الاِحسان إلى الطفل وتكريمه
الطفل في هذه المرحلة بحاجة إلى المحبّة والتقدير من قبل الوالدين وبحاجة
إلى الاعتراف به وبمكانته في الاسرة وفي المجتمع ، وان تسلّط الاضواء عليه ،
وكلّما أحسَّ بانّه محبوبٌ ، وأنّ والديه أو المجتمع يشعر بمكانته وذاته
فانّه سينمو (متكيفاً تكيّفاً حسناً وكينونته راشداً صالحاً يتوقف على ما اذا كان الطفل محبوباً مقبولاً شاعراً بالاطمئنان في البيت) .
والحبُّ والتقدير الذي يحسّ به الطفل له تأثير كبير على جميع جوانب حياته ،
فيكتمل نموه اللغوي والعقلي والعاطفي والاجتماعي ، والطفل يقلّد من يحبه ،
ويتقبّل التعليمات والاَوامر والنصائح ممّن يحبّه ، فيتعلم قواعد السلوك
الصالحة من أبويه وتنعكس على سلوكه إذا كان يشعر بالمحبة والتقدير من
قبلهما .
وقد وردت عدة روايات تؤكد على ضرورة محبة الطفل وتكريمه . قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : "أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم" وقال (صلى الله عليه واله وسلم) : "رحم الله عبداً أعان ولده على بِرّه بالاِحسان إليه والتألف له وتعليمه وتأديبه"
وقال (صلى الله عليه واله وسلم) : "نظر الوالد إلى ولده حبّاً له عبادة" وقال (صلى الله عليه واله وسلم) : "أحبّوا الصبيان وارحموهم ، فاذا وعدتموهم فوفوا لهم ، فانّهم لا يرون إلاّ انكم ترزقونهم" .
ومن مصاديق محبة الطفل واشعاره بمكانته التشجيع له ومدحه على ما ينجزه من
أعمال وإنْ كانت يسيرة والتجاوز عن بعض الهفوات ، وعدم تسفيه أقواله أو
أعماله وعدم حمله على مالا يطيق كما جاء في قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : "رحم الله من أعان ولده على برّه... يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ولا يرهقه ولا يخرق به..." .
وتقبيل الطفل من أفضل الوسائل لاِشعاره بالحب والحنان ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : "أكثروا من قبلة أولادكم ، فان لكم بكلِّ قبلة درجة في الجنة"(4)س وقال (صلى الله عليه واله وسلم) : "من قبّل ولده كان له حسنة ، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة..." .
وقال الاِمام جعفر الصادق (عليه السلام) : "برّوا آباءكم يبرّكم أبناؤكم" ومن مصاديق إشعار الطفل بانه محبوب إسماعه كلمات الحبّ والودّ ففي روايةٍ (جاء الحسن والحسين يسعيان إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فأخذ أحدهما فضمّه إلى إبطه ، وأخذ الآخر فضمّه إلى إبطه الآخر وقال : "هذان ريحانتاي من الدنيا") .
ومن أجل إشعار الطفل بمكانته الاجتماعية لتتعمق الثقة بنفسه كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يسلّم على الصغير والكبير كما جاء في الخبر إنّه : (مرّ على صبيان فسلّم عليهم) .
وتعامل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مع الحسن والحسين تعاملاً خاصاً ، فقد (بايع الحسن والحسين وهما صبيّان) .
وإشعار الطفل بالحب والحنان من أهم العوامل التي تساعده على الطاعة والانقياد للوالدين .
والافضل أن يكون إشعار الطفل بانّه محبوب مرافقاً له في كلِّ الاوضاع
والاحوال حتّى وإنْ أخطأ أو ارتكب ما يوجب التأنيب أو العقاب ، والافضل أن
نجعل الطفل مميّزاً بين الحب له وعدم كراهيته في حالة خطئه أو ذنبه ، يقول
الدكتور سپوك : (انّنا كآباء يجب أن لا نجعل
الطفل يشعر في أي مرحلة من مراحل عمره بانّه منبوذ ولو حتى بمجرد نظرة عين
، انّ الطفل لا يستطيع ان يفرّق بين كراهية والديه لسلوكه وبين كراهيتهما
له) .
ولكن بالتدريب وتكرار العمل يمكننا أن نقنع الطفل بأنّ العمل الخاطىء الذي
يرتكبه مبغوضاً من قبل والديه ، أو من قبل المجتمع مع بقاء المحبوبية له ،
ونحاول إقناعه بالاقلاع عن الاعمال الخاطئة وإشعاره بإنْ الحب والحنان
سيصل إلى أعلى درجاته في هذه الحالة .
المصدر : كتاب تربية الطفل في الإسلام