طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: روحاً واحدةً في قالبين!.. السبت سبتمبر 03, 2011 3:22 am | |
| روحاً واحدةً في قالبين!..
كنت وأختي الفقيدة الغالية (الحاجة زبيدة أم عبد الرؤوف) روحاً واحدة في قالبين، منذ ولدتنا أمنا السيدة الحسينية (حفظها الله وأرضاها عنا) وقد جاء سيف الظلم ليبعدني عنها وعن جميع أحبتي، ولكن الروح أبت أن تبتعد لحظة أو دقيقة، وليس لي بعد قضاء الله وقدره غير أن أرجو من الرب الكريم أن يتغمدها بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جنته، ويلهمني وأمي وأخوتي وأخواتي وأولادها الأعزاء وابنتها فاطمة وأحبتها وصديقاتها الصبر والسلوان.
كانت (رحمها الله) محترمة عندنا وموقرة عند صديقاتها، لشدة التزامها الديني وأخلاقها الفاضلة، هكذا عرفتها صديقاتها، وعرفناها فترة حياتها القصيرة (42 سنة)..وكم من صديقات لها وأقارب لنا رأوها في المنام مستبشرة، ولا أنسى يوم كنت في الدنمارك، إذ وافتها المنية في مستشفى السلمانية في البحرين، فاتصل بي الأقارب والأصدقاء هاتفياً وهم يبكون، واتصل صديق لي يدرس في أمريكا فأجهش بالبكاء، ولم يستطع أن يتمالك نفسه، وسمعت أن مقبرة (المحرق) في البحرين لأول مرة تشهد ذلك التشييع العظيم والحضور الكبير في مراسم الدفن والتوديع، مما يدل على مكانتها في القلوب وسمعتها الطيبة، فهنيئاً لها.
لذلك كنت بعد وفاتها متألماً، وأنا مهتم برؤيتها في منامي للسؤال عن حالها في عالم البرزخ، فقرأت في ليلة المأثور من الأدعية الخاصة لهذا الغرض، ثم نمت إذا أنا في ساحة بيتنا القديم في البحرين، أقبلت المرحومة نحوي بثياب بيض كالإزار الذي تصلي فيه المؤمنات، وهو لباس أهل الجنة كما في الروايات، فبمجرد أن وقع نظري عليها علمت أنها ميتة، فاحتضنتني وقبّلتني، وبينما كنت في رهبة خفيفة، كانت البشاشة تعلو وجهها النضر، سألتها عن حالها ؟..
قالت: ارتياح كامل.
قلت: هل تشاهدين ما يدور بيننا في الدنيا، أو تصلك أخبارنا؟..
قالت: لا أشاهد، ولكن أخباركم تصلنا، ولعلها آثار ما تعملون في الدنيا.
قلت: هل ما أعمله مقبول عند الله؟.. (وهذا السؤال جاء انطلاقاً من نقاش دار بيني وبينها قبل وفاتها، جرّاء كلمات غير مسؤلة طرقت سمعها من أناس تؤسفني حالهم).
قالت: حسب علمي أنه مقبول ومبروك.
قلت: هل تستطيعي الإفصاح عن وضعك في عالمك الجديد؟..
قالت: باختصار، أنا مرتاحة جداً، ولكن الطعام الذي يقدمونه إليَّ قليل أحياناً.
وهنا رأيتها التفتت يميناً ويساراً وقالت: اسمح لي بالذهاب لأن وقتي قصير، لا بد لي أن أعود الآن.. وبينما هي بعدت عني خطوات شفافية، إذ دخل ابن أختي فضيلة الشيخ يحيى (دام عزه) فصعدت المرحومة باتجاه الحائط جهة القبلة صعوداً لا يشبه صعود الأجسام أبداً، وكانت تنظر إليَّ تارة وإلى الشيخ تارة، وترسل نحونا ابتساماتها السارة، وكنت أقول للشيخ: أسرع فهذه خالتك المرحومة قد ذهبت.
ولما انتبهت من النوم فسرت كلامها (رحمها الله) عن قلة الطعام أنها بحاجة إلى خيرات وفاتحة، لذلك قررت فوراً أن أكتب كراساً حول الإمام الرضا (ع) وما يتعلق بآداب السفر، وحكمة الزيارة للعتبات المقدسة، يوزع مجاناً لزوار الحرم الرضوي الشريف، كي يقرأوا سورة الفاتحة المباركة على روحها الزكية وروح والدي أيضاً.. ولقد تم طبع الكراس باسم (موجز في السفر والزيارة) وتم التوزيع لله الحمد.
أجل يا أختاه!.. ويا دمعة قلباه!.. لن أنساك، ولأجلك عانيت خطورة وجشوبة السفر من الدنمارك إلى أقرب نقطة من قبرك، وهي مطار البحرين الدولي في المحرق، لقراءة آيات من القرآن الحكيم هناك عند قبرك، ولكنهم لم يسمحوا لي أن أقترب منك وأنا ابن البحرين المبعد عنها أكثر من أربعة عشر عاماً وإلى الله المشتكى.
ففقدك الأليم يا أختاه قد أحزننا، وغيابك السريع قد أبكانا، وتكفينا دموعنا من بعدك لكل حياتنا، فسلام عليك يوم ولدت فولدت معك الأفراح، ويوم عشت وعاش معك الخير، ويوم مت فماتت الأفراح الخير من حولك، ولكن الله كريم، وما صبرنا إلا بالله العلي العظيم، فأنت من السابقين ونحن من اللاحقين، تلك هي سنة الحياة والحمد لله رب العالمين.
| |
|