طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: مَن يشتري مَن؟!.. السبت سبتمبر 03, 2011 3:33 am | |
| مَن يشتري مَن؟!..
نقل الخير التقي الحاج مهدي البهبهاني الذي ساهم في تشييد حرم السيدة زينب عليها السلام، مساهمة سخية في الشام: إنني كنت جالساً عند المرجع العظيم المرحوم آية الله السيد أبي الحسن الأصفهاني رحمه الله – المتوفى سنة 1365 هـ - ورأيت الحاج عبد الهادي الاسترابادي عنده، وهو من الشخصيات المرموقة في العراق آنذاك، قد دخل وقبّل يد السيد الأصفهاني وقال: إنه مرسل من طرف نوري السعيد – رئيس وزراء العراق، وكانت سلطته أوسع من سلطة ملك العراق – يريد منكم لقاء لمدة دقائق للسفير البريطاني، ومندوب بريطانيا الخاص القادم من لندن -وكان هذا بعد المعارك الدامية التي جرت على أرض العراق بين المسلمين، بقيادة علماء الدين والمرجعية الشيعية، وبين جنود الإحتلال البريطاني -فقال له السيد الأصفهاني: إن مندوب الحكومة البريطانية وسفيرها يريدوننا، ونحن نتهرّب، لأنهم خدعوا الناس، وخانوا العهود، وجنوا عليهم.
فأصرّ الاسترابادي على أن يسمح السيد بهذا اللقاء..فقال السيد بعد تأمل قليل: لا بأس.
فقال الاسترابادي: اسمحوا أن يكون اللقاء سريا مغلقا!..
فردّ السيد الأصفهاني بصرامة: أبداً، لا يمكن هذا الشيء.
وهكذا أمر السيد أن يحضر في هذا اللقاء كل من آية الله ضياء الدين العراقي، وآية الله الشيخ محمد حسين الكمباني، والمرحوم الخونساري، والشيخ محمد كاظم الشيرازي، والمرحوم جمالي الخراساني، وغيرهم من كبار الفقهاء والأساتذة في الحوزة، ذلك لأن المرجع الأعلى السيد الأصفهاني يؤمن بمبدأ الشورى والمشاركة الجماعية، خاصة في الأمور المتعلقة بالجميع، وفيها مصير وسمعة الأمة والمذهب والحوزة، والشورى صيغة لتنضيج رأي ولي الفقيه، وليس بديلاً عنه.
وهكذا حان وقت اللقاء، فدخل السيد البريطاني ومندوب الحكومة البريطانية، ومعهما رئيس وزراء العراق نوري السعيد.. قبّلوا يد السيد الأصفهاني الكبير وجلسوا، ثم قدموا تحيات الحكومة البريطانية عبر المترجم المرافق، وقالوا: إن بريطانيا في الحرب العالمية الثانية (نذرتْ) إن غلبت إلمانيا سوف تقدم مساعدات مالية إلى المعابد وكبار علماء الدين في العالم كله، وذلك شكراً لله على نعمة الغلبة على العدو!.. والآن حيث انتصرت بريطانيا في الحرب، جئنا نقدّم إلى زعماء الأديان الكبرى في العالم ما نذرناه!..فلقد ذهبنا إلى البابا في الفاتيكان وقدمنا إليه المنحة المنذورة، والآن جئنا إلى سماحتكم في النجف الأشرف لنقدّم لكم المساعدة المنذورة!..
تأمل السيد الأصفهاني لحظات وقال: لا مانع..فاستغرب العلماء الحاضرون من قبول السيد بهذه المنحة البريطانية، لأن المعهود منه ومن المرجعية الشيعية رفض هذه الأمور جملةً وتفصيلاً.. خاصة أن السفير والمندوب البريطانيين كان قد أُخبرا من قبل أن زعيم المسلمين الشيعة ليس كالبابا زعيم المسيحية.
فأسرع المندوب البريطاني وأخرج الصك قبل أن يتغير رأي السيد الأصفهاني، وفيه مائة ألف دينار عراقي ، يعادل (مليوني تومان) وهو مبلغ غير قليل بالنسبة إلى ذلك الزمان.. إلا أن السيد الأصفهاني فاجأ الجميع بأخذ الصك والاطلاع على محتواه وكتابة حوالة قدرها مائة ألف دينار عراقي ، فقدمه مع صكه إلى المندوب البريطاني قائلاً: هذه مائتا ألف دينار مساعدة منا إلى أهالي الجنود المسلمين الذين جندتهم بريطانيا من بلاد الهند، وقُتلوا في حرب العراق، فالرجاء إيصالها وصرفها عليهم في الهند!..
هنا نكس أعضاء الوفد رؤوسهم دقائق، ثم قاموا مودعين في الوقت الذي انبهر الحاضرون بحنكة السيد الأصفهاني..يقول الحاج ناقل هذه القصة: لما خرجوا من عند السيد عاد نوري السعيد بسرعة وقبّل يد السيد الأصفهاني بشوق وسرور وهو يقول له:
أنا فداء لكم، إنني من أهل البيت (يقصد أنه سيد من ذرية رسول الله) إن العلماء الذين يمتلكون هذه الروح الكبيرة قليلون مع الأسف.. وأضاف هل تعلم ماذا قال مندوب بريطانيا بعد خروجنا من عندك؟..
فقد قال بانبهار ودهشة: يجب على (شرشيلنا) أن يستقيل عن منصبه، ويجلس مكانه هذا السيد العظيم.. نحن نريد أن نستعمر الإسلام، وقد غفلنا عن أن هذا السيد العظيم بعلمه ودرايته وعقله وتدبيره جعل بريطانيا مستعمرة للإسلام.
وعلى حد تعبير الخطيب الشهير سماحة الشيخ محمد تقي فلسفي: إن المندوب البريطاني قال: جئت لأشتري مرجع الشيعة فاشتراني!..
| |
|