أبو الفضل (عليه السلام) في أدب الرثاء
ملاحم البطولة عند أبي الفضل العباس ( عليه السلام ) ، أثارت كوامن الحب عند الشعراء ففاضت منها القصائد الرائعة التي لازالت المنابر الحسينية ترددها فترتوي منها القلوب العامرة بحب أهل البيت والظامنة الى ذكرهم العطر ونحن نختار في نهاية كتابنا بعضا من تلك القصائد التي تنير درب اصحاب البصائر .
والعباس ضاحك مستبشر (1)
عبست وجــــــــوه القـــــــوم والـ عباس فيهم ضاحك متبسم
قلب اليمين على الشمال وغاص في الاوساط يحصد في الرؤوس ويحطم
وثنا أبو الفضل الفوارس نكصا فرأوا أشد ثباتهم ان يهزموا
ما كر ذو بأس له متقدما إلا وفر ورأسه المتقدم
صبغ الخيول برمحه حتى غدا سيان اشقر لونها والادهم
بطل تورث عن ابيه شجاعة فيها انوف بني الضلالة ترغم
عرف المواعظ لا تفيد بمعشر صموا عن النبأ العظيم كما عموا
فانصاع يخطب بالجماحم والكلا فالسيف ينثر والمثقف ينظم
أوتشتكي العطش الفوطم عنده وبصدر صعدته الفرات المفعم
في كفه اليسرى السقاء يقله وبكفه اليمنى الحسام المخذم
قسما بصارمه الصقيل وانني في غير صاعقة السما لا اقسم
لولا القضا لمحى الوجود بسيفه والله يقضي ما يشاء ويحكم
حسمت يديه المرهفات وانه وحسامه من حدهن لأحسم
فغدا يهم بان يصول فلم يطق كالليث إذ اضفاره تتقلم
وهوى بجنب العلقمي فليته للشاربين به يداف العلقم
فمشى لمصرعه الحسين وطرفه بين الخيام وبينه متقسم
ألفاه محجوب الجمال كأنه بدر بمنحطم الوشيج ملثم
فأكب منحنيا عليه ودمعه صبغ البسيط كأنما هو عندم
قد رام يلثمه فلم ير موضعا لم يدمه عض السلاح فيلثم
اليوم بان عن اليمن حسامها اليوم آل الى التفرق جمعنا
اليوم نامت أعين بك لم تنم وسهرت اخرى فعز منامها
أحمى الضائعات (2)
يا ابا الفضل قم ألست الذي قد كنت لي مسعدا إذا الدهر نابا
أولست الذي إذا ما مهيب هب للحرب لم تكن هيابا
كسر اليوم بافتقادك ظهري وقناتي فلت وظني خابا
يا بني هاشم وآل نزار بدركم قد هوى فقوموا غضابا
فل حدي وثل مجدي فقوموا وأزيلوا عن الرؤوس الترابا
وانثنى للخبا محدودب الظهر تردى من الأسى جلبابا
فراته مخدرات بني الوحيي فشقت من الخدور حجابا
نادبات بالندب اين حمانا أين ما كان في الخطوب المآبا
فدعا يا بنات احمد صبرا عظم الله أجركم والثوابا
ان دهري علي فوق سهما ورمى كف عزمتي فأصابا
فدعت والعيون تذرف دمعا يخجل السيل صوبه والسحابا
أحمى الضائعات من لو دعاه فوق هام السهى مروع أهابا
اوحش الحرب فقده في نهار وبليل قد اوحش المحرابا
إستجار به الهدى (3)
يا للرجال لحادث متفاقم لو حل هابطة لدن شمامها
فانهض الى الذكر الجميل مشمرا فالذكر أبقى ما اقتنته كرامها
أو ما اتاك حديث وقعة كربلا انى وقد بلغ السماء قتامها
يوم أبو الفضل استجار به الهدى والشمس من كدر العجاج لثامها
فحمى عرينته ودمدم دونها ويذب من دون الشرى ضرغامها
والبيض فوق البيض تحسب وقعها زجل الرعود اذا اكفهر غمامها
من باسل يلقى الكتيبة باسما والشوس يرشح بالمنية هامها
واشم لا يحتل دار هضيمة او يستقل على النجوم رغامها
أولم تكن تدري قريش انه طلاع كل ثلية مقدامها
بطل أطل على العراق مجليا فاعصوصبت فرقا تمور شئامها
وشى الكرام فلا ترى من أمة للفخر الا ابن الوصي أمامها
هو ذاك موئل رايها وزعيمها لو جل حادثها ولد خصامها
وأشدها باسا وارجحها حجا لو ناص موكبها وزاغ قوامها
من مقدم ضرب الجبال بمثلها من عزمه فتزلزلت أعلامها
من فضاكم له من ضربة مضرية قد كاد يلحق بالصحاب ضرامها
أغرت به عصب ابن حرب فانثنت كامي الجباه مطاشة احلامها
ثم انثنى نحو الفرات ودونه حلبات عارية يصل لجامها
فكأنه صقر باعلى جوها جلا فحلق ما هناك حمامها
فهنا لكم ملك الشريعة واتكى من فوق قائم سيفه قمقامها
فأبت نقيبته الزكية ريها وحشا ابن فاطمة يشب ضرامها
حصمت يديه يد القضاء بمبرم ويد القضا لم ينتقض أبرامها
واعتاقه شرك الردى دون الورى ان المنايا لا تطيش سهامها
الله اكبر أي بدر خر عن أفق الهداية واستشاط ظلامها
فمن المعزى السبط سبط محمد بفتى له الاشراف طأطأ هامها
واخ كريم لم يخنه بمشهد حيث السرات كبابها اقدامها
تالله لا انس ابن فاطم اذ جلا عنه العجاجة يكفهر قتامها
ولقي به نحو المخيم حاملا من شاهقي علياء عز مرامها
وهوى عليه ما هنالك قائلا اليوم بان عن اليمين حسامها
اليوم سار عن الكتائب كبشها اليوم بان عن الهداة امامها
اليوم آل الى التفرق جمعنا اليوم حل عن البنود نظامها
اليوم نامت أعين بك لم تنم وتسهدت أخرى فعز منامها
أشقيق روحي هل تراك علمت اذا غودرت وانثالت عليك لئامها
ان خلت اطبقت السماء على الثرى أود كدكت فوق الربى أعلامها
لكن أهان الخطب عندي انني بك لاحق أمرا قضى علامها
كسرت الآن ظهري (4)
هيهات ان تجفو السهاد جفوني او ان داعية الأسى تجفوني
أنى ويوم الطف أضرم في الحشا جذوات وجد من لضى سجين
يوم أبو الفضل استفزت بأسه فتيات فاطم من بني ياسين
في خير انصار براهم ربهم للدين أول عالم التكوين
فرقى على نهد الجزارة هيكل أنجبن فيه نتائج الميمون
متقلدا عضبا كأن فرنده نقش الأراقم في خطوط بطون
حتى إذا قطعوا عليه طريقه بسداد جيش بارز وكمين
فثنى مكردسها نواكص وانثنى بنفوسها سلبا قرير عيون
ودعته أسرار القضا لشهادة رسمت له في لوحها المكنون
حسموا يديه وهامه ضربوه في عمد الحديد فخر خير طعين
ومشى اليه السبط ينعاه كسـ رت الآن ظهري يا أخي ومعيني
عباس كبش كتيبتي وكنانتي وسري قومي بل أعز حصوني
يا ساعدي في كل معترك به أسطو وسيف حمايتي بيميني
لمن اللوا أعطي ومن هو جامع شملي وفي ضنك الزحام يقيني
أمنازل الأقران حامل رايتي ورواق أخبيتي وباب شؤوني
لك موقف بالطف أنسى أهله حرب العراق بملتقى صفين
أولست تسمع زينبا تدعوك من لي يا حماي إذا العدى نهروني
أولست تسمع ما تقول سكينة عماه يوم الأسر من يحميني
كان الرجا بك ان تحل وثاقهم لي بالحبال المؤلمات متوني
وتجيرني في اليتم من ضيم العدى واليوم خابت من رجاك ظنوني
عماه إن أدنو لجسمك أبتغي تقبيله بسياطهم ضربوني
عماه ما صبري وأنت مجدل عار بلا غسل ولا تكفين
من مبلغ أم البنين رسالة عن واله بشجائه مرهون
لا تسأل الركبان عن أبنائها في كربلاء وهم أعز بنين
تأتي لأرض الطف تنظر ولدها ثاوين بين مبضع وطعين