طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: آداب السلوك مع الملوك السبت سبتمبر 03, 2011 3:24 am | |
| آداب السلوك مع الملوك
كان في جبل عامل قرية صغيرة متواضعة تدعى (إمية) بكسر الهمزة، يعيش أهلها على زراعة الحنطة والشعير، وكان فيها عالم صالح، يخشى الله، ويعمل بكتابه، ويتأدب بآداب الرسول وسنته، وكان في حياته ومظاهره لا يمتاز عن أضعف رجل في القرية، وفي ذات يوم اجتاز قرية (إمية) أحد ملوك الأيوبيين، وهو في طريقه إلى بعض البلدان، فخرج أهل القرية لاستقباله والاحتفاء به، وبقي العالم الصالح في بيته لم يخرج مع المستقبلين، ولم يزر الملك مع الزائرين، فاغتاظ الملك من تصرف الشيخ وتجاهله له ولمكانه، ولكنه كان رشيداً عاقلاً، لا يقدم على عمل إلا بعد البحث والروية، فبعث إلى الشيخ يسأله عن السبب؟.. فأجاب بما هو مأثور ومشهور: "إذا رأيت الملوك على أبواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء!.. وإذا رأيت العلماء على أبواب الملوك فبئس الملوك وبئس العلماء!..".
فعظُم الشيخ في عيني الملك، وأكبره إيما إكبار، وأسرع إلى زيارته، وجلس متأدباً بحضرته، واستمع إلى حديثه بخضوع وخشوع، وامتلأت نفسه منه رهبة، وعرض عليه أن يزوجه ابنته الخاتون، فَقَبِل الشيخ، وتم الزواج، وبارك الله في هذا القران، لأنه خالص لوجهه تعالى، ووهب للزوجين أولاداً وأحفاداً اعتزّ بهم الدين وتباهت بهم الإنسانية، وعُرفوا بآل خاتون نسبة إلى أمهم بنت الملك.
قال السيد محسن الأمين في الجزء الخامس من (أعيان الشيعة) ص130 الطبعة الثانية: "خرج آل خاتون ما لا يحصى من العلماء في جبل عامل والعراق وبلاد العجم والهند وغيرها، وإليهم كانت الرحلة في (عيناتا) – قرية في جبل عامل سكنها الخاتونيون – فهاجر إليها ابن ناصر البويهي، ليقرأ عليهم، وقصدهم بعض أعاظم علماء العجم مع ولده بطريقه إلى الحج للاستجازة منهم في عيناتا، ووزر أحد علمائهم لبعض القطبشاهية في الهند، واستمر فيهم العلم إلى هذا العصر، ثم رجع بتطور الزمن وانقلابه رأساً على عقب".
والآن، ونحن في سنة 1382 هـ لا يوجد منهم عالم واحد.. والذي وزر في الهند هو الشيخ محمد بن علي بن خاتون العاملي، فقد تولى منصب رئاسة الوزراء في سلطنة عبد الله قطب شاه سنة 1038 هـ في حيدر آباد، وكان ملوك القطبشاهية من الشيعة، وللشيخ المذكور رسم نادر في المتحف البريطاني بلندن، وفي الجزء الـ46 من الأعيان صورة عنه مع الترجمة.
ونعود إلى حديث العالم الصالح جد آل خاتون لنساءل: كيف أعطى الملك ابنته الخاتون لشيخ فقير، وترك الملوك وأبناء الملوك؟.. وكيف تركت هي القصور والخدم والحشم لتعيش مع عابد زاهد في بيت أشبه بالمغاور وقرية أشبه بالمقابر؟!..
الجواب:
إن عظمة العلماء والمتقين فوق عظمة الملوك والسلاطين، لأنهم أقرب الناس من درجة النبوة، ولا شيء فوق النبوة إلا الله سبحانه .. وقد رأينا الجبابرة وأعاظم الحكام كيف يشعرون بالمذلة والصغر عند هيبة العلم والدين، وكيف يعفرون الجباه والخدود بتراب العتبات المقدسة، وقبور الأنبياء والأوصياء وورثتهم العلماء الصالحين.. وقديماً قيل: "الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك" وكم من عزيز هوى به الجهل والفسوق إلى الذل والهوان.. وكم من خسيس رفعه العلم والتقوى إلى أعز مكان فقد قال الله تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}.
مع علماء النجف الأشرف/ص52-53
| |
|