موضوع: الايمان و العمل الجمعة أبريل 13, 2012 6:40 am
[size=21]بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للهِ ربِّ العالمين وأفضل الصلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وآله الهداة الميامين... ونبقى مع قوله تعالى في سورة فصلت / الآية 30:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾. وخلاصة ما تقدَّم: إنَّ الآية القرآنية تتحدَّث عن ثلاثة مضامين مهمَّة: المضمون الأول: الهُويَّة الإيمانية تتحدَّد من خلال الإيمان بالله وتوحيده ﴿قَالُوا رَبُّنَا اللهُ﴾، وهنا تأكيد على أهمية التعبير عن هذا الانتماء الديني.... المضمون الثاني: لا قيمة للانتماء الإيماني ما لم يتحول إلى عملٍ وممارسة وسلوك﴿ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ والاستقامة تعبِّر عن الالتزام العملي على مستوى الأفكار والعواطف والأقوال والأفعال. المضمون الثالث: البُشرى على لسانِ الملائكة ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾. لِمنْ هذه البشرى؟ لِمنْ ﴿قَالُوا رَبُّنَا اللهُ﴾ ﴿ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ ومتى تتنزّلُ الملائكةُ حاملةً هذه البشرى؟ في عدَّة مواطن (كما جاء في التفاسير):
الموطن الأول: في لحظة الاحتضار (لحظة خروج الروح) وتشكِّل هذه اللحظة أول منزل من منازل السفر إلى الآخرة... في اللحظة الشديدة، الصعبة، المهولة تتنزَّل الملائكة لتطمئِن المؤمن الطائع لله تعالى... وقد جاء في الروايات أنَّ هناك أعمالًا تساعد وتهوِّن مِن سكراتِ الموت، مِن هذه الأعمال: (1) برُّ الوالدين وصلة الرَّحم: • في الحديث عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام: «مَنْ أحبَّ أنْ يُخفّفَ عنه سكراتُ الموت، فليكن بقرابته وصولًا، وبوالديه بارًّا، فإذا كان كذلك هوَّن الله عليه سكراتِ الموتِ، ولم يصبه في حياته فقر أبدًا»[1]. • وقال نبي الله موسى عليه السَّلام: «إلهي ما جزاء مَنْ وصل رحمه.. قال: يا موسى أنسي له أجله، وأهوِّن عليه سكرات الموت، ويناديه خزنة الجنَّة: هلُّم إلينا فادخل من أيِّ أبوابها شئت»[2]. • جاء في بعض الأخبار أنَّ النبيّ صلَّى الله عليه وآله جاء عند شابٍّ وهو في حالِ الاحتضار فلقَّنه الشهادة، إلَّا أنَّه لم يستطع أن ينطق بها، فسأل النبيّ صلَّى الله عليه وآله هل لديه أم؟ وكانت امرأة بقربه فقالت: نعم أنا أمّه، فقال له النبيّ صلَّى الله عليه وآله: هل أنت غاضبة عليه؟ قالت نعم، ستّ سنواتٍ وأنا لا أكلِّمه.. فطلب منها النبيّ صلَّى الله عليه وآله أن ترضى عنه، فسامحته كرامةً لرسول الله صلَّى الله عليه وآله، فأعاد عليه النبيّ صلّى عليه وآله التلقين فنطق بالشهادة...». (2) مَنْ كسا أخاه المؤمن كسوة: • في الحديث عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام: «مَنْ كسا أخاه كسوة شتاءٍ أو صيفٍ كان حقًا على الله أن يكسوه مِن ثياب الجنَّةِ، وأن يهوِّن عليه سكراتِ الموتِ، وأن يوسِّع عليه في قبره...» [3]. (3) المواظبة على مواقيت الصَّلاة تُثبِّت الإنسان في لحظة الاحتضار: • في الحديث عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام: «إنَّ ملكَ الموتِ يتصفَّح النَّاس في كلِّ يومٍ خمس مراتٍ عند مواقيت الصَّلاة، فإن كان ممَّن يواظب عليها عند مواقيتها لقَّنه شهادةَ أن لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمَّدًا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، ونحَّى عنه ملك الموت إبليس»[4]. (4) المواظبة على قراءة بعض الأدعية تثبِّت الإنسان على الإيمان: • ﴿ربَّنا لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا﴾. (آل عمران/ الآية 8) • «يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك»[5]. • «اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من العديلة عند الموت»[6]. (5) صيام أيامٍ من شهري رجب وشعبان: جاء في الروايات المعتبرة أنَّ صيام أيامٍ من رجب وشعبان أمانٌ من شدَّة سكراتِ الموت، وأمانٌ من هول المطلع، وعذاب القبر... (6) بعضُ المستحبَّات في حال الاحتضار تخفِّف من شدَّة سكراتِ الموت... من هذه المستحبَّات: أ. توجيه الإنسان في حال الاحتضار إلى القبلة (أن يجعل مستلقيًا على ظهره، ويجعل وجهه وباطن قدميه إلى القبلة).. • في الحديث عن أمير المؤمنين (ع): دخل رسول الله صلَّى الله عليه وآله على رجلٍ من ولد عبد المطلب وقد وُجِّه لغير القبلة فقال: «وجِّهوه إلى القبلة فإنَّكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة وأقبل الله عزَّ وجل عليه بوجهه، فلم يزل كذلك حتَّى يُقبض»[7]. ب. تلقين المحتضر الشهادتين والإقرار بالأئمَّة (ع).. وقد أكَّدت على ذلك روايات كثيرة... • ففي حديث عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام: «ما مِن أحدٍ يحضره الموتُ إلَّا وكَّل به إبليس مِن شياطينه مَنْ يأمره بالكفر، ويشكِّكه في دينه حتَّى يخرج نَفَسُهُ، فمن كان مؤمنًا لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقِّنوهُم شهادة أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمدًا رسول الله صلَّى الله عليه وآله حتَّى يموتوا»[8]. • وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر عليه السَّلام: «فلقّنوا موتاكم عند الموتِ شهادة أن لا إله إلا الله والولاية»[9]. ج. تلقينُ المحتضرِ كلماتِ الفرج... • في الحديث عن الإمام الباقر عليه السَّلام: «إذا أدركتَ الرجلَ عند النزع فلقِّنه كلماتِ الفرج: لا إله إلَّا اللهُ الحليمُ الكريمُ، لا إله إلَّا اللهُ العليُّ العظيمُ، سبحان اللهِ ربِّ السَّماواتِ السَّبعِ وربِّ الأرضين السَّبعِ وما فيهنَّ وما بينهنَّ وربِّ العرشِ العظيم، والحمدُ اللهِ ربِّ العالمين»[10]. د. تلقينُ الميّتِ التوبةَ والاستغفارَ.. • قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله في آخر خطبةٍ خطبها: «مَنْ تاب قبل موته بسنةٍ تاب الله عليه، (ثمَّ قال): وإنَّ السَّنة لكثيرة، مَن تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه... (ثمَّ قال): وإنَّ الشهر لكثير، مَنْ تاب قبل موتهِ بيومٍ تاب الله عليه.. (ثمَّ قال): وإنَّ يومًا لكثير، مَنْ تاب قبل موتهِ بساعةٍ تاب الله عليه.. (ثمَّ قال): وإنَّ السَّاعة لكثيرة، مَنَ تاب وقد بلغت نفسه – وأهوى بيده إلى حلقه- تاب الله عليه»[11]. فالموطن الأول من مواطن بشارة الملائكة لحظة الاحتضار وهذا ما أكَّدته الآيات في سورة الفجر: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾. (الفجر/ الآيات 27 – 30) - خطابٌ من الله عزَّ وجلَّ على لسان الملائكة حين الموت، أو حين البعث أو حين دخول الجنَّة... - النفس المطمئنة: المطمئنة بالإيمان، والحق، وبذكر الله، والواثقة بوعده تعالى... - ارجعي إلى ربِّك بالموت، راضية بما أعطاك الله، مرضية عنده تعالى... - فادخلي في عبادي: في جملة عبادي الصالحين. - وادخلي جنَّتي: في زمرة المقرَّبين. نتابع الحديث إن شاء الله تعالى..
الجنس : عدد المساهمات : 2695تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011العمر : 35الموقع : العراقحكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
موضوع: رد: الايمان و العمل السبت أبريل 14, 2012 2:53 am
احسنت وبارك الله فيك وجعل عملك هذا مقبولا لديه
فأنه رحيم ولا يضيع اجر المحسنين
يا رجائي  
عدد المساهمات : 107تاريخ التسجيل : 13/12/2011
موضوع: رد: الايمان و العمل السبت أبريل 14, 2012 5:50 am
حياك الله اخي طالب العلم جعلك الله من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فكانوا من المبشرين بالجنة التي كانوا ايها يوعدون بحق الصلاة والسلام على سيدنا محمد وال بيته الطاهرين