خصائصه و مصادره
مصادر التشريع في فقه أهل البيت عليهم السلام
و قد تجلى مما سبق أن مصادر التشريع التي يمكن الاستناد إليها في فقه أهل البيت عليهم السلام إثنان:«الكتاب الكريم» و «السنة الشريفة».
و أما الإجماع فعده مصدرا مستقلا مبني على المسامحة لأنه بما هو إجماع و من دون كاشفيته عن موافقة المعصوم عليه السلام ليست له قيمة في نظرنا،و لا نسلم بالمقالة القائلة:«لا تجمتمع أمتي على ضلال». فالقيمة على هذا الأساس للسنة أي لراي المعصوم عليه السلام المنكشف بالإجماع، و دور الإجماع ليس إلا دور الكاشف عن السنة.
و أما العقل فليس له حق التشريع و لا معنى لأن يحصل له القطع بحرمة شيء أو وجوبه إذ ليس له طريق لإدراك ملاكات الأحكام. أجل يمكن أن يحصل له القطع في موردين:
أـ باب الملازمة، كأن يقطع بالملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدمته أو حرمة ضده. و متعلق القطع في هذا هو الملازمة دون الحكم.و بضم القطع المذكور إلى حكم الشارع بوجوب شىء معين يستكشف أن الشارع قد حكم بوجوب المقدمة أو حرمة الضد.
بـ الأحكام البديهية الواضحة كوجوب العدل و حرمة الظلم مثلا،و لكن في هذين الحكمين و ما شابههما توجد أدلة شرعية تدل على ذلك و لا يكون عد العقل مصدرا من مصادر التشريع بعد هذا قضية فنية.
و نؤكد:إن دور العقل في الموردين المذكورينـ الملازمة و الأحكام البديهيةـ دور المدرك و المستكشف دون المؤسس و الحاكم،اذ ليس من حقه ذلك.
و إذا سألت عن السيرة هلا يصلح عدها مصدرا من مصادر التشريع؟ كلا لا يمكن ذلك لأن حجيتها تنبع من كاشفيتها عن راي المعصوم عليه السلام الذي هو السنة و إلا فهي لا قيمة لها.
اما كيف تكشف السيرة عن موافقة المعصوم عليه السلام؟ ذلك لأنها إذا كانت عقلائية و معاصرة لزمن المعصوم عليه السلام فعدم الردع عنها يدل على إمضائها، و إذا كانت متشرعية و متصلة بزمن المعصوم عليه السلام فهي تكشف مباشرة عن موافقته و إلا لم تكن سيرة متشرعة. (1)
و أما الاستصحاب و بقية الأصول العملية فهي قواعد عامة مستفادة من السنة و ليست شيئا مستقلا في مقابلها.
تعليقة:
(1) تجد تفصيل البحث حول السيرة في دروس في علم الأصول / الحلقة الثانية / ص 137 ـ 140 و 159 153 / ط مجمع الفكر الاسلامي
دروس تمهيدية في الفقه الاستدلالي ج 1 ص 22
الشيخ باقر الإيرواني