طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: علي (عليه السلام)وبعض والفضائل النفسية الإثنين مارس 21, 2011 12:50 pm | |
| علي (عليه السلام)وبعض والفضائل النفسية
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعمائه وصلى الله على سيدنا محمد سيد أنبيائه وآله سادات أوليائه.
قال الله تعالى في القرآن العظيم: (قل كلٌّ يعمل على شاكلته)(1).
قال علماء النفس والفلاسفة: إن أعمال الإنسان وأفعاله التي تظهر إلى الوجود إنما هي آثار نفسيته التي تطبع عليها، وانطباعاته التي خامرت روحه عن الوراثة والتربية، فالفضائل بكافة أنواعها وأقسامها، والرذائل بجميع أشكالها وأجناسها ما هي إلا ولائد التربية أو رواسب الوراثة.
وصفنا الفضائل بالنفسية لأن هناك فضائل لا ترتبط بالنفس كالنسب الشريف والجمال والقوة فإنها أمور لا اختيارية، والفضائل النفسية تظهرلى الوجود بالطوع والاختيار كالجود والعفو والزهد والعبادة وما شاكل ذلك فإنها منبعثة من نفس طاهرة شريفة فاضلة وإلى هذا أشار القرآن الكريم بقوله تعالى: (قل كلٌّ يعمل على شاكلته)(2)
أي قل يا محمد كل واحد من المؤمن والكافر يعمل على طبيعته وخليقته التي تخلق بها أو على طريقته وسنته التي اعتادها،
وقال الشاعر:
ملكنا فكان العفو منا سجية ....... فلما ملكتم سال بالدم أبطح فحسبكم هــذا التفاوت بيننا ....... فكل إناء بالذي فيه ينضح
وقد مر عليكم الشيء الكثير ـ القليل مما يتعلق بهذا الإمام العظيم من عوامل التشريف والتأثير في نفسيته الطاهرة (عليه السلام) من حيث الميلاد والمواهب والمزايا والخصائص والتربية، فأنتجت تلك العوامل الإلهية والنبوية أحسن إنتاج، وجعلت نفس علي مركزاً لانطلاق كل فضيلة وخير فلا عجب إذا كان الإمام (عليه السلام) صوتاً للعدالة الإسلامية ورمزاً للفتوة والمروة ومثالاً للعطف والحنان الأبوي.
وأصحاب النفوس الشريفة تختلف هواياتهم عن غيرهم، فهم دائماً وأبداً يلبون نداء ضميرهم الإنساني، ويستلذون بإسعاف الفقير والمسكين. ويبتهجون بإشباع البطون الجائعة وإكساء الأجساد العارية وإنقاذ البؤساء من براثن الفاقة، وحيث أنهم أشربوا معرفة الله تعالى وخالط حب الله لحومهم ودماءهم فإن أسعد أوقاتهم وألذها عندهم هي الساعات التي يشتغلون فيها بمناجاة ربهم والخضوع والخشوع أمام عظمة الله تعالى، فلا يملون من العبادة كما لا يمل الحبيب من مكالمة حبيبه.
وجملة أخرى لا بأس بالإشارة إليها وهي: أن الإنسان حينما يحس بالنقص في نفسه من حيث العلم أو الفن أو الفضيلة أو القوة أو الجمال أو ما شابه ذلك فإنه يحاول إخفاء ذلك النقص وجبران ذلك العيب عن طريق التزيين والتجميل في الملبس والمسكن وسائر لوازم الحياة ومظاهر الترف، كل ذلك إرضاء لوجدانه وضميره الذي يؤنبه بالنقص،
أما أولياء الله فإنهم يحسون بالكمال في أنفسهم، فهم في غنى عن ستر النقص عن طريق التجميل والتفنن في الملبس والمأكل والمسكن وما جرى مجرى ذلك لأنه لا نقص فيهم.
وعلى هذا الأساس كانوا يختارون لأنفسهم البساطة في المعيشة، ويتجلى الزهد في جميع مظاهر حياتهم بدون أي تكلف وتعسف، فلا يشتاقون إلى اختلاف الأطعمة ولا تميل نفوسهم إلى زخارف الحياة وزبرجدها، فإن الإحساس بالكمال يحول بينهم وبين الشعور بالحاجة إلى ما تتهافت عليه نفوس الآخرين من حطام الدنيا.
فإذا قرأنا أو سمعنا عن نبي أو إمام شيئاً من الزهد وعدم الإقبال على مباهج الحياة فلعله معلول هذه العلة التي تقدمت. وسنذكر ما تيسر من الأخبار والأحاديث التي اشتهرت بين أعلام الحديث وحفاظه حول الفضائل النفسية التي أنعم الله بها على أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
قال ابن أبي الحديد في مقدمته على شرح نهج البلاغة: وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل؟ ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله؟ فقد علمت أنه استولى بني أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره، والتحريف عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم ومنعوا من راوية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً، حتى حضروا (منعوا) أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه وكلما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة.
وما أقول في رجل تعزى (تنسب) إليه كل فضيلة؟ وتنتمي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها. وكل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى... وإن رجعت إلى الخصائص الخلقية والفضائل النفسية والدينية وجدته ابن جلاها، وطلاع ثناياها.
علي (عليه السلام) واليقين
في البحار ـ ج9 ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام): كان لعلي غلام اسمه قنبر وكان يحب علياً (عليه السلام) حباً شديداً فإذا خرج علي خرج على أثره بالسيف فرآه ذات ليلة فقال يا قنبر: ما لك؟ قال: جئت لأمشي خلفك فإن الناس كما تراهم يا أمير المؤمنين فخفت عليك.
فقال ويحك! أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض؟ قال: بل من أهل الأرض.
قال: إن أهل الأرض لا يستطيعون بي شيئاً إلا أن يأذن الله عز وجل من السماء، فارجع فرجع.
وقيل له (عليه السلام) يوم صفين احترس يا أمير المؤمنين فإنا نخشى أن يقتلك هذا اللعين.
فقال (عليه السلام): كفى بالأجل حارساً، ليس أحد من الناس إلا ومعه ملائكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر، أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء، فإذا حان أجله خلوا بينه وبين ما يصيبه، فكذلك أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها فخضب هذه بهذه ـ وأشار إلى لحيته وهامته ـ
عهداً معهوداً ووعداً غير مكذوب.
| |
|