طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: المعرِّف الجمعة أغسطس 19, 2011 7:19 am | |
| المعرِّف
قلنا إنَّ التعريف هو التفكير في مجال التصورات، كما أن الحجَّة هو التفكير في مجال التصديقات، ومهمَّة علم المنطق هي بيان أسلوب التفكير الصحيح في المجالين التصوَُّر والتصديق.
توضيحٌ:
إذا كان الإنسان لا يعلم أمراً من الأمور وهو يعلم بجهله فسوف يسأل عنه، فيتوقَّع أن يُجاب بجواب صحيح وكامل وذلك بأن يُحد تحديداً دقيقاً، يتمكن من خلاله أن يميزه عن سائر الأشياء ويُشخِّصه، بحيث لا تدخل مفاهيم أخرى ضمن تلك الماهية المجهولة ولا يشذُّ عنها شيء يخصُّها.
فإذا سألنا ما هو الخط؟ ما هو السطح؟ ما هي المادة؟ ما هي القوة؟ ما هي الحياة؟ ما هي الحركة؟
فنحن بأسئلتنا هذه نريد التوصُّل إلى تصور كامل وجامع لحقيقة هذه الأمور، وبعبارة أخرى نريد أن نعرف حدود هذه الأشياء.
فالبحث عن التعريف هو بحث مهمٌّ في كلّ علم، بل لا ينبغي طرح مسائل العلم إلاّ بعد تعريفه، ولذلك نلاحظ أنَّ أصحاب العلوم يعرِّفون العلم قبل الدخول في بيان مسائله.
ثم إن الإنسان حيث يجهل الكثير من الأمور، يسأل عنها بأنواع من الأسئلة، فتنوُّعُ الأسئلة الصادرة من الإنسان، دليل على تنوع مجهولاته. وقد وضع لمعرفة كل نمط من تلك المجهولات اسم أو أداة خاص به.
فيسأل: ما هو؟ هل هو موجود؟ كيف هو؟ كم هو؟ متى هو؟ أين هو؟ من هو؟ أيُّ شيء هو.... إلخ .
فأول سؤال يخطر في ذهن الإنسان، هو عن معنى الكلمة الموضوعة للشيء من المنظار اللغوي فيسأل بـ(ما هو) ويقول مثلاً ما هو الملأ؟ ما هو الاستضعاف؟ ما هو الهبوط؟
والجواب على هذا النمط من السؤال، هو التعريف اللفظي للكلمة، الذي تتكفَّله القواميس اللُغويّة، فهي تبيِّن المعنى اللغوي للكلمة، و(ما) هذه تسمى الشارحة، لأنَّها تشرح الاسم.
ثمَّ: وبعد أن عرف المعنى اللغوي للكلمة سوف ينتقل إلى السؤال الثاني، فيسأل عن المميزات الذاتية للشيء؟ فيقول: ما هو الإنسان؟ ما هو الأسد؟ ما هو الجن؟ ما هي الملائكة؟ فهو من خلال هذا السؤال، يريد أن يعرف حقيقة هذه الأشياء، والجواب يختلف عمّا سبق فليس من الصحيح أن نجيب عن هذا السؤال بنفس الجواب السابق بأن نذكر المعنى اللغوي للكلمة فإنَّ ذلك مفروغ منه، بل لابد وأن نُبيِّن حقيقة ذلك الشيء وحدوده.
وبمعرفة حدِّه، نتمكَّن من تصور الشيء تماماً فهذه (ما) تسمَّى (ما) الحقيقيَّة.
وربَّما لا يكتفي بذلك بل يريد أن يُصدِّقَ بوجوده فينتقل إلى السؤال الثالث، فيسأل هل الجن موجود؟ هل الملائكة موجودة؟ هل الروح موجود؟ فيستخدم الأداة (هل) وهي تسمى هل البسيطة لأنه يسأل بها عن الوجود فقط، فلو أجيب بأنَّه موجود سوف ينتقل إلى السؤال الرابع، ومن خلال هذا السؤال يريد أن يعرف إن كان هذا الشيء الموجود متصفاً بصفةٍ ما، فيقول: هل الجن يأكل ويشرب؟ هل الملائكة ينامون؟ هل الروح مجرَّدة؟ هل الإنسان ضاحك؟ وذلك بعد معرفة وجوده وهذه تسمَّى هل المركبة لأنها تستخدم فيما إذا كان الإنسان يريد أن ينسب شيئاً إلى شيءٍ آخر ومرتبتها متأخِّرة عن مرتبة (هل) السابقة التي كانت تستخدم لأجل معرفة وجود الشيء.
ثمَّ وبعد أن عرف أنَّه موجود أو متصف بتلك الصفة ينتقل إلى السؤال الخامس، فيسأل بأداة (لِمَ) لأنَّه يسأل عن لِم الشيء وعلَّته سواء عن علَّة الوجود أو عن علَّة الاتِّصاف والحكم فيقول: لِمَ كان الإنسان؟ أو لِمَ كان الإنسان ضاحكاً؟ لم صارت الروح مجرَّدة؟ لِمَ كان المغناطيس جاذباً للحديد؟
فتتلخَّص المطالب في:
1 - ما المستخدمة لمعرفة شيئية الشيء وماهيته وحقيقته.
2 - هل المستخدمة لمعرفة وجود الشيء.
3 - لِمَ المستخدمة لمعرفة عِليّة الشيء .
ومن هنا قال المحقق السبزواري رضوان الله عليه في منظومته:
أُسُّ المـطالب ثلاثـةٌ عُلِمْ: ** مَطْلبُ ما، مَطْلبُ هل، مَطْلبُ لِمْ
ولنا أن نسأل: مَن الذي يتكفَّل الجواب عن تلك الأسئلة المتنوعة؟ أو ما هو العلم الذي دُوِّن للإجابة على تلك الأسئلة؟
أقول: بالنسبة إلى (ما) الحقيقية التي يطلب بها بيان حقيقته الأشياء، وأيضاً هل البسيطة التي يطلب بها وجود الأشياء، فالحكمة المتعالية أي الفلسفة، هي التِّي تتكفَّل بالجواب عليهما، وأمّا (لِمَ) التي يطلب بها معرفة العلل، فالأمر مختلفٌ، فلو كان الغرض من هذا السؤال، معرفة العِلّة الأولى فيُطلب جوابه من الفلسفة أيضاً، وأما إذا كان السؤال عن الأسباب الأخرى التي يُطلق عليها (علل) في العُرف وليست هي إلا مقتضيات، فالجواب عنها إنما يُطلب في العلوم المتنوعة الَّتي دوِّنت للإجابة على هذه الأسئلة، حسب موضوع ذلك العلم، كما أنَّ سائر الأمور التي تقع مورد السؤال بـ (كم) و (كيف) و (أين) وغيرها، فيطلب جوابها من العلوم أيضاً ولقد تنوَّعت العلوم بحسب تنوُّع الأسئلة.
وأمّا علم المنطق فرغم أنَّه لا يجيب على أيِّ سؤال من تلك الأسئلة ولكنه كما قلنا: خادم جميع العلوم وخاصَّة الحكمة المتعالية، فهو الذي يرسم الأسلوب الصحيح للجواب في جميع العلوم، وفي الحقيقة يجيب المنطق على سؤالٍ واحد فقط وهو: (كيف ينبغي أن يكون التفكير؟)
المعرِّف
ينقسم المعرِّف إلى قسمين:
حَدٌ ورَسْمٌ
وينقسمان إلى قسمين: تام وناقص.
التعريف بالحّد:
هو التعريف الذي يُذكر فيه الفصل، الذي يميز النوع عن سائر الأنواع.
التعريف بالرسم:
هو الذي لا يذكر فيه الفصل، إنما يذكر فيه العرض الخاص (الخاصة) فلا يميِّز النوع عن الأنواع الأُخرى تمييزاً حقيقياً وإنّما يميزه تمييزاً عرضياً ظاهرياً.
ثمَّ إنَّ الحدَّ إن كان معه الجنس القريب، سمي حدّاً تامّاً، وإن لم يكن معه الجنس القريب، سمي حداً ناقصاً.
مثال الحد التام:
إذا قلنا في تعريف الإنسان: حيوان ناطق، فقد أتينا بذاتيات الإنسان سواء الجزء الأعمّ منه الذي هو الحيوان أو المساوي له وهو الناطق، وأيضاً لو قلنا في تعريف الإنسان جسمٌ نامٍ حساس متحرك بالإرادة ناطق.
والتعريف بالحدّ التام هو أفضل التعاريف.
مثال الحد الناقص:
إذا قلنا في تعريف الإنسان ناطق، فقد ذكرنا فيه الفصل وحده من غير أن نذكر الجنس، فهو حدٌّ باعتبار أنه مميَّز بالفصل (ناطق) الذي هو المميِّز للإنسان عن غيره من الحيوانات، ولكن هو ليس بتامٍ بل ناقصٌ حيث لم يُذكر فيه الجنس، فلو أتينا بالعرض العام بدلاً عن الجنس وقلنا في تعريف الإنسان ماش ناطق فهو لا يزال حدّاً ناقصاً، لأنَّ العرض العام ليس بجنس بل هو بمنزلته.
مثال الرسم التام:
إذا قلنا في تعريف الإنسان إنه: حيوان ضاحك، فهذا التعريف يطلق عليه الرسم باعتبار الخاصَّة أعني (ضاحك) ويُسمَّى تاماً باعتبار الجنس القريب وهو (حيوان).
مثال الرسم الناقص:
إذا قلنا في تعريف الإنسان، ضاحك، فقد ذكرنا الخاصّة وحدها ولأنَّنا لم نذكر الجنس فهو ناقصٌ.
ثم:
إنَّه ينبغي أن نعلم بأنَّ الأصل في التعريفات هو الحد التام، فمع عدم التمكُّن منه ينتقل الدور إلى الحد الناقص، ثم الرسم التام ثم الرسم الناقص وأمّا التعريف بالجنس وحده أو العرض العام وحده فلا يعدُّ لا حدّاً ولا رسماً.
شروط التعريف
على ضوء ما قلنا من أنَّ الغاية من التعريف هي تبيين مفهوم المعرَّف وتمييزه عما عداه، فمن الضروري الالتزام بالشروط الخمسة التالية:
الأول: أن يكون المعرِّف مساوياً للمعرَّف في الصدق، أي يكون المعرِّف مانعاً جامعا أو (مطَّرداً و منعكساً) ومعنى مانع أو مطّرد أنه لا يشمل إلا أفراد المعرَّف ومعنى جامع أو منعكس أنه يشمل جميع أفراد المعرَّف، لا يشذ منها واحد.
فلا يصح التعريف بالأمور الآتية:
1 - بالأعم: لأنه ليس بمانعٍ، كتعريف العصفور بأنه حيوان يطير.
2 - بالأخص: لأنه ليس بجامعٍ، كتعريف الإنسان بأنه حيوان متعلم.
3 - بالمباين: لأن المتباينين لا يصح حمل أحدهما على الآخر.
الثاني: أن يكون المعرِّف أجلى مفهوماً وأعرف عند المخاطب من المعرَّف.
فلا يجوز التعريف بالأمرين التاليين:
1 - بالمساوي في الظهور والخفاء: كتعريف الفرد بأنه عدد ينقص عن الزوج بواحد. وكتعريف الأب بأنه والد الابن، وكتعريف فوق بأنه ليس بتحت.
2 - بالأخفى معرفة: كتعريف النور بأنه قوة تشبه الوجود.
الثالث: أن لا يكون المعرِّف عين المعرَّف في المفهوم، كتعريف الحركة بالانتقال والإنسان بالبشر تعريفاً حقيقياً غير لفظي، بل يجب تغايرهما، إمّا بالإجمال والتفصيل كما في الحد التام، أو بالمفهوم كما في التعريف بغيره.
ولو صح التعريف بعين المعرَّف لوجب أن يكون معلوماً قبل أن يكون معلوماً، وللزم أن يتوقف الشيء على نفسه. وهذا محال لأنَّه نتيجة الدور الذي سيأتي بيانه.
الرابع: أن يكون خاليا من الدور لأنه يؤول إلى أن يكون الشيء معلوماً قبل أن يكون معلوماً، أو إلى أن يتوقف الشيء على نفسه، والدور على نحوين:
(الدور المصرح) مثل: تعريف الشمس بأنها (كوكب يطلع في النهار). والنهار لا يعرف إلاّ بالشمس إذ يُقال في تعريفه: (النهار: زمان تطلع فيه الشمس). فتوقفت معرفة الشمس على معرفة النهار، ومعرفة النهار - حسب الفرض - متوقفة على معرفة الشمس، فتكون معرفة الشمس، متوقفة على معرفة الشمس.
(الدور المضمر) مثل: تعريف الاثنين بأنهما زوج أوَّل. والزوج يعرف بأنه منقسم بمتساويين والمتساويان يعرفان بأنهما شيئان أحدهما يطابق الآخر. والشيئان يعرفان بأنهما اثنان. فرجع الأمر بالأخير إلى تعريف الاثنين بالاثنين.
الخامس: أن تكون الألفاظ المستعملة في التعريف، واضحة لا إبهام فيها، فلا يصح استعمال الألفاظ الغريبة ولا الغامضة، ولا المشتركة والمجازات بدون القرينة.
| |
|
طالبة علم  
الجنس : عدد المساهمات : 115 تاريخ التسجيل : 22/07/2011
| موضوع: رد: المعرِّف الجمعة أغسطس 19, 2011 1:00 pm | |
| اللهم صل على محمد وآل محمد
تمت قراءة الدرس | |
|
الحوزويه الصغيره  
عدد المساهمات : 105 تاريخ التسجيل : 28/07/2011
| موضوع: رد: المعرِّف الجمعة أغسطس 19, 2011 6:01 pm | |
| اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم
تســ ج ــــــيل حضور
موفقين ان شاء الله في ميزان اعمالكم | |
|