طالب علم  
الجنس : عدد المساهمات : 2695 تاريخ الميلاد : 22/07/1989 تاريخ التسجيل : 29/01/2011 العمر : 35 الموقع : العراق حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
| موضوع: الضروري والنظري الأحد أغسطس 07, 2011 3:16 am | |
| الضروري والنظري ينقسم العلم الحصولي إلى قسمين:القسم الأول: الضروري أو البديهي. القسم الثاني: النظري أو الاكتسابي. وبلحاظ القسمين السابقين للعلم الحصولي (التصور والتصديق) تنتج أقسامٌ أربعةٌ هي:التصوُّرٌ الضروري والتصديق الضروري والتصوُّر النظري والتصديق النظري. فينبغي أن نبين هذه الأقسام تمهيداً لعمليَّة التفكير التي سنشرحها فيما بعد إن شاء الله. فنقول:1 ـ الضروري أو البديهي: (تصوراً كان أو تصديقاً) «هو الذي لا يحتاج في حصوله إلى كَسْبٍ ونظر وفكر» فيحصل بالبداهة والضرورة، من غير تعبٍ ومن غير إجراء عملية فكريَّة. مثل: تصور مفهوم الوجود والإمكان والعدم والشيء. ومثل: التصديق بأن الكل أعظم من الجزء، أو أن النقيضين لا يجتمعان، أو أنَّ 2×2=4. 2 ـ النظري أو الاكتسابي: «هو الذي يحتاج إلى كسب ونظر وفكر فلا يحصل إلاّ من خلال عملية التفكير». مثل: تصور مفهوم الروح وتصوُّر حقيقة الكهرباء والجنّ والحرارة، والبرودة والإنسان والماء. ومثل: التصديق بأن الأرض ساكنة أو متحركة وأنَّ 15×15=225 وأنَّ أبعاد الكون متناهية أو غير متناهية. كل هذه التصديقات وتلك التصوُّرات نظرية وليست ضرورية. إشكال و ردٌّ :عند ملاحظة الأمثلة السابقة نواجه الخلط في بعض المفاهيم فلا تُعرف أَهي بديهيَّة أم نظرية؟ حيث تخطر في الذهن شبهة ويطرح سؤالٌ هو:هل يمكن القول بأنّ تصور الروح والجنّ والكهرباء كتصور الإنسان والماء ؟ وأنَّ كليهما نظري؟ كيف ! ونحن نشاهد الفرق الكبير بينهما حيث وضوح مفهوم الإنسان والماء وغموض مفهوم الروح والجنّ والكهرباء؟من فضاكنهذه الشبهة ليست في محلِّها، فالتصديق بوجود الإنسان بديهي لأنّنا نعلم بديهةً بوجوده في الخارج، وأمّا التصديق بوجود الروح والجن فهو نظري. فالفرق إنَّما هو من ناحية تصديقهما وأمّا من ناحية التصوّر فلا فرق بين تلك الأمثلة أصلاً، لأنَّ جميع تلك التصوُّرات نظرية فليس هناك أيُّ فرق بين تصور الإنسان وتصوُّر الجنّ والمَلائكة، وذلك لأنه ليس من البديهي الوصول إلى حقيقة الإنسان كما أنه ليس من البديهي الوصول إلى حقيقة الجنّ. فإذاً تصوُّر الروح نظريٌّ كما أنَّ تصديقه كذلك، وأمّا الإنسان والماء فتصورهما نظري غير أنَّ تصديقهما ضروريّ لأنَّهما من المرئيات والمذوقات حيث نُؤمن بوجودهما بالحس من غير النظر والفكر. ثمَّ:إنَّه من اللازم أن نتساءل بأنَّه: ما هو السرّ الذي أدَّى إلى كون بعض التصوّرات بديهيَّة وبعضها نظريَّة؟ وما هو الفارق الجذري بين التصورات النظرية والتصورات الضرورية ؟ وهل هناك ضابطة يمكننا أن نميِّز من خلالها التصور النظري والتصور الضروري؟ أقول:نعم إنَّ هناك ميزاناً يُمَيَّز به التصور الضروري من التصور النظري وهو: المفهوم التصوري إن كان بسيطاً فهو مفهوم بديهيٌ، وإن كان مركباً فهو مفهوم نظري. فمفهوم الإنسان مركبٌ من مفاهيم مختلفة لأنَّه جوهرٌ جسمانيٌ نامٍ حسّاس متحرك بالإرادة ناطق فإذاً هو مفهوم تصوُّريٌ نظري يفتقر - لأجل الوصول إلى تمام حقيقته - إلى المعرِّف، كما أن الكهرباء والجنّ والملائكة كذلك، ومفهوم الوجود والشيء والعدم والإمكان والوجوب ليست مركَّبة من عناصر ذهنيَّة مختلفة، بل هي بسيطة. فإذاً هي مفاهيم ضرورية واضحة لا غموض فيها ولا غبار عليها، حيث لا تفتقر إلى المعرِّف. على ضوء ذلك نقول: إنَّ المفاهيم التي تحتاج إلى تعريف هي مفاهيم نظرية لمكان تركُّبها، لأنَّ التعريف إنَّما هو بسط المفهوم بذكر أجزائه الذاتيَّة التي هي الجنس والفصل وأمّا المفهوم البسيط حيث لا جنس له ولا فصل فلا تركيب فيه فهو واضح مبسوط لا يفتقر إلى شرحٍ وبسط وتعريف، بل لا يمكن تعريفه. ثمَّ: إنّ المعرِّف يعني التفكير في مجال التصوُّرات النظريَّة كما أنَّ الحجَّة هي التفكير في مجال التصديقات النظريَّة، أما التصورات البديهية والتصديقات البديهية فلا تحتاج لا إلى المُعرَّف ولا إلى الحُجّة، وعليه كلُّ من تمكَّن من تعريف المفاهيم تعريفاً صحيحاً فهو الذي بإمكانه أن يفكِّر في مجال التصورات، وكلُّ من تمكَّن من إقامة الحُجَّة بنحو صحيح من غير أن يتورَّط في الخطأ والانحراف، فهو الذي يتيسَّر له التفكير بنحو صحيح في مجال التصديقات النظريَّة حيث يُبدل المجهولات التصديقيَّة إلى معلومات تصديقيَّة. ومن هنا قسَّم المنطقيون أبحاث هذا العلم - الذي يعلمنا كيف نفكِّر - إلى قسمين:قسمٌ يرتبط بالمفاهيم التصوريّة وهذا ما يسمى بالمعرِّف. وقسم يرتبط بالمفاهيم التصديقية وهذا ما يسمى بالحُجّة. أسباب التوجُّه:إنَّ البديهي هو المفهوم الذي يعلمه الإنسان من دون فكرٍ ونظرٍ إلاّ أنّه ربَّما يتساءل البعض:كيف نجهل بكثير من الأمور رغم بداهتها؟ وهل الجهل بها يضرُّ ببداهتها؟أقول:ليس من الضروري أن يطّلع جميع الناس على جميع البديهيات، بل ربَّ بديهي واضحٍ ويجهله كثيرٌ من الناس، وهذا لا يغيِّر من حقيقته فيبدله نظرياً بل يبقى على بداهته على أيِّ حال. وأمّا السرّ في جهل الناس لكثير من البديهيات فيرجع إلى أمرٍ آخر وهو ما يُسمَّى بأسباب التوجُّه. فللوصول إلى البديهيّات ينبغي التوجه إليها أخذها في الاعتبار. ويمكننا حصر أسباب التوجه في الأمور الخمسة التاليَّة:1 - الانتباه: وهذا السبب ضروريٌ في كافة الأمور البديهيَّة، فرب صوتٍ لا يسمعه سليم السمع وربَّ صورة لا يراها قويُّ البصر، كلُّ ذلك لأجل الغفلة وعدم الانتباه. قال تعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ}.2 - سلامةُ الذهن: وهذا أيضاً شرط في جميع الأمور البديهيَّة، فالإنسان لأجل أن يُدرك الضروريات، لابدَّ وأن يكون سليم الذهن، فسقيم الذهن قد يشك في أوضح الأشياء وأظهر الأمور أو لا يفهمها، وهذا أيضاً لا يدلُّ على أنَّ هذا الأمر نظري بل هو ضروريٌّ على أي حال، والنقص إنما هو راجع إلى الإنسان نفسه. 3 - سلامة الحواس: وهذا خاص بالضروريات المتوقفة على الحواس الخمس، فالأعمى لا يرى أوضح الأشياء، والأصمَّ لا يسمع أعلى الأصوات، وهكذا بالنسبة إلى سائر الحواس، فهذا ليس دليلاً على أن هذا المعلوم من المعلومات النظرية بل هو من الضروريات على أي حال. 4 - فقدان الشبهة: ربما تختلج شبهة في الذهن تسبب مشكلة للإنسان، فيظن أنَّ هذا الضروري الواضح ليس بضروريٍ، مثلاً استحالة اجتماع النقيضين من البديهيات الأوليَّة، بل هي أساس جميع البديهيّات - كما سيتَّضح - من فضاكن ربَّ شبهة تشكك في هذا البديهي، فيتصوَّر البعض أنّه من الممكن اجتماع النقيضين كما لو توهَّم أنَّ بين النور والظلمة حالةً ليست من الظلمة وليست من النور! فالبديهي بديهيٌ على أي حال. 5 - عملية غير عقلية: الكثير من البديهيات تحتاج إلى عمليات غير عقليَّة، كالتجربة في التجريبيات والاستماع في المسموعات والنظر في المرئيّات، وكما لو أراد إنسان أن يعرف صدق خبرٍ منقول عن جماعة يتواجدون في بلاد نائية، فينبغي له أن يذهب إلى تلك البلاد ليستمع الخبر، وكما لو أراد أن يعلم المستوى المعنوي والروحي المتواجد في حجّاج بيت الله الحرام، فينبغي له أن يسافر إلى مكَّة، ليرى الاجتماع الغفير من المؤمنين في ذلك المكان المقدَّس؛ وهذا الأمر رغم كونه بديهياً من فضاكنَّه يتطلَّب تهيئة مقدَّماتٍ للسفر ومن ثمَّ الذهاب إلى تلك البلاد، كلُّ ذلك سوف يشغل ذهنه مدةً من الزمن.كذلك لو كانت الشمس طالعة وهو يجهل بها، لكونه في حجرة مظلمة فلو أراد فتح الباب ولم يعثر على المفتاح، فإنه يسعى للعثور عليه ساعات متوالية ثمَّ يفتح الباب فيشاهد طلوع الشمس؛ فهذا السعي مهما كان طويلاً وصعباً، لا يؤَثِّر في بداهة البديهي لأنَّ هذه العمليات لا تُعدُّ عملياتٍ عقليَّة وإن ارتبطت بالذهن.بعد الفراغ من تلك العمليات نسأل: هل يفتقر هذا المعلوم إلى الفكر والنظر أم لا؟ وبعبارة أخرى: هل يتطلَّب عمليَّةً عقليَّة؟ فإن كان محتاجاً إليها فهو من النظريات وإلاّ فهو ضروري وبديهي.العملية العقلية (التفكير):ما هي إذاً العمليَّة العقلية ؟ وما هو الفكر؟يقول الحكيم السبزواري في منظومته:(الفكر حركة إلى المبادي .. ومن مبادي إلى المراد)توضيحه:الفكر حركة ذهنية من المراد أي المجهول إلى المبادي أي المعلومات المسبقة، ثم من المبادي إلى المراد. فالإنسان عندما يفكر يريد أن يكشف مجهولاً ما، لا يفرق بين ما إذا كان المجهول من التصورات أو التصديقات، فهناك نقص وجهل وفراغ في البين، لابدَّ وأن يمتلئ ولأجل ذلك، يستعين المفكِّر برأسماله العلمي - إن كان عنده - ليتاجر به فيربح بتبديل المجهول معلوماً، ومن أجل ذلك عُرِّف الفكر بأنَّه:«إجراء عمليَّة عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل الوصول إلى المطلوب» أو «ملاحظة المعقول لتحصيل المجهول» أو «حركة العقل بين المعلوم والمجهول»فالإنسان في تفكيره تمرُّ على عقله خمسة أدوار:الأول: مواجهة المشكل وهو المجهول. الثاني: معرفة نوع المشكل فربما يواجه المشكل ولا يعرف نوعه، هل هو من المسائل الكيميائية أو الفيزيائية أو الطبيَّة أو الأدبيَّة، فلا يمكن لمثل هذا الإنسان أن يفكِّر في مجال ذلك المشكل أصلاً وإن كانت لديه مخزونات علميَّة كثيرة، فلابدَّ إذاً من معرفة نوعه. الثالث: حركة العقل من المشكل إلى المعلومات المخزونة عنده.هذا أوّل مرحلة للتفكير ويطلق عليها الحركة الذاهبة. والمقصود من حركة العقل هو حركة داخلية غير مادية وإنه نوع خاص من الانتقالات الذهنية أو الروحية في عالم العقل، وهذا لا ينافي القول بحدوث إفرازات في المخّ حين إجراء تلك العمليات، لأنَّها تابعة لتلك الحالات الذهنية. وإذا كان المجهول مثلاً من المسائل الرياضية، ينتقل منه إلى المعلومات الرياضية التي في ذهنه بشرط أن يكون مُطَّلِعاً على المعادلات الرياضية بمقدار حاجته لحلِّ المجهول، فمن لم يعرف ألف باء الرياضيات، لا يمكنه حلّ أهون المسائل ؟ فكيف بصعابها ؟ فبالتالي مع فرض امتلاكه للمعلومات الرياضيَّة، سوف يمكنه أن ينتقل منها إلى المجهول ليبدله معلوماً. الرابع: حركة العقل - ثانياً - بين المعلومات للفحص عنها وتأليف ما يناسب المشكل ويصلح لحله.وتسمَّى بالحركة الدائريَّة، وهذه الحركة إنَّما هي في المفاهيم التي موطنها الذهن والتِّي تشكِّل كلياتٍ تصوُّريَّة أو قوانين عامَّة تصديقيَّة، فالمفكِّر ينتخب المفاهيم المناسبة أو القوانين العامَّة فيؤلِّفها وينظِّمها لحلِّ مجهوله. وسوف يتضح لك هذا الأمر عند الحديث عن المعرِّف وأسلوبه وعند بيان القياس وأشكاله. الخامس: هو حركة العقل- ثالثاً - من المعلومات التي استطاع تأليفها مما عنده إلى المطلوب. وهو الاستنتاج وتسمّى الحركة الراجعة، وتمثّل المرحلة الأخيرة بعد جمع المعلومات وترتيبها فينتقل الذهن فيها إلى المطلوب، وهنا نهاية المطاف لأنَّ تاجر العلم سوف يكتسب الربح الوافر من خلال المعلومات المسبقة التِّي كانت تمثِّل رأس ماله. ولا يخفى أنَّ العمليات الثلاث الأخيرة هي التي لها أهميَّة بالغة في ساحة التفكير، لأنَّها هي العمليات الفكرية بالفعل حيث اشتمالها على الحركة والانتقال، وأما الأولى والثانية فليستا من الفكر في شيءٍ، بل يمثِّلان تمهيداً ومقدَّمةً للأدوار اللاحقة، فربَّ مَنْ يستغني عنهما فلا يحتاج إليهما أصلاً وهو الذي لديه قوَّة الحدس، ولو اشتدَّ هذا الحدس وكَمُل، فسوف يصل إلى مستوى الذكاء وهو قوَّةٌ قدسيَّة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، والذكي هو سريع القطع بالحق. | |
|
طالبة علم  
الجنس : عدد المساهمات : 115 تاريخ التسجيل : 22/07/2011
| موضوع: رد: الضروري والنظري الأحد أغسطس 07, 2011 9:18 am | |
| اللهم صل على محمد وآل محمد تمت قراءة الدرس, جزاك الله الف خير
| |
|
الحوزويه الصغيره  
عدد المساهمات : 105 تاريخ التسجيل : 28/07/2011
| موضوع: رد: الضروري والنظري الأحد أغسطس 07, 2011 4:47 pm | |
| | |
|