طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: ثلاث إضاءات للمرجعية السبت سبتمبر 03, 2011 3:44 am | |
| ثلاث إضاءات للمرجعية
نقل سماحة آية الله الدكتور الشيخ محمد الصادقي (دام ظله) أن تاجراً من الأثرياء أتى إلى المرجع الكبير السيد البروجردي (أعلى الله مقامه) وقدّم إليه أموالاً ليست قليلة من حقوقه الشرعية.
فسأله السيد: من أهل أي مدينة أنت؟..
قال التاجر: من مدينة همدان (الإيرانية).
فقال السيد: هل هناك عالم يدير شؤون المدارس الدينية؟..
قال التاجر: نعم عندنا الشيخ آخوند ملا علي الهمداني.
فقال السيد: خُذ هذه الأموال إليه.
ويصدر هذا الموقف النبيل من السيد البروجردي في الوقت الذي لم يكن الشيخ الهمداني من جماعة السيد، بل حسب علمي كان بعض الحواشي يشوّهون صورة الشيخ في ذهن السيد!.. ولكن السيد البروجردي لم يكن يتأثر بهذه التوافه، حقاً بهذه الروح الكبيرة والصدر الواسع يصبح الفقيه المرجع أباً للجميع.
أقول: في هذه القصة نستلهم ثلاث إضاءات غائبة لدى المتورطين في الخلافات (أعاذنا الله منهم ومنها):
1- إن المرجع يجب أن لا يُحصر نفسه في معلومات يسرّبها إليه الحواشي، بل عليه أن يستمع إلى أكثر المصادر.
2- إن الحقوق الشرعية ليست أموالاً شخصية للمرجع، وإنما حق من خلاله يُعطى للمشاريع الدينية العامة.
3- إن المحسوبيات والتقسيمات الفئوية ليست من القيم المشروعة في الزعامة الإسلامية، لأنها تمزق الأمة الواحدة، وتقتل في المرجع روح الأبوة القيادية.
الوحدة - التعاون - التآلف
{...وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان...}.
المائدة/2
قال الباقر(ع): "... يا معشر المؤمنين!.. تآلفوا وتعاطفوا".
البحار: ج72/ص187
كيف انكسرت الجوزة؟!..
كنت صباح (25/ جمادى الأولى/ 1416) في بيت العلامة آية الله السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) جالساً معه على مائدة الفطور، فكان الجوز والجبن والحلوى مع الخبز والشاي والحليب، ويتوسطها كأس فيه ورود ملونة، قال سماحته: أنه اقتطفها من حديقة منزله قبل ساعة.. وهل هذه مائدة السيد الدائمة؟..
كلا، إنها أعدّت على شرف ضيف كريم من أفاضل علماء المنطقة الشرقية في الجزيرة العربية.. قلت له: حقاً أنك صاحب ذوق!.. ابتسم السيد وأخذ يكسّر الجوز بكفيّه، فأردت أن أساهم معه فأخذت جوزة واحدة وكلما ضغطت عليها بكفيّ فلم تنكسر.. فقلت للسيد متعجباً: لا أظنك أقوى مني في كسر الجوز، فما هو السر في أنها تنكسر بكفّيك ولا تنكسر بكفّي؟!..
قال ضاحكاً: لأنك تضع جوزة واحدة وأنا أضع جوزتين على بعضهما فتكسر احداهما الأخرى بضغطة بسيطة.. ثم قال السيد معلّقاً: مع الأسف كذلك يفعل بنا الاستعمار، إذ يكسّر بعضنا ببعضنا الآخر، وهناك متفرّجون ينظرون إلى التساقط والتداعي الناتج عن ذلك ولا يحركون عجلة الإصلاح.
ورغم الابتسامة المرتسمة على وجه سماحة السيد المدرّسي – كعادته – إلا أن الكلمات التي قالها كانت تخرج من حرقة قلب وتألّم إنسان بصير في الأحداث الراهنة، وهو صاحب الأفكار الإصلاحية المعروفة والمبادرات التوحيدية العديدة، منها اقتراحه اسبوعاً لشهداء الإسلام في العراق، تُحيى فيه ذكرى جميع شهداء التعدديات الفاعلة هناك.. ومنها اقتراحه تشكيل قيادة إسلامية مؤلفة من رموز الجهات الثلاث العاملة في القضية العراقية، وهم آية الله السيد محمد باقر الحكيم، وسماحة العلامة الشيخ محمد مهدي الآصفي، وسماحة السيد نفسه (حفظهم الله وسدد خطاهم) إلا أن الخلفيات النفسية قد عوّقت مثل هذه المشاريع الرسالية الرائدة، وكان من آثارها المشؤومة فشل الانتفاضة الجماهيرية في العراق بعد دحر القوات الصدّامية من الكويت.
والغريب المؤسف أن تلك الخلفيات قد صنعتها أيادي البعث التي كانت متربصة للتأثير في البيوتات المرجعية والعلماء، فما تعانيه شعوبنا المستغيثة للخلاص اليوم هو جرّاء ما صنعتْه تلك الأيادي القذرة وعدم تخلّص المؤمنين من تبعاتها، وإني لأعتقد جازماً – كما أثبته الواقع الراهن – أن العالم الذي يعجز عن إقلاع نفسه من التأثر بخلفياته هذه، عاجز عن انقاذ الناس من المآسي وخاصة كالمأساة التي أصابت العراق المنكوب، لذلك وجب البحث عن البديل الأنضج أو الحلّ الأنجح.. أقول هذا وأنا أذكّر بالحديث النبوي الشريف:
"قل الحق وإن كان مراً.. ما أنفق المؤمن نفقة هي أحب إلى الله من قول الحق في الرضا والغضب.. ولا تمنعنّ أحدكم مهابة الناس أن يقول الحق إذا علمه".
| |
|