طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: الإفراط والتفريط الأربعاء أغسطس 31, 2011 5:52 am | |
| الإفراط والتفريط
للأسف فإن الكثيرين مبتلون في هذا الأمر – العبادة – إما بالإفراط أو التفريط... فالبعض وهم طبعاً قلة يعدون على الأصابع بمجرد أن يتعلموا عدة مصطلحات حرفية، وحفظ عدة أبيات من ألفية ابن مالك، يبتلون بالتكبر والتبختر والتفرعن، إلى حد أنهم يصبحون وكأنهم فتحوا الفضاء أو فلقوا الذرة، فيديرون ظهورهم لصلاة الجماعة والدعاء وزيارة عاشوراء و... ويجعلون وردهم دائماً ما يلي: إن مقام العالم أسمى من مقام العابد، والدعاء، وقراءة القرآن، والزيارة، شغل العجائز، ومن ليسوا مشغولين بالدراسة، والعمل الإجتماعي، إن الدراسة واجبة، وهذه الأمور مستحبة.
هؤلاء المساكين لا يعلمون أن أشخاصاً كالفيلسوف السبزواري رغم مقامه العلمي والعرفاني الشامخ، كان دائماً يتفرغ للعبادة ثلاث ساعات أول الليل، وكذلك الشيخ الأعظم الأنصاري، وفي زماننا الإمام الخميني مع أنه محيط العلوم والمعارف، ورغم كل مشاغله الإجتماعية.. فإنه يولي هذا الأمر أهمية كبرى، ويهتم به أيما اهتمام.
العلم بدون زيارة عاشوراء وأمثالها ليس في الحقيقة (علماً) ولا يستحق أن يسمى (العلم الإلهي) بل ليس أكثر من معرفة بعض الإصطلاحات الجافة.
وطبقاً لما قاله الإمام الصادق (ع) فإن نورانية العلم وحقيقته لا تحصل بقراءة بعض الكتب الأدبية والأصولية والفقهية، بل (العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء) ومن حيث المبدأ فإن الدراسة ليست هدفاً، بل هي مقدمة لإقامة أحكام الله تعالى وتوجه عباده إليه.
في مقابل هذا الفريق فريق آخر تشبثوا بالدعاء والزيارة فقط، ووضعوا جانباً كل أبعاد الإسلام الأخرى، وانشغلوا بهذا البعد فقط، وبشكل ناقص أيضاً ومخرب ومضر، وحصروا هذا الدين الحنيف بالزيارات وأمثالها، فهم لا يدرسون أو يقتصرون في الـ24 ساعة على درس واحد ويمضون أكثر أوقاتهم بالبطالة والكسل، ويعتذرون بأننا (مشغولون ببناء النفس وتهذيبها) وأن (العلم يجلب الغرور) وهو (الحجاب الأكبر) وأمثال ذلك، بحيث أنه يجب أن يقال حول هذه الأقوال من هؤلاء الأشخاص: (كلمة حق يراد بها باطل).
هؤلاء أيضاً مخظئون جداً، وكما يرفض الإسلام الفريق الأول فإنه يرفض الفريق الثاني، وينطبق عليهما معاً كلام أمير المؤمنين (ع): لا ترى الجاهل إلا مفرطاً أو مفرّطاً. [نهج البلاغة: صبحي الصالح 479 باب الحكم الحكمة/70].. ألا يعلم هؤلاء الأشخاص أنه لو كان بالإمكان أن يصبح الإنسان عالماً بالدعاء وإدارة السبحة وتحريكها، فما هي الضرورة التي أوجبت على كبار علمائنا – كما تقدم – أن يبذلوا كل تلك الجهود المضنية في الدراسة، ويعانوا كل أنواع الحرمان والمشاكل والصعوبات والمصائب.
هذا الفريق تكون عاقبة أفراده أنهم يصبحون جهلاء، وبعد فترة يضلون، ولا يستفيدون شيئاً إلا كونهم عبئاً على المجتمع، ويصرفون أموال بيت المال، ويريقون ما وجه الشيعة.
من الجدير بهؤلاء أن يطلعوا على ما جاء في مفاتيح الجنان في أعمال الليلة الواحدة والعشرين والثالثة والعشرين اللتين هما ليلة القدر وربيع العباد و{ليلة القدر خير من ألف شهر} ويقرؤوا هذه الجملة: وقال شيخنا الصدوق: ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل. مفاتيح الجنان/222
نستنتج مما تقدم حتى الآن أن الإفراط والتفريط كلاهما خطأ، وكما قال أمير المؤمنين (ع):اليمين والشمال مضلة، والطريق الوسطى هي الجادة.نهج البلاغة/ صبحي الصالح/58/ خ16
| |
|