائمة فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وهو لأعدائكم كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب أليم ان أبي حدثني بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافروالموت جسر هؤلاء إلى جناتهم وجسرهؤلاء إلى جحيمهم ماكذبت ولاكذبت وروىالصدوق باسناده إلى الحارث قال دخلت على امير المؤمنين عليه السلام وهوساجد يبكي وقد علا نحيبه وارتفع صوته بالبكاء فقلنا ياأمير المؤمنين فقد أمرضنا بكاؤك وأغصنا وشجانا وما رأيناك فعلت مثل هذا الفعل قط – قال: كنت ساجدا أدعو ربي بدعاء الخيرة في سجدتي فغلبتني عيني فرأيت رؤيا هالتني وأفضعتني رأيت النبي صلى الله عليه وىله قائما وهو يقول لي:ياأبا الحسن طالت غيبتك علي وقد اشتقت إلى رؤيتك وقد أنجز لي ربي ماوعدني فيك – قلت يارسول الل: مالذي أنجز لك في؟قال:أنجز لي فيك وفي زوجتك وابنيك وذريتكم أنكم في الدرجات العلى من العليين قلت:بأبي وأمي يارسول الله فشيعتنا؟ قال: شيعتنا معنا قصورهم بحذاء قصورنا ومنازلهم يقابل منازلنا 0000 الخ الحديث في تأويل الآيات- البحار الموت قانون عام يخضع له الجميع بما فيهم الأنبياء والملائكة وجميع الناس ( كلّ من عليها فان ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام). وكذلك المثول أمام محكمة العدل الإلهي لا يفلت منها أحد، إضافة إلى علم الله تعالى بأعمال عباده بدقّة وبتفصيل كامل. وبهذا سوف لا يكون هناك طريق للتخلّص من هذا الخوف سوى تقوى الله وتطهير النفس والقلب من المعاصي، وبعد أن يخلص الإنسان لله تعالى فإنّه لن يخاف الموت حينئذ. ويعبّر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن هذه المرحلة بقوله: «هيهات بعد اللتيا والتي، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي اُمّه» إنّ السبب الأساسي وراء هذا الخوف هو عدم إيمان هؤلاء بالحياة بعد الموت، أو إذا كانوا مؤمنين بذلك فإنّهم لم يصدّقوا به تصديقاً حقيقيّاً، ولم يتمكّن من جميع أفكارهم وإحساساتهم ومشاعرهم. إنّ خوف الإنسان من العدم شيء طبيعي، بل إنّ الإنسان يخاف من الظلمة في الليل التي هي عدم النور، وأحياناً يصل بالإنسان الخوف إلى أنّه يخاف من الميّت. ولكن إذا صدقت النفس أنّ (الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر) وإذا أيقنت هذه النفس أنّ هذا البدن الترابي إنّما هو سجن للروح وسور يضرب الحصار عليها، إذا آمنت بذلك حقّاً وكانت نظرة الإنسان إلى الموت هكذا فإنّه سوف لن يخشى الموت أبداً، وفي نفس الوقت الذي يعتزّ بالحياة من أجل الإرتقاء في سلّم التكامل والسبب الآخر الذي يجعل الإنسان يخاف من الموت هو التعلّق بالدنيا أكثر من اللازم، الأمر الذي يجعله يرى الموت الشيء الذي سيفصله عن محبوبه ومعشوقه التي هي الدنيا. وكثرة السيّئات وقلّة الحسنات في صحيفة الأعمال هي السبب الثالث وراء الخوف من الموت، فقد جاء أنّ رجلا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: يارسول الله، ما بالي لا اُحبّ الموت؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لك مال؟ قال: نعم، ،قال (صلى الله عليه وآله وسلم): قد قدّمته؟ قال: لا. قال: فمن ثمّة لا تحبّ الموت» (لأنّ صحيفة أعمالك خالية من الحسنات). وجاء رجل آخر وسأل (أبا ذرّ) نفس السؤال فأجابه أبو ذرّ قائلا: (لأنّكم عمّرتم الدنيا وخرّبتم الآخرة، فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى خراب)
1- البحار 6/138 ج 46 عن الدرة الباهرة المصدر:- كتاب عالم مابعد الموت للفيض الكاشاني تفسير الأمثل في سورة الجمعة | |
|