طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: حاذقٌ في قطع الجيوب!.. الجمعة سبتمبر 02, 2011 11:02 pm | |
| حاذقٌ في قطع الجيوب!..
نقل لي الخطيب الفاضل سماحة العلامة الحاج السيد جعفر سيدان (حفظه الله) – وهو من كبار علماء مشهد المقدسة – أن عالماً من تبريز في سنوات ماضية طلب من الإمام الرضا (ع) أن يوفقه لزيارته، فرأى الإمام في الرؤيا يدعوه إلى مشهده المقدسة، ولكنه قال:اذهب إلى مقهى ... وقل لـ"مشتي رجب جيب بُر" أن يرافقك في الزيارة!..
يقول العالم: انتبهت من النوم وكلي عجب واستغراب!.. كيف يطلب الإمام الرضا (ع) الإتيان بهذا الرجل المشتهر بين الناس بـ"جيب بُر" – يعني قاطع الجيب – لحذاقته النادرة في سلب الناس ما في جيوبهم من غير إحساسهم به..ملكتني الدهشة وأخذت أتساءل مع نفسي كيف أذهب إلى هذا المقهى ، وهو مكان يجتمع فيه سيّئوا السمعة؟.. وهل أمامي طريق سوى الإستجابة لطلب الإمام المعصوم (ع) ؟..
وهكذا وسط استغراب الناس الذين سألتهم عن عنوان المقهى دخلت على الرجل، وهو كذلك استغرب من مجيء عالم دين إليه، ولكنه ازداد غرابة حينما أخبرته برؤياي!..
فقال بصوته الغليظ: ولكن لا أملك زاداً ونفقة.
قلت: زادك ونفقتك عليَّ، كما أن زادي ونفقتي على صاحب الدعوة الإمام الرضا (ع)!..
قال: ما دام كل شيء بالمجان، فإن الإمتناع دليل الحماقة!..
قلت: قم إذن وتحرّك!..
فخرجنا في حافلة (باص) متجهين إلى مشهد المقدسة، إلا أني خوفاً من أن الرجل ربما يقطع جيوب الركاب، أمرته أن يجلس على المقعد الأول، لكيلا يكون أمامه من يسلبه ما في جيبه، فأكون أنا موضع تهمة بسببه.
قطعت الحافلة مسافة ساعات حتى أظلمت السماء، فقال بعضنا للسائق: من الأفضل أن نبيت في منطقة قريبة، ثم نواصل الطريق غداً في الصباح.
قال السائق: لا داعي لذلك، فأنا أتمكن من القيادة في الليل، ففي الصباح أنتم في مشهد المقدسة بسلام.
ولم تكن إلا ساعة وإذا اثنان مسلّحان قطعا الطريق، وأوقفا الحافلة وركبا يهدّدان: اعطونا ما لديكم من مال قبل أن نستولي عليه بعد قتلكم، فتخسروا المال والنفس!..وليس من شك أن الخيار الأول هو الأرجح من السلب والقتل معاً.. وهكذا بدأ كل راكب يُخرج ما لديه فيجمعه أحد السارقين على دفعات ويعطيها لصاحبه الواقف جنب المقعد الأول عند الباب في المقدمة.
واستمر السلب حتى مؤخرة الحافلة، والسارق الأول مستمر أيضاً في إدخال تلك الأموال في جيبه، ولما نزلا وتحرّكت الحافلة، أخذ الركاب يلومون السائق، وزاد بعضهم اتهامه بالتواطؤ مع قطّاع الطريق، لأنه رفض الاستراحة حتى الصباح، فكانوا يقولون: ماذا نصنع في السفر بيد خالية، وكيف نعود إلى مدينتنا الآن؟!..
فقال السائق المسكين: أنا لا أريد منكم أجرتي.
وقال الركاب: وهل هذا يشبعنا من الجوع؟!..
هنا قام صاحبي (مشتي رجب جيب بُر) وأخذ يخاطب الجميع: رجاءً بلا إطالة ولا مجادلة.
فبدأ يسأل كل واحد منهم مقدار ما أُخذ منه فأعطاه إياه، وحيث كنت أعلم أن صاحبي (مشتي رجب) لم يملك مالاً معه سألته بصوت عال: من أين جئت بهذه الأموال؟..
فقال وهو يضحك: هذه أموالكم، فكلما كان يستلم السارق الواقف عندي من صاحبه ويُدخله في جيبه كنت أُخرجه منه وهو لا يعلم، وهكذا فلقد نزلا من الحافلة وليس في جيبه ريالاً واحداً..فاندهش الركاب من فعله العجيب، وشكروه على إنقاذهم وإرجاع أموالهم أيضاً.
ولما وصلنا إلى مشهد المقدسة، اغتسل (مشتي رجب) غسل التوبة إلى الله عما سبق من قطعه لجيوب الناس ، وراح يزور الإمام الرضا (ع) باكياً ويشكره على هدايته له.
وهنا علمت مغزى رؤياي، لماذا الإمام الرضا (ع) طلب مني الإتيان بهذا الرجل في السفر إلى زيارته.
| |
|