السلام عليكم ورحمة الله
هذه بعض التوجيهات للمؤمنات نقلا عن كتاب ماذا عليكِ يا فتاه الاسلام
اولا التبرج
تعريفه:
هو
أن تُظْهِر المرأةُ للرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها، ما يوجب عليها
الشرعُ أن تستره من زينتها ومحاسنها؛ فالتبرج إظهارُ المرأة زينتَها
ومحاسنها للرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها؛ فهو التكشف وإظهار الزينة
من المرأة والمفاتن، كحليِّها، وذراعيها، وساقيها، وصدرها، وعنقها،
ووجهِها.
قال الشيخ أبو الأعلى المودودي:
وكلمة التبرج إذا استعملتْ للمرأة كان لها ثلاثة معانٍ:
1- أن تبدي للأجانب جمالَ وجهها، ومفاتنَ جسدها.
2- أن تبدي لهم محاسن ملابسها وحليها.
3- أن تبدي لهم نفسها بمِشْيتها، وتمايلها، وتبخترها( ).
حكم التبرج:التبرج
محرَّم في كتاب الله وسنة نبيِّه وإجماعِ المسلمين؛ فالمرأةُ كلها عورة،
لا يصح أن يرى الذين ليسوا من محارمها شيئًا من جسدها، ولا شعرها، ولا
حليها، ولا لباسها الباطن.
وما تفعله أكثرُ نساء هذا الزمان من التهتك
والتبرج، وإظهارِ الزينة والذهب، ما هو إلا مجاهرةٌ بالعصيان، وتشبهٌ
بالنساء الكافرات، وإثارةٌ للفتنة.
وذلك أن خروج المرأة وقد كشفتْ رأسَها، أو عنقها، أو نحرها، أو ذراعيها، أو ساقيها - من أعظم المنكرات المخالفة للشرع المطهَّر.
وكذلك
خروجها بالثياب المُظْهِرة للمفاتن، أو الشفافة التي لا تستر ما تحتها،
فهذا ونحوه كلُّه من التبرج الذي حرَّمه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم(
).
ومن أعظم الذنوب، وأضرِّ الفتن: ما تفعله أكثرُ نساء هذا الزمان، من
خروجهن من بيوتهن فاتناتٍ مفتونات، على حال من التبرج بالزينة والطيب،
وإظهارِ المفاتن، ومخالطةِ الرجال - تُسخط اللهَ، وتوجب غضبَه، وحلولَ
نقمته.
الأدلة على تحريم التبرج:جاءتِ
الآيات القرآنية والأحاديث النبوية - وهما المصدران الأساسيان للتشريع
الإسلامي - جاءت بالنهي عن التبرج وتحريمه، والوعيد الشديد عليه؛ لما
يترتَّبُ عليه من المفاسد؛ فمنها:
1- قول الله - تعالى -: وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
[الأحزاب: 33]؛ أي: الْزمْنَ بيوتكن، فلا تخرجن لغير حاجة؛ لأنه أسلمُ
وأحفظ لكُنَّ.
وعنه أنه قال: «إن المرأة عورة، فإذا خرجَتِ، استشرفها الشيطان»؛ رواه البزار والترمذي( ).
ويلاحظ
في هذه الآية: أن الخِطاب موجَّهٌ لنساء النبي خاصة، والحقيقة أن الخطاب
موجَّه إلى نساء النبي خاصة، ولنساء المسلمين عامة؛ ذلك أن نساء النبي
هنَّ أمهاتُ المؤمنين، وهن القدوة الحسنة لغيرهن، والنموذج الطيب لنساء
المؤمنين جميعًا في كل زمان ومكان.
ويدلُّ على ذلك عمومُ الأحكام
المذكورة قبل هذه الآية وبعدها، من عدم الخضوع بالقول للرجال، والأمرِ
لهنَّ بالقول المعروف الذي لا مطمع فيه للرجال، والنهيِ عن تبرج الجاهلية
الأولى، وهو إظهار الزينة والمحاسن، والأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة،
وطاعة الله ورسوله؛ فإن هذه الأوامر أحكامٌ عامة لنساء النبي وغيرهن.
قال
القرطبي: معنى هذه الآية: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ: الأمر بلزوم
البيوت، وإن كان الخطاب لنساء النبي فقد دخل غيرُهن فيه بالمعنى، هذا لو
لم يرد دليل يعمُّ جميعَ النساء، كيف والشريعةُ طافحة بلزوم النساء
بيوتَهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة؟!( )
ذُكِرَ أن سَوْدَةَ
بنتَ زَمْعَةَ زوجَ النبي قيل لها: لِمَ لا تحجِّين ولا تعتمرين كما
يفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججتُ واعتمرتُ، وأمرني الله أن أقرَّ في بيتي،
"قال الراوي: فوالله ما خرجتْ من باب حجرتها حتى أُخْرِجَت جنازتها - رضوان
الله عليها"( ).
وقوله - تعالى -: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى؛ أي: لا تُكثرنَ الخروج متجملاتٍ أو متطيبات،
كعادة أهل الجاهلية الأولى الذين لا علم عندهم ولا دين( ).
2- من أدلة
تحريم التبرج قول الله - تعالى -: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور: 31]، والزينة تطلق على ثلاثة أشياء:
أ- الملابس الجميلة.
ب- الحلي.
ج- ما تتزين به النساء عامة في رؤوسهن ووجوههن، وغيرها من أعضاء أجسادهن، مما يعبَّر عنه في هذا الزمان بكلمة (التجميل).
فهذه
الأشياء الثلاثة هي الزينة التي أُمِرَ النساء بعدم إبدائها للرجال، إلا
لمن استثنى اللهُ منهم، وقوله - تعالى -: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا؛ أي:
ما كان ظاهرًا لا يمكن إخفاؤه، كالثياب الظاهرة، والعباءة، أو ظهر بدون
قصد، وهذه الآية تدلُّ على أن النساء لا يجوز لهن أن يتعمدْنَ إظهار هذه
الزينة( ).
وقال القرطبي: الزينة على قسمين: خِلْقية، ومكتسَبة.
فالخِلْقية:
وجهُها، فإنه أصل الزينة، وجمال الخلقة؛ لما فيه من المنافع وطرق العلوم،
وأما الزينة المكتسبة، فهي ما تحاوله المرأة في تحسين خلقتها، كالثياب،
والحلي؛ فهذا كله داخل في قول الله - تعالى -: وَلَا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ [النور: 31]( ).
3- من أدلة تحريم التبرج قول الله -
تعالى -: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ
نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ
مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور: 60].
والقواعد من النساء هن اللاتي
بلغْنَ سنَّ الإياس، وقعدن عن الحيض والولد لكبرهن؛ بحيث لا يبقى لهن مطمع
في الزواج، ولا يرغب فيهن الرجال.
وليس المراد بوضع الثياب أن تخلع
المرأة كلَّ ما عليها من الثياب، فتصبح عارية، فلأجل ذلك قد اتَّفق الفقهاء
والمفسرون على أن المراد بالثياب في هذه الآية: الجلابيب التي أمر الله أن
تخفَى بها الزينة في آية 59 من سورة الأحزاب: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن
جَلَابِيبِهِنَّ، وقوله: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ؛ أي: غير
مظهرات لزينتهن.
وحقيقة التبرج: التكلُّف بإظهار ما يجب إخفاؤه، إلا أن
هذه الكلمة قد اختصتْ بالمرأة بنهيها أن تتكشفَ للرجال بإبداء زينتها،
وإظهار محاسنها.
فمعنى الآية: ليس هذا الإذن في وضع الجلابيب والخُمُر،
إلا لأولئك النساء اللاتي لم يَعُدْنَ يرغبن في التزين، وانعدمت فيهن
الغريزة الجنسية، ولم يعد يرغب فيهن الرجالُ، ومع هذا فإن استعفافهن بعدم
وضع جلابيبهن خيرٌ لهن( ).
فإذا كان هذا الحكم في العجوز، فكيف بالشابة
التي تفتن الرجالَ ويفتتنون بها؟! ولهذا قال الرسول : «ما تركتُ بعدي
فتنةً هي أضر على الرجال من النساء»؛ متفق عليه، وقال: «اتقوا الدنيا
واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء»؛ رواه مسلم.
الوعيد الشديد بالنار
وحرمان الجنة للمتبرجات
4-
من أدلة تحريم التبرج ما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول
الله : «صنفان من أهل النار لم أرَهما: قومٌ معهم سياط كأذناب البقر
يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة
البخت المائلة، لا يَدخُلن الجنة ولا يَجدْن ريحها، وإن ريحها ليوجدُ من
مسيرة كذا وكذا»؛ رواه مسلم في صحيحه، جـ 6 (ص168).
وهذا تحذيرٌ شديد من
التبرج والسفور، ولبس الرقيق والقصير من الثياب، وتحذيرٌ شديد من ظلم
الناس والتعدي عليهم، ووعيدٌ لمن فَعَلَ ذلك بحرمان الجنة.
وقوله: «لم
أرهما»؛ أي: في حياته، وهذا الحديث من معجزاته حيث وُجدتِ النساء
الكاسيات بما عليهن من ثياب قصيرة، العاريات بما ظهر من أجسادهن، ووُجدت
النساء الكاسيات بما عليهن من ثياب وخُمُر شفافة لا تستر ما تحتها؛ فهن
عاريات بما يظهر من أجسادهن من وراء تلك الثياب، وشبيه بالعري - بل قد يكون
أبلغَ منه في الفتنة - لبسُ الثوب الضيق الذي يظهر مفاتن المرأة ومعازلها.
ومعنى
«مائلات»: قيل: عن طاعة الله وما يلزمهن حفظُه، و«مميلات»: يعلِّمن غيرَهن
فعْلَهن المذموم، وقيل: «مائلات» يمتشطن المشطة الميلاء، وهي مشطة
البغايا، و«مميلات»: يمشطن غيرَهن تلك المشطة( ).
«رؤوسهن كأسنمة
البخت»؛ أي: يُكَبرنَها ويعظمنها بلفِّ عصابة أو نحوها، كما هي حال كثير من
النساء اليوم، اللاتي يجمعن شعور رؤوسهن فوق هاماتهن، أو في مقدمة رؤوسهن،
إلى غير ذلك - نعوذ بالله من سوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
من أضرار التبرج
وبناءً
على ما تقدم؛ فالتبرج يضر النساءَ والرجال في الدنيا والآخرة، ويزري
بالمرأة، ويدلُّ على جهلها، وهو حرام على الشابة والعجوز، والجميلة وغيرها؛
فتبرجُ المرأة ضررُه عظيم، وخطره جسيم؛ لأنه يخرب الديار، ويجلب الخزيَ
والعار، ويدعو إلى الفتنة والدمار، لقد اتَّبعت المرأة المتبرجة خطواتِ
الشيطان، وخالفتْ أوامرَ السنة والقرآن، وتعدَّتْ حدودَ الله، واجترأت على
الفسق والعصيان( ).
وإن مما يحز في النفس، ويبكي العين، ويؤلم القلب: ما
يشاهد من بعض الفتيات في الشوارع والمستشفيات، وفي الحرمين الشريفين
وغيرهما، سافرات الوجوه، كاشفات الأذرع، عاريات السيقان، ولا يلتفتن إلى
أوامر الله وأوامر رسوله الناهيةِ عن التبرج والسفور، والآمرةِ بالتستر
والحجاب.
أختي المسلمة، احذري التبرجَ وإظهار الزينة لغير المحارم،
واحذري كثرةَ الخروج من البيت بدون عذر شرعي؛ طاعةً لله ولرسوله، وصيانةً
لنفسك ودينك وعرضك عن الابتذال والامتهان.
ومن أعظم الفساد تشبُّهُ
كثيرٍ من النساء بنساء الكفار من النصارى وأشباههم، في لبس القصير من
الثياب، وإبداء الشعور والمحاسن، ومشط الشعور على طريقة أهل الكفر والفسق،
وفرقها من جانب الرأس، ولبس الرؤوس الصناعية المسماة (الباروكة)؛ قال :
«من تشبَّه بقوم فهو منهم»؛ رواه أحمد وأبو داود وابن حبان وصححه( ).