أي
انّ الحرص على طلب الدنيا وقَصْر الأوقات على السعي في تحصيلها يذلّ المرء
في الدنيا والعُقبى. فإذا ما انشغل امرؤ في طلب اُمور الدنيا، فعليه بعد
فراغه ممّا يلزمه أن يسعى في مهام الآخرة.
ويمكن أن يكون المراد ذم طلب
الدنيا مطلقاً لو كان النظر إلى مجرّد الدنيا، مثل جمع الزخارف الدنيوية
أو تحصيل الجاه والاعتبار للتفوّق على الأمثال والأقران والازدياد والغلبة
عليهم; أمّا إذا كان المقصود من طلب الدنيا تحصيل
المثوبات الأُخروية، مثل طلب المال بقدر حاجة المرء وحاجة عياله ممّا يجب
شرعاً، أو الزيادة على ذلك للتوسعة عليهم وإطعام الصادرين والواردين والبذل
على الفقراء والمساكين والانفاق في الحجّ والزيارات وسائر سبل الخيرات; أو
تحصيل الجاه والاعتبار للتمكّن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعانة
الفقراء ومنع جور الأقوياء، فهو ليس في حقيقته طلباً للدنيا، بل هو من طرق
وشُعب السعي في الآخرة، وهو ممدوح ومستحسن عقلا وشرعاً.