المُقدَّم:
السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته، تقبل الله أعمالكم
وصيامكم في هذا الشهر الفضيل، مطارحات في العقيدة يأتيكم مباشرة من قناة
الكوثر الفضائية في قم المقدسة. أرحب بسماحة السيد كمال الحيدري، سماحة
السيد أبدأ معك مباشرة من في استكمال ما بدأناه من بحث في الليالي السابقة
حول رزية الخميس (القسم الخامس) التي نتناول فيها هذا الموضوع، ومن الليلة
القادمة سوف ندخل في مبحث آخر بشكل أو بآخر يستكمل هذا الكلام. الإمام
النووي قال أن هناك اتفاق على أن ما قام به الخليفة الثاني هو من دلائل
فقهه ودقة نظره، هل هذا الرأي تام أم لا.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
مرة أخرى
أشير إلى هذه الحقيقة وهي أن هذه الحادثة وأن هذه الواقعة وما حدث فيها من
انقسام بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حيث ذهبت جماعة وفئة من
هؤلاء إلى أنه يجب الامتثال لقول رسول الله ولذا قالوا قربوا له كتاباً،
ولكنه في مقابل هذا الاتجاه كان هناك اتجاه آخر كان يصر على منع رسول الله
صلى الله عليه وآله من الكتابة، لا أنه اجتهد وقال رأياً، لا لا، وإنما كان
هناك إصرار على منع رسول الله من الكتابة لهذا الكتاب الذي قال عنه هو صلى
الله عليه وآله لن تضلوا بعده أبداً.
في
المقدمة هذا الاختلاف الذي وقع إذا أردنا أن نقرأ كثيراً من الأحداث التي
وقعت بعد رسول الله ما لم نلتفت إلى هذا الجذر الذي وقع في رزية يوم الخميس
لا نستطيع أن نفهم الأحداث كما ينبغي. ولذا خصوصاً أهل القلم وأصحاب طلب
الحقيقة وأهل العم، هذا الخطاب موجه إليهم جميعاً إذا أرادوا أن يجذروا
المسائل، واحدة من الأمور التي أؤكد عليها مراراً وتكراراً في بحوثي
ودراساتي أقول أن المسائل سواء كانت علمية أو تأريخية أو اجتماعية لابد أن
نجذر تلك المسائل، لابد أن نعرف الجذور التي بدأت منها هذه المسائل. هذه
نقطة أساسية ومهمة وتعد هذه الواقعة من أهم المحاور لفهم كل الأحداث التي
وقعت بعد ذلك، بل إلى يومنا هذا، وهذا الخلاف والاختلاف القائم بين
المسلمين واحدة من أهم محاوره هو ذلك المجلس وتلك الحادثة التي وقعت في آخر
أيام رسول الله صلى الله عليه وآله.
في
المقدمة مرة أخرى أشير حاول البعض أن هجر لا يدل على معنى قبيح حتى أنه إذا
قاله أحد الاصحاب أو نسب إلى الخليفة الثاني حتى يدل على أن ... لا،
مضمونه لغة واستعمالاً واصطلاحاً شيء مرفوض جداً ولا يمكن أن يقال على رسول
الله. هذا مصدر من أهم المصادر في هذا المجال وهو كتاب (سبل الهدى والرشاد
في سيرة خير العباد، ج12، ص249) تأليف محمد بن يوسف الصالحي الشامي،
المتوفى 942هـ تحقيق وتعليق الشيخ عادل أحمد والشيخ علي محمد معوض، ج12،
دار الكتب العلمية، قال: (قولهم: أهجر، بإثبات همز الاستفهام وفتح الهاء
والجيم هجر، قالوا ولبعضهم هجر بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين أي قال هجر)
بعضه قال هجر أو أهجر (والهجر) محل الشاهد، سواء كانت الصيغة يهجر أو كانت
الصيغة أهجر لا فرق (والهجر بضم الهاء وسكون الجيم وهو الهذيان الذي يقع
من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته) أيها الصالحي
الشامي ماذا تقول هذا ممكن الاحتمال في خير الأولين والآخرين وسيد الأنبياء
والمرسلين قال: (ووقوع ذلك من النبي مستحيل في حقه). هذه الاستحالة كما
يقول الفلاسفة استحالة وقوعية لا استحالة ذاتية وله بحث آخر.
ثم يبدأ
أيضاً ... إذا كان هذا الاحتمال وارد يعني كيف أن الصحابة لم يكونوا يعلموا
أن هذا الأمر ولو احتمالاً مستحيل في حق سيد الأنبياء والمرسلين، قال:
(وإنما هذا على طريق الاستفهام) كيف يفسر الاستفهام (الذي معناه الإنكار
والإبطال، أي أنه لا يهجر) يعني هؤلاء قالوا أهجر يعني يريدون أن يقولوا لا
يهجر، إذا كان الأمر كذلك عزيزي أيها العالم لماذا أن رسول الله تألم منهم
واغتم وقال قوموا عني. شيء غريب، يقول: (أي لم يختلفوا في الأخذ عنه ولم
ينكروا عليه الكتاب وهو لا يهجر أصلاً) إذا كان الأمر كذلك كما قلت كانوا
ركضوا وأسرعوا وكان رسول الله يقول لهم جزاكم الله خيراً.
في (صحيح
مسلم، ج11) ذكر جملتين قال: (وأما كلام عمر) الخليفة الثاني (فقد) التفتوا
إلى العبارة حتى نعرف بعد ذلك وأنا أشرت إلى هذه النكتة سابقاً قلت لابد أن
نتابع وندقق كلمات الأعلام لنرى أنه يوجد هذا الاتفاق الذي ذكره أو لا.
يقول: (فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر
وفضائله ودقيق نظره). هذا كلام النووي، ويا ليت أنه يقول أن هذا اجتهادي
ورأيي، بل يقول أن هذا اتفاق.
نحن في
هذه الليلة نحاول أن نقف لنرى أنه يوجد مثل هذا الاتفاق أو لا يوجد. أنا
أشير إلى أربعة أو خمسة من الأعلام وبعضهم من المستميتين بل كلهم من
المستميتين في الدفاع عن الصحابة.
المورد
الأول ما ورد في (منهاج السنة النبوية، ج3، ص533) لابن تيمية، تحقيق محمد
رشاد سالم، نشر دار الفضيلة ومؤسسة الريان، انظروا ماذا يتكلم عن هذه
الواقعة، يتكلم عن هذه الواقعة التي اشترك فيها الخليفة الثاني أو كان على
رأسها الخليفة الثاني، هل يتكلم عن الواقعة بما يدل على منقبة وفضيلة لهذه
الطبقة والفئة وعلى رأسهم الخليفة الثاني أو يتكلم بلغة الاعتذار والتوجيه
وإيجاد المخرج والدفاع بما يدل على أنه وقع هناك خطأ كبير وجسم، لابد من
تلافيه وإيجاد المخرج من هذا المأزق له.
بعد أن
ينقل الواقعة يقول: (وأما عمر فاشتبه عليه) بينكم وبين الله إذا كانت منقبة
المناقب يعبر عنها بأنه اشتبه عليه (فاشتبه عليه هل كان قول النبي من شدة
المرض) يعني من الهذيان، لأنه غلبه الوجع يعني اختلط الحق بالباطل وليس كل
كلامه وحي وإنما فيه ما خالطه غير الحق، بشكل واضح وصريح ان ابن تيمية يبين
أن الخليفة الثاني شك في رسول الله أنه له بوضعه الطبيعي وكان بقواه
العقلية أو اختلط عليه ... يقر بهذه الحقيقة ولكن يعتذر له ويقول أن شدة
المصيبة كانت شديدة وأن الحادثة كانت كبيرة أنه يجد رسول الله على فراش
الموت فهذا أفقد عمر توازنه. اعتذر للخليفة الثاني حتى يخلص الخليفة الثاني
أو هذه الجماعة من هذا المأزق وهو المخالفة الصريحة لأمر رسول الله.
يقول:
(فاشتبه عليه هل كان قول النبي من شدة المرض أو كان من أقواله المعروفة)
يعني التي صدرت عن توازن واستواء عقلي حتى يكون مصداق لما (ينطق عن الهوى
إن هو إلا وحي يوحى). فإن قلت هذا جواب عن سؤال مقدر ابن تيمية يقول:
(والمرض جائز على الأنبياء) انظروا هذه المغالطة، نحن نتفق معك أن المرض
جائز على الأنبياء ولكن هل أن المرض يغلبهم حتى يختلط عندهم الحق بالباطل
ويؤدي إلى الهذيان. هذه من مغالطات ابن تيمية، هو لا يقول اللازم بل يقول
(والمرض جائز على الأنبياء) والجميع يعتقد هذا. إنما أنا بشر مثلكم ومن
لوازم البشرية المرض، ولكن البحث ليس في المرض، هذه المغالطات التي ملء بها
كتاب منهاج السنة. (والمرض جائز على الأنبياء ولهذا قال) الخليفة الثاني
(ما له أهجر) انظروا المغالطة، أنت تقول المرض جائز لا الهجران والهذيان
جائز، انظروا كيف انتقل من المرض إلى الهذيان. التفتوا إلى هذا بودي أن
المشاهد يلتفت بدقة إلى هذه القضية، يعني هناك مقدمة كما يقول علماء المنطق
مقدمة مطوية فينتقل من مرضه إلى غلبه المرض وأصيب بالهذيان. قال: (ما له
أهجر، فشك في ذلك) في هذا تصريح لمن يريد الدفاع عن الخليفة الثاني، هذا
إمام من أئمة النهج الأموي ومن أئمة الوهابية يصرح أن الخليفة الثاني شك في
رسول الله أنه باق على قواه العقلية أو أنه وقع اختلال في قواه العقلية.
(فشك في
ذلك ولم يجزم بأنه هجر) وبعد ذلك سنقرأ أن من يجزم بأن رسول الله قد هجر
فقد خرج عن الملة، التشكيك فيه مشكلة ومحال على رسول الله فما بالك بالجزم
بأنه أصابته لوثة (والشك جائز على عمر). فإن قلت لماذا يشك أحد كبار أصحاب
رسول الله، يقول: نحن لم ندعِ العصمة لعمر، وهذه من موارد فقه عمر أو من
موارد اشتباه عمر، عندما يقول لأنه لا معصوم إلا النبي. يريد أن يقول هذه
من فضائله أو من اشتباهاته؟ اشتباه، وإلا لو كان فضيلة لما كان هناك حاجة
لأن يقول فأنه لا معصوم إلا النبي. إذن هذا يكشف أنه يريد أن يقول أن هذا
اشتباه والاشتباه جائز على الصحابة، (فأنه لا معصوم إلا النبي لاسيما وقد
شك بشبهة) يعني الخليفة الثاني شك في رسول الله هناك شبهة وهي المرض (فإن
النبي كان مريضاً، فلم يدرِ) مرة أخرى يؤكد الكلام يعني الهذيان (فلم يدر
أكلامه كان من وهج المرض) يعني غلبه الوجع كما يعرض للمريض، ماذا يعرض
للمريض، يعرض له الحرارة أو الهذيان؟ يريد أن يقول عرض له الهذيان (أو كان
من كلامه المعروف الذي يجب قبوله، وكذلك ظن أنه ...) هذا هو المورد الأول.
المورد
الثاني: ما ورد في كتاب (الإحكام في أصول الأحكام، ج8) للحافظ لأبي محمد
علي بن حزم الاندلسي الظاهري، عنى بتصحيحه أحمد محمد شاكر، مكتبة الإمام
البخاري للنشر والتوزيع، الطبعة 1 سنة 1429هـ في موردين من هذا الكتاب يشير
إلى قضيتين أنا فقط أقرأها بلا تعليق.
في (ج7،
ص122 و 123) من الكتاب، بعد أن ينقل الرواية يقول: (إن قوماً قالوا عن
النبي صلى الله عليه وآله في ذلك اليوم ما شأنه هجر أو أهجر. قال أبو محمد)
أبن حزم الظاهري، أنا لا أحتاج إلى التعليق وأتركه للمشاهد الكريم (قال
أبو محمد: هذه زلة العالم) إذن هذه فضيلة أو زلة، بينك وبين الله إذن
اجتمعت كلمة العلماء على أنها فضيلة من فضائل الخليفة الثاني أو أنها زلة
من زلاته أمام رسول الله (هذه زلة العالم التي حذر منها الناس قديماً وقد
كان في سابق علم الله تعالى) الآن يريد أن يوجه (أن يكون بيننا الاختلاف
وتضل طائفة وتهدي بهدي الله أخرى) يعني رسول الله لم يكن يعلم أن هذا في
سابق علم الله حتى لا يقول هذا الكلام؟! (فلذلك نطق عمر) يريد أن يوجه
لعمر، فإذا كانت زلة لماذا نطق عمر؟ حتى يحقق القضاء والقدر الإلهي وكأن
رسول الله، بل أن رسول الله لم يكن يعلم أن الله سبحانه وتعالى من قضائه
وقدره أن تهتدي جماعة وتضل أخرى. (مما كان سبباً) هذا الذي نطق به الخليفة
الثاني وجماعته، انظروا كيف يتناقض في كلماته إذا كان من قضاء الله وقدره
لماذا تقول هذا الكلام (مما كان سبباً إلى حرمان الخير بالكتاب الذي لو
كتبه لم يضل بعده أحداً) أنا لا أعلم كيف إذا كان قضاء الله وقدره كيف أنه
حرمان من الخير الكثير (ولم يزل أمر هذا الحديث مهماً لنا وشجى في نفوسنا
وغصة نألم لها). ومع ذلك يريد الإمام النووي أن يجعلها من مناقب وفضائل
ودقة ويريد ان يجعلها أمثال العثيمين استشرف المستقبل بنحو لم يستطع رسول
الله أن يستشرف ذلك. هذا المورد الأول من ابن حزم.
المورد
الثاني أيضاً بعد أن ينقل الرواية يقول: (واعترض آخرون) على رسول الله في
هذا الحديث (من أهل الجهل على الحديث المذكور بالآية المباركة) حسبنا كتاب
الله (وصوبوا فعل عمر وقوله في ذلك اليوم) يعبر عنهم أهل الجهل لا أهل
العلم. (قال أبو محمد: وهذان الاعتراضان) لأنه ذكر اعتراض والاعتراض الثاني
الذي صدر من أهل الجهل (من هاتين الطائفتين لا يشبهان اعتراض المسلمين)
يعني المسلم لا يعترض مثل هذا الاعتراض ... هذه طريقة المسلم (وما كان
لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم
ومن يعصي الله) يقول: (وإنما يشبهان اعتراض أهل الكفر والإلحاد) لا يريد أن
يتهم هذه الجماعة بالكفر ولكن يقول أن هذا العمل عمل من لم يؤمن بالرسول
الأعظم (وبعيد عندنا أن يعترض بهما مسلم صحيح الباطن) يعني إيمانه إيمان
حقيقي (والطائفة الثانية مجهلة لرسول الله) يعني نسبت .. لا أنه غلبه الوجع
وإنما نسبت له الجهل (مجهلة لرسول الله مدعية عليه الكذب في أمر الكتاب
الذي أراد أن يكتبه) لأنه قال لن تضلوا بعدي أبداً، وهؤلاء قالوا لا يا
رسول الله أنت مشتبه. يعني أنت أعوذ بالله ولكنه هذا كلام ابن حزم جهلوا
رسول الله وكذبوه. نحن فيما سبق كان في عباراتنا مقدار من الأدب ومن
اللياقة قلنا بأنه اجتهاد في قبال النص، وابن حزم لا يرحمهم بل يقول هذا
تجهيل وتكذيب وطعن في رسول الله صلى الله عليه وآله.
(مدعية
عليه الكذب في أمر الكتاب الذي أراد أن يكتبه أو التخليط في كلامه وأن قول
عمر أصوب من قول رسول الله وكلا هذين القولين كفر مجرد) أعزائي انظروا
الإحكام في أصول الأحكام. هذا هو المورد الثاني.
المورد
الثالث في كلام الشاطبي صاحب الاعتصام بعد أن ينقل الحديث يقول: (فكان ذلك
والله أعلم وحياً أوحى الله إليه) قال أأتوني بكتاب يقول كان ذلك وحياً
أوحاه الله إليه، أنه إن كتب لهم ذلك الكتاب لم يضلوا بعده ولكن القوم ماذا
قالوا له؟ (فتخرج الامة عن مقتضى قوله ولا يزالون مختلفين بدخولها تحت
قوله إلا من رحم ربي) ولكن هؤلاء منعوا رسول الله. هذا في (الاعتصام) ضبط
نصه أبو عبيدة آل سلمان، مكتبة التوحيد، المجلد الثالث.
وكذلك في (الموافقات) أشار إلى هذا المعنى للعلامة الشاطبي أيضاً، ج5، دار ابن القيم ودار ابن عفان، شيء من هذا القبيل.
وممن أشار
إلى نكتة في هذا المجال في جملة في كتاب (البداية والنهاية) لابن كثير،
تحقيق الدكتور عبد المحسن التركي، ج8، دار عالم الكتب، في آخر المطاف يقول:
(وإن صحت الروايات الأخرى أي هجر ويهجر) وقد نقلها مسلم كما ذكرنا (كانت
خطأ من قائلها) هو لا يقول من هو قائلها، ولكن خطأ أو فضيلة، منقبة ودقة
نظر واستشراف المستقبل أو خطأ منهم. (قالها بغير تحقيق بل لما أصابه من
الحيرة والدهشة لعظيم ما شاهده) هذا توجيه آخر.
إذن انتهي
إلى هذه النكتة وهي أن الدعوى التي ادعاها النووي أنه اتفقت كلمات العلماء
على أن هذا دال على فقه وفضيلة ودقة نظر الخليفة الثاني كلام غير متفق مع
الحقيقة ومجانب للحقيقة.
المُقدَّم: قلتم أن التشكيك الذي وقع حال دون أن يكتب النبي كتابه الذي وصفه بأنه لن تضلوا بعدي أبداً، فهل من يوافقكم هذا الرأي.
سماحة
السيد كمال الحيدري: نحن ذكرنا في الحلقات السابقة أن واحدة من أهم الوجوه
التي ذكرها القوم قالوا إذا كان هذا الكتاب على نحو الوجوب والجزم لماذا
رفع رسول الله يده عنه.
الجواب:
السبب في ذلك أن رسول الله أراد أن يحقق غاية وهدف من هذا الكتاب وبعد
التشكيك والاعتراض فهذا الكتاب لم يبقى على أهميته وسقط اعتباره، وقلنا أنه
لا فقط سقط اعتبار الكتاب بل قد يطعن في كاتبه وهو الرسول الأعظم حتى
يسقطوا هذا الكتاب عن الاعتبار، هل يوجد أحد قال أن التشكيك كان السبب في
امتناع رسول الله عن الكتابة؟
الجواب: نعم، خصوصاً أولئك الذين يتبعون الشيخ ابن تيمية يعني الوهابية أتباع محمد بن عبد الوهاب.
في كتاب
(منهاج السنة، ج3، ص533) في طبعة الأربعة مجلدات لابن تيمية، ج3، دار
الفضيلة، وفي طبعة ثمان مجلدات (ج6، ص25) قال: (والنبي صلى الله عليه وآله
قد عزم على أن يكتب الكتاب الذي ذكره لعائشة فلما رأى أن الشك قد وقع علم
أن الكتاب لا يرفع الشك فلم يبقَ فيه فائدة). إذن ما هو السبب الذي أدى إلى
امتناع رسول الله عن كتابة الكتاب سواء كان لن تضلوا بعدي أبداً أو كما
يدعون أنه أراد أن يكتب في استخلاف الخليفة الأول أبي بكر. في النتيجة رسول
الله امتنع في ذلك المجلس أن يكتب الكتاب. لو سألنا لماذا امتنع رسول الله
عن كتابة الكتاب. بعد الاعتراض وبعد الاتهام؟ الجواب: يقول أنه سقطت فائدة
الكتاب بعد أن شكك في أصل الكتاب، (علم أن الكتاب لا يرفع الشك فلم يبقَ
فيه فائدة) إذن نحن عندما أثبتنا هذه الحقيقة وقلنا بأنه اساساً رسول الله
إنما امتنع حتى يرفع تلك الشبهة التي سوف تناله قبل أن تناله كتابه، يعني
بعبارة واضحة يحجم الآثار السلبية لهذا الأمر، لأنه آخر المطاف أن الكتاب
الذي كان يريد كتابته كان له فوائد فتلك الفوائد بعد التشكيك لا تتحقق بل
هناك أغراض أخرى سوف تتحقق وتبعات ومساوئ وهو التشكيك في القوى العقلية
لرسول الله صلى الله عليه وآله. وفي أصل الرسالة، ولذا كانت المصيبة أعظم
لو كتب، يعني بعبارة علمية وقع التزاحم بين الفائدة التي تترتب على الكتاب
وبين المصيبة التي ستقع على أصل الرسالة، فالرسول صلى الله عليه وآله وجد
أن المصيبة أعظم من هذه الفوائد وهي لم تكن تتحقق بعد ذلك لأنه شكك في أصل
الكلام.
إذن هذا
الذي يركزونه من أنه الكتاب لو كان على أصل الوجوب كان كتبه رسول الله، لا،
كان الكتاب كما صرح الأعلام مثل الشاطبي وغيره أنه مما أوحى الله إليه
لأنه (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
المُقدَّم:
نتحدث عن هذه الحادثة هل كانت هذه الحادثة هي الوحيدة التي جرى التعامل
فيها مع الرسول بهذا الشكل أم هناك مخالفات أخرى، أريد أن أقول طريقة
التعامل مع الرسول ومنهج للتعامل، هل تكرر أو سبق وأن صدر مثل هذا الفعل،
أم أن هذه فعل واحد ويمكن تبريرها؟
سماحة
السيد كمال الحيدري: كما ذكر هؤلاء أن الخليفة الثاني زل، لا فقط زل وإنما
أصيب بدهشة وحيرة بمصاب رسول الله. أو من قبيل ما حدث للخليفة الثانية فلتة
وقى الله المسلمين شرها، هل هي هكذا أو أن هذه كانت سجية ومنهجاً في
التعامل معه.
طبعاً
هناك حوادث كثيرة سأشير إلى واقعة أخرى وهي واقعة صحيحة السند ومتفق عليها،
هذه الواقعة جاء بشكل واضح وصريح في (صحيح مسلم، ج1، ص68 و 68، كتاب
الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً) تحقيق
الشيخ مسلم بن محمود عثمان السلفي الأثري، دار الخير، في هذا الباب مجموعة
من الروايات. الرواية طويلة الذيل وهي (حدثني أبو كثير، قال حدثني أبو
هريرة قال: كنا قعوداً عند رسول الله، معنا أبو بكر وعمر في نفر، فقام رسول
الله من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا، وفزغنا، فقمنا)
يقول أبو هريرة أنا ذهبت فوجدت رسول الله دخل في حائط يعني بستان فأيضاً
دخلت خلفه بطريق كذائي إلى ذلك البستان (فكنت أول من فزغ فأتيت هذا الحائط)
البستان (فاحتفزت كما يحتفز الثعلب وهؤلاء الناس ورائي، فقال: يا أبا
هريرة، وأعطاني نعليه) بغض النظر عن المضمون أنا أقرأ الرواية الموجودة في
صحيح مسلم، أن رسول الله رأى أبا هريرة فأعطاه نعليه (قال: اذهب بنعلي
هاتين فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه
فبشره) وأنا لا أعلم ما هي العلاقة بين هذه البشارة وبين نعلي رسول الله.
قلت لكم أني لا اريد التعليق على الرواية، بل افترضها أنها مسلمة. (فكان
أول ما لقيت عمر، فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة، قلت: هاتين نعلين
رسول الله) لماذا صارت هاتين لا هاتان (نعلا رسول الله بعثني بهما من لقيت
يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه بشرته بالجنة، فضرب عمر بيده
بين ثديي فخررت. فقال: ارجع يا أبا هريرة) لماذا تريد أن تبلغ هذا عن رسول
الله، أيها الخليفة الثاني رسول الله أمرني، ولكن أبا هريرة خاف ورجع
(يقول: فرجعت إلى رسول الله فأجهشت بكاء وركبني عمر فإذا هو على أثري فقال
لي رسول الله: ما لك يا ابا هريرة قلت: لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به
فضرب بين ثديي ضربة خررت بها. قال: ارجع، فقال له) طبعاً هناك كلمة أنا
تأدباً لا أنقلها للمشاهد الكريم يمكن أن يراجعها في الكتاب، كلمة لا أرغب
بالتلفظ بها في مثل هذه المجالس (فقال له رسول الله: يا عمر، ما حملك على
ما فعلت) أنا أمرته بأن يفعل ذلك لماذا منعته أنت؟ انظروا إلى منهج عمر،
واضح أن رسول الله يأمر والخليفة الثاني يمنع (قال: يا رسول الله بأمي أنت
وأمي أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها
قلبه بشره بالجنة. قال: نعم) تأكد أن رسول الله، إذن ابا هريرة لم يكذب
والدليل على ذلك أن استفهم من رسول الله ورسول الله قال أنا بعثته أن يقول
كذا. (فقال) والله هذه الكلمة أثقل من السماوات والأرض أن شخصاً يقولها
لسيد البشر وسيد الأولين والآخرين وسيد الأنبياء والمرسلين، ماذا قال له؟
لم يقل له يا رسول الله أتجد في هذا مصلحة، يا رسول الله الناس لابد أن
يعملوا، يا رسول الله ... يقول له (قال: فلا تفعل) ينهى رسول الله ويأمره.
أنا لا أعلم التعليق للمشاهد الكريم أن شخصاً يُدعى له مثل ما يدعى من هذه
المقامات ويقف أمام رسول الله صلى الله عليه وآله يقول له لا تفعل (فلا
تفعل) لماذا يا عمر؟ (فأني أخشى أن يتكل الناس على هذه البشارة) إذن رسول
الله لم يلتفت وغفل عنها، من التفت لها؟ الخليفة الثانية. وهذه هي الأصل
الذي قلنا لكم مراراً أنه لأجل كرامة الخليفة الثاني لا بأس بالطعن لا في
الصحابة بل في الطعن في رسول الله. (فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس
عليها فخلهم يعملون) لماذا تريد بهذا الطريق السهل أن تدخلهم إلى الجنة
(قال رسول الله: فخلهم) كما ترى يا عمر، أنا كنت مخطأً ومشتبهاً وقلت رأياً
من عندي والحق معك.
إذن هذه القضية قضية في واقعة كانت رزاية يوم الخميس أو كانت منهج؟
المُقدَّم: هذه الصورة التي تقدم عن رسول الله صورة مهزوزة.
سماحة
السيد كمال الحيدري: لا صورة مهزوزة بل صورة تعبر عن شخص يعيش الدرجة
الثانية والثالثة في المسلمين لا الرجل الأول في مقام الرسالة، أبداً، وهذا
ما سنقرأه لاحقاً. قد يقول قائل: ماذا يقول هؤلاء حول هذا النص؟
المُقدَّم: ملاحظة واحدة، قد تكون هذه من الموضوعات التي حملت أيضاً على الصحة.
سماحة
السيد كمال الحيدري: لا إشكال، لا إشكال، لألف مرة أقول هذه من مدسوسات
وموضوعات الأمويين، ولكن أعزائي تعلمون من هيأ هذه الأرضية لأنهم منعوا
كتابة سنة رسول الله، عندما لم تكتب السنة لأنهم قالوا حسبنا كتاب الله،
فعند ذلك جاء كل من هب ودب أن ينقل حديثاً عن رسول الله، لا فقط كثر الحديث
الموضوع عن رسول الله بل شاعت نظرية الاستناد إلى الرأي، هذا رأيي، لماذا؟
لأنه لا يوجد حديث عن رسول الله فماذا يفعل الناس. ولذا قلت من لم يستطع
هذه الحادثة وحوادث مشابهة لها بطريق صحيح ومنطق لا يستطيع أن يقرأ استمرار
أحداث صدر الإسلام إلى يومنا هذا. في هذه الحادثة ماذا يقول هؤلاء، هذه
صريحة وليس فيها أن الخليفة الثاني تأثر بالأجواء وأصابته الدهشة والحيرة
ففقد توازنه وكانت هناك شبهة، لا توجد شبهة، جاء إلى رسول الله فقال له: يا
رسول الله. قال له: نعم. إذا كان يريد أن يعرف الحقيقة كان بإمكانه أن
يبدل العبارة كان يقول يا رسول الله ما هي المصلحة في هذا وما هي الحكمة في
هذا. ألا ترى أن الأنسب كذا. لا أن يقول لرسول الله لا تفعل، أهذا هو
المنطق والأدب الذي علمنا القرآن إياه في التعامل مع مقام الرسالة الخاتمة،
قال لنا (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) الأصوات لا ترفعوها لا أنكم
تقولون لرسول الله أفعل أو لا تفعل. قال لنا (وتسلموا تسليماً) أهذا هو
التسليم لمقام رسول الله، وقد سأل رسول الله وقال له نعم. أهذا هو (ما كان
لهم الخيرة من أمرهم).
انظروا
إلى ما يقوله هؤلاء الأعلام توجيهاً أيضاً لفعلة أو لفعل الخليفة الثاني،
انظروا ماذا يقول في (كشف المشكل من حديث الصحيحين، ج3) لابن الجوزي، يقول:
(وهذا الحديث) بعد أن ينقل العبارة وقوله أخشى أن يتكل عليها الناس أي
يقتنعون بها ويتركون التعبد ... رسول الله لم يلتفت إلى هذا (وهذا الحديث
يدل على أن رسول الله كان يقول برأيه). وهذه هي الطامة الكبرى. ليس كل ما
صدر منه صلى الله عليه وآله كان وحياً، وهؤلاء كأنهم نسوا قوله (ما ينطق عن
الهوى إن هو إلا وحي يوحى) ونسوا قوله تعالى (ما آتاكم الرسول فخذوه وما
نهاكم عنه فانتهوا) ونسوا قوله تعالى: (إن كنتم تحبون الله فأتبعوني)
يتبعون قوله وفعله وتقريره، كل شيء، اتباع مطلق (أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول) بشكل مطلق، ولكن هذا الرجل حتى يوجه عمل الخليفة الثاني ويحفظ
كرامته يطعن في رسول الله (كان يقول برأيه إذ لو كان أمر بذلك عن وحي لما
تركه لقول عمر) هذا لابد أن يكشف عن أن هذا الحديث إما باطل وإما كذا ولكنه
رجع ... وبدل أن يخطأ الخليفة الثاني نجد ...
وكلام آخر
للعلامة العثيمين في هذا المجال وهو ما أورد في (التعليق على صحيح مسلم،
ج1، ص187) مكتبة الرشد، بعد أن ينقل الحديث يعلق عليه، انظروا إلى التعليق
وهذه هي الطامة الكبرى لإمام من أئمة الوهابية المعاصرين وأحد كبار أتباع
ابن تيمية، يقول: (إن بعض الأمور قد تخفى على الأكابر) أعزائي من هم هؤلاء
الأكابر؟ يعني النبي خفيت عليه المصلحة فنبه عليها الخليفة الثاني (أن بعض
الأمور قد تخفى على الأكابر لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجع إلى رأي
عمر فقال: فخلهم). يعني الحقيقة والمصلحة خفيت على رسول الله لكن الخليفة
الثاني التفت لها. إذن القضية ليست واقعة أو واقعتين أو ثلاثة أو أربعة حتى
نقول أنه اصيب بالدهشة والحيرة وإنما هناك نهج يعتقد أن رسول الله بشر كأي
بشر آخر يصيب ويخطأ ويقول عن رأيه تارة وعن الوحي أخرى فإذن لماذا لابد أن
نطيعه ونسلم له في كل شيء.
المُقدَّم:
وهذه سمة أساسية في المنهج الأموي، يعني جعلوا هناك شخصية أو شخصيات في
مقابل رسول الله. بل أعظم منه لكي ينزلوا من مقام الرسالة ويرتفعوا هم في
سدهم.
معنا الأخ أبو علي من السعودية، تفضلوا.
الأخ علي: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ علي:
سماحة السيد سؤال يقول بعضهم يدعي العلم على بعض الفضائيات هذه الأيام
يقول أن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شخصيتان، شخصية إنسانية وأخرى
رسالية، الشخصية الإنسانية شخصية ناقصة تخطأ وتسهو، أما الرسالية فهي شخصية
كاملة وهي الوحي المنزل على رسول الله، كيف تعلقون على هذا الكلام.
المُقدَّم: الأخ وسام من بريطانيا.
الأخ وسام: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ
وسام: السؤال المهم الذي أشار له السيد في الكتب، طبعاً لا في كتب الشيعة
بل في كتب السنة، المسألة واضحة جداً الشيء الذي نسأل عنه لماذا إلى حد
الآن هناك أناس بعدهم على نفس المنهج ... في كرهم لرسول الله، هذا الشيء
ثابت لحد الآن.
المُقدَّم: الأخ محمد من السعودية.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ
محمد: بالنسبة أنه كان عند الرسول كلهم من أهل البيت، فعمر قال أن الذين
اختلفوا هم أهل البيت، عائلة رسول الله. الرسول نزلت عليه (اليوم أكملت لكم
دينكم) قبل المرض.
المُقدَّم: أم علي من فنلندا.
الأخت أم علي: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت أم
علي: عندي مداخلة حول عقيدتي أو أساس العقيدة، عدالة الصحابة فإذا اعترفوا
بأن عمر أخطأ، مشايخ السنة لا عوام السنة إذا اعترفوا بخطأ عمر وخطأ من كان
معه دون أدنى شك سوف ينهار دعامة أساسية من دعائم مذهبهم، لذلك تجد عندما
نسأل مشايخ أهل السنة عن هذه الواقعة أو ما شابهها التي تتعلق برسول الله
تجدهم أنهم يقولون يميناً وشمالاً في تفسير كلمة يهجر. وأيضاً هناك إجابة
دائماً نجدها عند مشايخ أهل السنة هي (لكم ما كسبتم ولن ما كسبتم). سؤالي:
لماذا كلمة (الصحابة أخطأوا أو أخطأ الخليفة) هذه الكلمة ثقيلة عليكم وكلمة
(يهجر) على رسول الله ليست ثقيلة رغم أن القرآن قال في رسول الله (وما
ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) هذا سؤالي لكل سني منصف لماذا أن كلمة
أخطأ الصحابة ثقيلة علينا لا نستطيع أن نسمعها وأننا لا نستثقل على رسول
الله بأنه يهجر وهو على خلق عظيم، وقد قال تعالى في محمد صلى الله عليه
وآله وسلم (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
المُقدَّم: الأخ محمد من فلسطين.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: لو يوضح لنا السيد معنى (ما أنا فيه خير مما يدعونني إليه) فإلى ماذا كانوا يدعونه.
المُقدَّم: الأخت مروة من العراق.
الأخت مروة: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت
مروة: أنت معجزة أتمنى أن يقتدي بك كل عالم، عندي سؤال بعض الوهابية يقولون
لو كان عمر بن الخطاب أساء لرسول الله لماذا زوجه علي بن أبي طالب بنته.
المُقدَّم:
نأتي إلى الأسئلة سماحة السيد، السؤال الأول البعض يدعي أن للرسول شخصيتين
بشرية ورسالية، قد يخطأ في البشرية وهو بشر ويصيب في الرسالية.
سماحة
السيد كمال الحيدري: أنا لا أعلم بأنه نحن أيضاً نعتقد بأن للرسول هاتين
الخصوصيتين وهذان البعدان ثابتان للرسول لأن القرآن الكريم يقول (إنما أنا
بشر ...) وفي آيات أخرى (يوحى إليه) إذن يوحى إليه البعد الأول (وبشر
مثلكم) البعد الثاني.
لماذا
تفترضون إذا صار بشراً لابد أن يخطأ، هذه المقدمة من أين موجودة في الكلام،
من أين إذا ثبتت لهم البشرية فلابد أن يلازمها الخطأ، هذا من أين. أساساً
نحن عندما اعتقدنا أن الرسول الأعظم هو الإنسان الكامل بل هو أكمل الأولين
والآخرين بل أكمل ما خلق الله، لا فقد أكمل البشر، أكمل ما خلق الله، أفضل
من جميع الأنبياء والمرسلين وأفضل من جميع الملائكة المقربين وأفضل الخلق
أجمعين، إذا كان كذلك من أين جئتم من أنه إذا كان في بعد بشري لابد أن
يلازمه الخطأ، هذه مقدمة باطلة لم تثبت بأي دليل بل الأدلة القرآنية على
خلاف ذلك، بل الأدلة العقلية على خلاف ذلك.
أنا لا
أطيل على المشاهد الكريم ولكن أقول له جملة واحدة، أن هذا القرآن كامل أو
فيه نقص وخطأ أي منهما؟ (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) سؤال:
هذا القرآن هل هو قابل للتطبيق خارجاً أو ليس بقابل؟ إن قلتم ليس قابل
للتطبيق لم يستطع حتى رسول الله أن يطبقه 100% يلزم من ذلك أن يكون كتاباً
عبثياً لأنه حتى من جاء به لم يستطع أن يطبقه. إذن لابد أن نفترض أن هذا
الكتاب فيه بعد واقعي وعملي قابل للتطبيق، من طبقه؟ من الواضح أنه لم يطبقه
إلا رسول الله، فإذا كان رسول الله هي النسخة الواقعية الخارجية للقرآن
الكريم، إذن ليس فيها خطأ ولا اشتباه ولا نسيان.
إذن هذه
الدعوى تقوم على أساس مقدمة مطوية باطلة وهي أنه إذا كان في الشيء بعد بشري
إذن يلازمه الخطأ، لا، هذا قياس مع الفارق. لماذا؟ لأنك تجد نفسك بشر
وتتصور أن كل بشر لابد أن يخطأ، لا ملازمة بين البشرية والخطأ.
المُقدَّم: والبشرية تتحقق في أمور أخرى.
سماحة
السيد كمال الحيدري: كالاكل والشرب، وإلا لو لم يكن بشراً لما كان قدوة
(لقد كان لكم في رسول الله أسوة) الله سبحانه وتعالى لم يجعل الملائكة
رسلاً للبشر، لأنهم ليسوا بشراً، الله يجعل البشر.
المُقدَّم: لماذا لا يزال البعض متسمكاً بهذا.
سماحة
السيد كمال الحيدري: الجواب أقولها بشكل واضح وصريح، أن النهج الأموي وأن
معاوية إمام الفئة الباغية الذي هو فرعون هذه الأمة، والذي لم يثبت أنه
أسلم ولو ثبت أنه أسلم لم يثبت أنه مات على ملة الإسلام، وهو الذي أول من
بدل سنة رسول الله وهو وهو ... عندما أغلق باب كتابة النص النبوي والحديث
النبوي وأغلق كتابة الحديث النبوي ومنع من تدوين الحديث انفتح الباب على
مصراعيه للوضاعين وللمأجورين ولوعاظ السلاطين أن يكتبوا ما يريدوه المؤسسة
الأموية والدولة السفيانية وعلى رأسها معاوية وهي التي حاولت أن تعطي قيمة
للصحابة على حساب رسول الله، على كرامة رسول الله وعلى حساب أئمة أهل
البيت، يعني على حساب علي وأهل بيته ليقولوا أن هذا الذي تقولونه في الرسول
في علي وأهل بيته، لا، يوجد في الصحابة من هو أدق نظراً، من هو أفضل، من
هو مستشرف للمستقبل ورسول الله لم يكن مستشرف، من من ...
المُقدَّم: وهو انتقام من الرسالة وإساءة إلى الصحابة.
سماحة
السيد كمال الحيدري: كونوا على ثقة، وإلا هذا الذي نقرأه عن الخليفة الأول
والخليفة الثاني في جملة منهم طعن في الصحابة، واقعاً هل يعقل أحد أن شخصاً
على مستوى الخليفة الثاني رسول الله يقول أنا قلت ذلك لأبي هريرة وهو يقول
لرسول الله لا تفعل، هذا يقبل أن يصدر من الخلافة، لماذا لا تشككون؟ لأنكم
بنيتم أيضاً في أذهانكم أن ما ورد في كتاب البخاري وفي كتاب مسلم كله لا
مجال للمناقشة فيه.
المُقدَّم: محمد من السعودية، يقول أهل البيت هم الذين اختلفوا.
سماحة
السيد كمال الحيدري: الجواب قلت أن تعبير أهل البيت، لم يثبت أن المراد من
أهل البيت يعني علي والحسن والحسين وفاطمة ... أولاً النساء لم تكن في ذلك
المسجد، وثانياً أن الحسين والحسين كانت أعمارهم سبعة أو ثمانية سنوات. إذن
بقي فقط علي بن أبي طالب وقد قلت في البحوث السابقة أنه لم يثبت عندنا أن
علي بن أبي طالب كان حاضراً في هذا المجلس. نعم، توجد رواية واحدة ضعيفة
السند أشرنا إليها وهو لم يثبت أنه نفس هذا المجلس.
المُقدَّم: ما المقصود من أهل البيت هنا.
سماحة السيد كمال الحيدري: الذين كانوا حاضرين في ذلك المجلس.
المُقدَّم: لماذا البعض يستثقل خطأ الصحابة ويستسهل صدور الخطأ من رسول الله.
سماحة
السيد كمال الحيدري: الجواب هو نفس الجواب الذي أشرنا له قبل دقائق، وهو
أنه هذا هو النهج الأموي حيث حاول أن يقلل من شأن رسول الله صلى الله عليه
وآله بأي شكل كان، حاول أن يقلل من شأنه ولكن ما استطاع أن ينفي رسالته،
لأنه لو نفى رسالته لخرج عن الملة ولخرج عن الدين ولخرج عن الإسلام، ولهذا
حافظوا على هذا الظاهر، على هذه الصبغة الظاهرية للإسلام ولكنهم أفرغوا
الإسلام من محتواه، وأسقطوا النبي، وإلا بينكم وبين الله ماذا تقولون في
الآيات التي قال فيها القرآن عن نبيه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني)
يعني اتبعوني فقط في الوحي، أم قال اتبعوني مطلقاً يعني في البعد البشري
وفي البعد الوحياني، في كل الأبعاد في أقواله وأفعاله وتقريراته. وأوضح آية
من ذلك (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم) ولم يقل ما آتاكم الرسول في
الوحي فقد، وإنما قال ذلك (ما ينطق) في مطلق ما يصدر منه.
المُقدَّم:
شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الأعزاء
على حسن المتابعة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.