الأقربون أولى بالمعروف
كثير
هي الأحاديث المروية عن الأئمة الهداة عليهم أفضل الصلاة والسلام التي تنص
وتؤكد على أهمية الصداقة في الحياة الدنيا . وكثيرا هم الكتّاب الذين
تناولوا موضوع الصداقة في كتبهم ومقالاتهم. إلا أننا لو بحثنا في هذه الكتب
والمقالات لوجدنا أن الغالبية العظمى منها برمج مصطلح الصداقة على أساس
أنها علاقة تنشئ مع أفراد من خارج المنزل ، فتبرمجت عقول الناس على ذلك
فأصبح الأفراد يبحثون عن تكوين صداقاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية بعيداً عن
المنزل ... كأن يكون في المدرسة، الجامعة، العمل، النوادي، المراكز
الثقافية.. الخ وللأسف الشديد نادراً ما تنجح هذه العلاقات والصداقات لتدوم
طويلاً ، .. فالكثير منها قائم على دعائم المصالح والمآرب الشخصية.
فبات
أمر اختيار صديق صالح أمر يؤرّق الكثيرين .. فنادراً ما نجد صديق صدوق
حقاً .. يفّي لهذه الصداقة ويحترمها . فبعض الصداقات كالفجر تمر بنا عابرة
.. وبعضها الآخر، نحسبه أشجار صنوبر تنمو وتكبر رغم الظروف القاسية التي
تعانيها من صحراء الحياة ، إلا إنها وفي طرفة عين تتحول إلى أشجار موسمية
عابرة ..
ولما
كانت عملية انتقاء أشخاص صالحون، يرقون لمستوى الصداقة، عملية صعبة في هذا
الزمن، فلما لا تبحثي أولاً في محيطك القريب جداً ؟؟ في المنزل ؟؟ العائلة
؟؟
فتكوني صديقة أختك .. أمك.. ابنة عمك .. ابنة خالتك .. عملاً بقوله سبحانه وتعالى (كُتِبَ
عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا
الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا
عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة:180) .. والحديث الشريف ( القرابة أحوج إلى المودة، من المودة إلى القرابة) .
فقد قال أحدهم لما قيل له: ( أيهما أحب إليك، أخوك أم صديقك؟ فقال : إنما أحبّ أخي إذا كان صديقاً لي فالقربى محتاجة إلى المودة، والمودة مستغنية عن القربى )
إذا القرابة لا تستغني عن المودة، فالمودةُ أوسع وأشمل من الأولى.. وعملية
دمج صلة القرابة برابطة الصداقة تعمل على توطيد العلاقات الاجتماعية
الأهلية ، ناهيك عن مساهمتها في إجهاض الكثير من المشاكل التي تعاني منها
فتاة اليوم ، فالكثير من فتياتنا يعانون من انعدام التفاهم بينهن وبين
أمهاتهن ، أو حتى أخواتهن اللاتي يكبرنهن سناً ، وبالصداقة يتحقق التفاهم
والوئام ،وقد تتمكنين البوح بأسرارك وهمومك إلى أقرب الناس لك أهلك ..
فأهلك لن يتخلون عنك في يوم ما مهما حدث من خلاف ..
آنستي..
اعلمي إننا عندما نقوم بدعوتك إلى توطيد علاقاتك الداخلية ، هذا لا يعني
أن نطلب منكِ أن تكونين انطوائية منعزلة عن المجتمع الخارجي .. ولكننا نطلب
منك أولاً توطيد علاقاتك النسبية بالصداقة .. ومن ثم البحث عن صداقات
خارجية ..
المصدر : مجلة بشرى