نور الأمداد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لنشر علوم خير االأسياد محمد وآلِ بيته الأمجاد عليهم صلوات ربِّ العباد
 
الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 وحي القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طالب علم
 
 
طالب علم


وحي القرآن  133579507441
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2695
تاريخ الميلاد : 22/07/1989
تاريخ التسجيل : 29/01/2011
العمر : 34
الموقع : العراق
حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
MMS نور الامداد

وحي القرآن  Empty
مُساهمةموضوع: وحي القرآن    وحي القرآن  Emptyالأربعاء مارس 28, 2012 3:26 pm



وحي القرآن

[size=16]الشيخ مرتضى المطهري


ما برحت حياة النبي محمد صلى الله
عليه واله وسلم موضع عناية الدارسين من أبعاد مختلفة ، وبقدر ما عبىء
للموضوع من أهبة واستعداد ، ومنهجية في أغلب الأحيان ، فما تزال هناك بقية
للبحث ، فقد تنقصنا كثير من الوثائق عن حياته الروحية قبل البعثة ، وصلتها
بحياته العامة والخاصة بعد البعثة .

وحي القرآن  Blank
هناك شذرات متناثرة في كتب السيرة والتأريخ والآثار ، تتعلق بحياة النبي
صلى الله عليه واله وسلم هامشيا ، تتخذ مجال الثناء والأطراء حينا ، وتتسم
بطابع الحب والتقديس حينا آخر ، وهي مظاهر لا تزيد من منزلة النبي صلى الله
عليه واله وسلم الذاتية ، ولا تكشف عن مكنونات مثله العليا ، ذلك باستثناء
الإجماع على عزلته في عبادته وتحنثه ، والاقتناع بصدقه وأمانته ، وهي
شذرات غير غريبة في أصالة النبي صلى الله عليه واله وسلم الكريمة ، وتقويمه
الخلقي الرصين .

وحي القرآن  Blank
وتطالعنا ـ احيانا ـ أحداث في تأريخ النبي صلى الله عليه واله وسلم قبل
البعثة ، لها مداليل من وثاقة ، ورجاحة من عقل ، كالمشاركة الفاعلة في حلف
الفضول ، وتميزه بالدفاع عن ذوي الحقوق المهتضمة ، وكاللفتة البارعة في رفع
الحجر الأسود ، ووضعه بموضعه من الكعبة اليوم ، بما أطفأ به نائرة ، وأخمد
فتنة .

وحي القرآن  Blank
وهناك انفراده عن شباب عصره بالحشمة والاتزان ، وهو في شرخ الصبا وعنفوان
العمر ، والتأكيد على الخلوة الروحية بين جبال مكة وشعابها ، وفي غار حراء
بخاصة ، والحديث عن تجواله في سفرتين تجاريتين ، لا يفصح كثيرا عن ثمرة
تجربتهما النفسية ، ولا يعرف صدى مشاهداتهما روحيا واجتماعيا في حياته
العائلية قبل البعثة نجده يتيما يسترضع في بني سعد ، ويفقد أبويه تباعا ،
ويحتضنه جده عبد المطلب حضانة العزيز المتمكن ، وبوفاته يوصي به لأبي طالب ،
ويتزوج وهو فتى في الخامسة والعشرين من عمره من السيدة العربية خديجة بنت
خويلد ، وكان زواجا ناجحا في حياة عائلية سعيدة ، تكّد وتكدح في تجارة
تتأرجح بين الربح والخسران ، وفجأة الوحي الحق ، والتجأ إلى خديجة ، تزمله
آنا ، وتدثره آنا آخر .

وحي القرآن  Blank
وينهض النبي صلى الله عليه واله وسلم في دعوته ، فتجد الدعوة مكذبين
ومصدقين ، وتقف قريش بكبريائها وجبروتها في صدر الدعوة ، ويلقى الأذى
والعنت من قومه وعشيرته الأقربين ، وفي حمأة الأحداث يموت كافله وزوجته في
عام واحد ، فيكون عليه عام الأحزان ، فلا اليد التي قدمت المال للرسالة ،
ولا الساعد الذي آوى وحامى ، ويوحى إليه بالهجرة ، فتمثل حدثا عالميا فيما
بعد .

وحي القرآن  Blank
هذه لمحات يذكرها كل من يترجم للنبي صلى الله عليه واله وسلم يطيل بها
البعض ، ويوجز البعض الآخر ، وليست كل شيء في حياة النبي ، فقد تكون غيضا
من فيض .

وحي القرآن  Blank
ولست في صدد تأريخية هذه الأحداث ، ولا بسبيل برمجتها ، لألقي عليها ظلالا
مكثفة من البحث ، ولكنها لمسات تمهيدية تستدعي الإشارة فحسب .

وحي القرآن  Blank
ومهما يكن من أمر ، فقد تبقى طريقة النبي صلى الله عليه واله وسلم
المنهجية في التوفيق بين واجباته الروحية ومهماته القيادية من جهة ، وبين
حياته العامة ومساره الدنيوي من جهة ثانية ، لا تجد تأريخا يمثل بدقة ووضوح
تأمين المنهج الرئيسي الذي اختطه لنفسه هذا القائد العظيم وهو في مكة
المكرمة .

وحي القرآن  Blank في المدينة المنورة حيث العدد والعدة ، والنصرة والفداء ، نلمس إيحاء قرآنيا بنقطتين مهمتين :
وحي القرآن  Blank الأولى
: مواجهته للمنافقين وتحركهم جهرة وخفاء ، وتذبذبهم إزاء الرسالة بين الشك
المتمادي ، والتصديق الكاذب ، يصافحون أهل الكتاب تارة ، ويوالون مشركي
مكة تارة أخرى ، حتى ضاق بهم ذرعا ، ونهاهم القرآن الكريم عن التردي في هذه
الهاوية مرارا وتكرارا ، وهددهم بالاستئصال والتصفية بعض الأحيان ، ولم
ينقطع كيدهم ، فمثلوا ثورة مضادة داخلية ، تفتك بالصفوف وتفرق الجموع ،
لولا الوقوف في نهاية الأمر بوجه ترددهم الخائف ، وهزائمهم المتلاحقة ، إثر
ما حققه الإسلام من انتصارات في غزواته وحروبه الدفاعية ، إلا أن جذوتهم
بقيت نارا تحت رماد ، وعاصفة بين الضلوع ، تخمد تارة وتهب أخرى .

وحي القرآن  Blank الثانية
: مجابهته للفضوليين ، الذين كانوا يأخذون عليه راحته ، ويزاحمونه وهو في
رحاب بيته ، بين أفراد عائلته وزوجاته ، فينادونه باسمه المجرد ، ويطلبون
لقاءه دون موعد مسبق ، بما عبر عنه القرآن بصراحة :

وحي القرآن  Blank ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون * ) .
وحي القرآن  Blank
واستأثر البعض من هؤلاء وغيرهم بوقت القائد ، فكانت الثرثرة والهذر ، وكان
التساؤل والتنطع ، دون تقدير لملكية هذا الوقت ، وعائدية هذه الشخصية ،
فحد القرآن من هذه الظاهرة ، واعتبرها ضربا من الفوضى ، وعالجها بوجوب دفع
ضريبة مالية تسبق هذا التساؤل أو ذاك الخطاب ، فكانت آية النجوى :

وحي القرآن  Blank ( يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم *) .
وحي القرآن  Blank
وكان لهذه الآية وقع كبير ، فامتنع الأكثرون عن النجوى ، وتصدق من تصدق
فسأل ووعى وعلم ، وانتظم المناخ العقلي بين يدي الرسول الأعظم صلى الله
عليه واله وسلم فكف الفضول ، وتحددت الأسئلة ، ليتفرغ النبي صلى الله عليه
واله وسلم للمسؤولية القيادية .

وحي القرآن  Blank
ولما وعت الجماعة الإسلامية مغزى الآية ، وبلغ الله منها أمره ، نسّخ
حكمها ورُفع ، وخفف الله عن المسلمين بعد شدة مؤدبة ، وفريضة رادعة ،
وتأنيب في آية النسخ :

( ءأشفقتم
أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا
الصلاة وءاتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعلمون
* ) .

وحي القرآن  Blank
كان هذا وذاك يستدعي الوقوف فترة زمنية عند رعاية الوحي للنبي صلى الله
عليه وآله وسلم في التوفيق بين واجباته القيادية ، وحياته الاعتيادية ،
فأمام المنافقين نجد الحذر واليقظة يتبعهما الإنذار النهائي باغرار النبي
صلى الله عليه وآله وسلم بهم ، وعند الحادثتين التاليتين نجد الوحي حاضرا
في اللحظة الحاسمة ، فيسليه في الأولى بأن أكثر هؤلاء لايعقلون . ويعظمه في
الثانية بجعل مقامه متميزا ، فلا يخاطب إلا بصدقة ، ولايسأل إلا بزكاة .

وحي القرآن  Blank
وما زلنا في هذا الصدد فإننا نجد الوحي رفيقا أمينا لهذا القائد الموحى
إليه ، من هذه الزاوية التوفيقية بين التفرغ لنفسه ، والتفرغ لمسؤولياته ،
وهذا أهم جانب يجب أن يكشف في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والكشف
عنه إنما يتم بدراسة حياة النبي الخاصة مرتبطة بهذه الظاهرة ، وهي ظاهرة
الوحي الإلهي ، ومدى الاتصال والانفصال بينها وبين النبي صلى الله عليه
واله وسلم ، وحاجته الملحّة إلى هذا الشعاع الهادي ، منذ البدء وحتى
النهاية .

وحي القرآن  Blank
لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدعا من الرسل ، ولم يختص بالوحي
دونهم ، بل العكس هو الصحيح ، فقد شاركهم هذه الظاهرة ، وقد أوحي إليه كما
أوحي إليهم من ذي قبل ، قال تعالى :

وحي القرآن  Blank ( إنا
أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم
وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وءاتينا
داوود زبورا * ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم
الله موسى تكليما
) .

وحي القرآن  Blank
فقد هدفت الآية وما بعدها إلى بيان حقيقة الوحي الشاملة للأنبياء عليهم
السلام كافة ، ممن اقتص خبرهم وممن لم يقتص ، وإيثار موسى بالمكالمة وحده .

وحي القرآن  Blank
ويبقى التساؤل قائما : بماذا تفسر هذه الظاهرة ، وكيف تعلل نفسيا ؟ وكيف
تنطبق كونيا ، وكيف عولجت قرآنيا ؟ وهل هي حقيقة تنطلق من ذات النبي صلى
الله عليه واله وسلم ؟ أم هي ظاهرة منفصلة عنه تماما ؟ وما هو سبيل معرفتها
جوهريا عند النبي صلى الله عليه واله وسلم ؟ وعند الناس ؟ وكيف آمن به بكل
قوة ويقين وآمن بها من حوله ؟

وحي القرآن  Blank
وللإجابة عن هذه الافتراضات ، لا بد من رصد جديد لهذه الأبعاد كافة ، وقد
يرى ذلك غريبا في تأريخ القرآن ، ولكن نظرة تمحيصية خاطفة ، تؤصل حقيقة هذا
المناخ ، وتؤكد ضرورة هذا المنهج ، لأن الوحي يشكل بعدا زمنيا معنيا يقترن
بنزول القرآن ، وذلك أول تأريخ القرآن ، ويستمر معه بوحي القرآن متكاملا ،
وذلك تفصيلات تأريخ القرآن في عهد الرسالة ، وهو الجزء المهم والأساس في
هذا التأريخ .

وحي القرآن  Blank
وباستعراض هذه الافتراضات سوف نلمس النبي صلى الله عليه واله وسلم عبدا
مأمورا محتسبا ، يُنفّذ ولا يسأل ، ويبلغ ولا يضيف ، مهمته التلقي والأداء ،
مستقلا بذاته ، ومنفصلا عن ظاهرته ، ويبقى الجمع بين حياته العامة والخاصة
من اختصاصه بتوجيه من الله تعالى ، وبعناية من وحيه ، فلا تعارض بينهما ،
فيرتفع بذلك ما أثرناه مسبقا ، ويتلاشى الإشكال بهذا الملحظ ، مع أننا نلمس
بشكل جدي أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قد وهب حياته للوحي ، مبلغا
أمينا ، ورسولا كريما ، إلا أن شخصيته حقيقة ، والوحي حقيقة أخرى ، وهذا ما
ندأب إلى إثباته علميا .



*وحي القرآن  Blank*وحي القرآن  Blank*
وحي القرآن  Blank
أن ما يذهب إليه بعض الدارسين من أن ظاهرة الوحي ، قد يراد بها المكاشفة ،
وقد يعبر عنها بالوحي النفسي تارة ، أو الإلهام المطلق تارة أخرى ، دون
تحديد مميز ، لا يتوافق مبدئيا مع دراسة النهج الموضوعي لظاهرة الوحي .

وحي القرآن  Blank إن كلمة الإلهام ليس لها أي مدلول نفسي محدد ، مع أنها مستخدمة عموما لكي ترد معنى الوحي إلى ميدان علم النفس .
وحي القرآن  Blank
والوحي النفسي يدور حول معرفة مباشرة لموضوع قابل للتفكير ، والوحي الإلهي
يجب أن يأخذ معنى المعرفة التلقائية والمطلقة لموضوع لا يشغل التفكير ،
وأيضا غير قابل للتفكير .



والمكاشفة لا تنتج عند صاحبها يقينا
كاملا ، ويقين النبي صلى الله عليه واله وسلم بالوحي قد كان كاملا ، مع
وثوقه بأن المعرفة الموحى بها غير شخصية ، وطارئة ، وخارجة عن ذاته .

وحي القرآن  Blank والوحي الإلهي هو الفصل الذي يكشف به الله للإنسان عن الحقائق التي تجاوز نطاق عقله .
وحي القرآن  Blank
وإذا كان الوحي فعلا متميزا ، فهو صادر عن فاعل مريد ، وهذا الفاعل المريد
هو الله تعالى ، وليس الإلهام والكشف كذلك ، وهذا ما يميز الوحي عن
المكاشفة ، والوحي النفسي ، والإلهام ، إذ أن مردّ الإلهام يعود عادة إلى
الميدان التجريبي لعلم النفس ، ونزعة الوحي النفسي في انقداحها تعتمد على
التفكر في الاستنباط ، والمكاشفة تتأرجح بين الشك واليقين .

وحي القرآن  Blank
أما الوحي فحالة فريدة مخالفة لا تخضع إلى التجربة أو التفكير ، ومتيقنة
لا مجال معها للشك . مضافا إلى أن حالات الكشف والإلهام والإيحاء النفسي
حالات لا شعورية ولا إرادية ، والوحي ظاهرة شعورية تتسم بالوعي والإدراك
التأمين .

وحي القرآن  Blank والوحي بالمعنى المشار إليه يختص بالأنبياء ، وليس الإلهام أو الكشف كذلك ، فهما عامان وشائعان بين الناس .
وحي القرآن  Blank
ولقد فرّق المستشرق الألماني الدكتور تيودور نولدكه ( 1836 ـ 1930م ) بين
الوحي والإلهام تفريقا فيه مزيج بين الواقع والصوفية ، فاعتبر الوحي خاصا
بالأنبياء ، والإلهام خاصا بالأولياء إذ لا يوحى إليهم .

وحي القرآن  Blank
ويتجلى الفرق بين الإلهام والوحي بتعبير آخر ، وبتصور متغاير ، أن مصدر
الإلهام باطني ، وأن مصدر الوحي خارجي بل الإلهام من الكشف المعنوي ،
والوحي من الواقع الشهودي ، لأن الوحي إنما يتحصل بشهود الملك وسماع كلامه ،
أما الإلهام فيشرق على الإنسان من غير واسطة

ملك ، فالإلهام أعم من الوحي ، لأن الوحي مشروط بالتبليغ ، ولا يشترط ذلك في الإلهام .
وحي القرآن  Blank
والإلهام ليس سببا يحصل به العلم لعامة الخلق ، ويصلح للبرهان والإلزام ،
وإنما هو كشف باطني ، أو حدس ، يحصل به العلم للإنسان في حق نفسه لا على
وجه اليقين والقطع ، كما هي الحالة في الوحي ، بل على أساس الاحتمال
الإقناعي .

وحي القرآن  Blank ولهذا فلا اعتبار بما حاوله الأستاذ محمد عبده : بجعل الإلهام وجدانا تستيقنه النفس ، وحسبان ذلك طريقا لإمكان الوحي .
وحي القرآن  Blank
إن طريق الوحي هو التلقي ، وطريق هذا التلقي هو الملك وفي ضوئه نجد عبد
القاهر الجرجاني ( في 471 هـ ) حديا بتمثل الوحي متفردا بما ألقاه جبرئيل
عليه السلام على النبي صلى الله عليه واله وسلم ، وأن القول بأنه : « قد
كان على سبيل الإلهام ، وكالشيء يلقى في نفس الإنسان ، ويهدى له من طريق
الخاطر والهاجس الذي يهجس في القلب ، فذلك مما يستعاذ بالله منه ، فإنه
تطرق للإلحاد » .

وحي القرآن  Blank
ولقد تطرق بعض الباحثين الكهنوتيين فادعى بأن الوحي : « هو حلول روح الله
في روح الكتّاب الملهمين لاطلاعهم على الحقائق الروحية والأخبار الغيبية ،
من غير أن يفقد هؤلاء الكتاب بالوحي شيئا من شخصياتهم ، فلكل منهم نمطه في
التأليف ، وأسلوبه في التعبير » .

وحي القرآن  Blank
وهذا التعبير عن الوحي بهذا الفهم ، يختلف جذريا عن المفهوم القرآني للوحي
، ويضفي مناخا باطنيا في الحلول والاتحاد ، يدفعه الإسلام ، وهو سبيل
مختصر إلى تقمص الصفاء الروحي وادعائه من قبل من لم يحصل عليه ، وفيه
استهواء للدجل الاجتماعي عند الكهنة والكذبة ، وبعد هذا : فهو مغاير لمفهوم
الوحي وطريقته اللذين خاطب الله بهما رسله ، وعلمهم من خلالهما ، مع
استقلال في شخصية الوحي ، بعيدة عن مراتب الفراسة والتجانس الروحي ،
واستقلال في المتلقي بعيد عن الاستنتاج الذاتي ، أو التعبير المطلق بكل
صوره .

وحي القرآن  Blank إن عملية الوحي الإلهي إنما تخضع لتصور حوار علوي بين ذاتين : « ذات متكلمة آمرة معطية ، وذات مخاطبة مأمورة متلقية » .
وحي القرآن  Blank
ولم تتشاكل في مظهر من مظاهر الوحي وظاهرته ، الذات المتكلمة ، والذات
المخاطبة في قالب واحد ، ولم يتحدا في صورة واحدة على الإطلاق ، فهما
متغايران .

وحي القرآن  Blank
إن ظاهرة الوحي الإلهي ظاهرة مرئية ومسموعة ، ولكنها خاصة بالنبي صلى الله
عليه واله وسلم وحده ، فما اتفق ولو مرة واحدة ، أن سمع أصحابه صوت الوحي ،
ولا حدث أن رأوا هذا الكائن الموحي ، ومع هذا فقد أدركوا صحة ما نزل عليه ،
وصدق ما أوحي إليه ، بدلائل الإعجاز ، وقرائن الأهوال ، واعتبارات
الاختصاص ، فالنفس الإنسانية ، وإن كانت واحدة في الأصل والجوهر ، ولكنها
تختلف شفافية كما تختلف تخويلا من قبل الله تعالى ، فالنبي صلى الله عليه
واله وسلم يرى ويسمع ويعي ما حوله من الظاهرة بيقين مرئي مشاهد ، ومن حوله
لا يرون ولا يسمعون ولكنهم يصدقون ويؤمنون .

وحي القرآن  Blank
وربما قيل أن ما يتلقاه النبي صلى الله عليه واله وسلم من الروح الأمين
وهو رسول الوحي : « هو نفسه الشريفة من غير مشاركة الحواس الظاهرة ، التي
هي الأدوات المستعملة في إدراك الأمور الجزئية ، فكان صلى الله عليه واله
وسلم يرى ويسمع حينما يوحى إليه من غير أن يستعمل حاستي البصر والسمع ...
فكان صلى الله عليه واله وسلم يرى الشخص ، ويسمع الصوت مثل ما نرى الشخص
ونسمع الصوت غير أنه ما كان يستخدم حاستي بصره وسمعه الماديتين كما
نستخدمهما ، ولو كانت رؤيته وسمعه بالبصر والسمع الماديين لكان ما يجده
مشتركا بينه وبين غيره ، فكان سائر الناس يرون ما يراه ، ويسمعون ما يسمع ،
والنقل القطعي يكذب ذلك ، فكثيرا ما كانت تأخذه برحاء الوحي ، وهو بين
الناس ، فيوحى إليه ، ومن حوله لا يشعرون بشيء ، ولا يشاهدون شخصا يكلمه » .

وحي القرآن  Blank
وقد يفسر هذا بأنه ظاهرة ذاتية ، ولكن عمى الألوان ـ مثلا ـ يقدم لنا حالة
نموذجية ، لا يمكن في ضوئها أن ترى بعض الألوان بالنسبة لكل العيون .

وحي القرآن  Blank
« هناك مجموعة من الإشعاعات الضوئية دون الضوء الأحمر ، وفوق الضوء
البنفسجي لا تراها أعيننا ، ولا شيء يثبت علميا أنها كذلك بالنسبة لجميع
العيون ، فلقد توجد عيون يمكن أن تكون أقل أو أكثر حساسية أمام تلك الأشعة ،
كما يحدث في حالة الخلية الضوئية الكهربية » .

وحي القرآن  Blank وهذا مطرد بالنسبة للبصر المادي المتفاوت ، أما على التفسير الأول ، فينتفي الأشكال جملة وتفصيلا ، فهو من باب الأولى .
وحي القرآن  Blank
ولقد توصل النبي صلى الله عليه واله وسلم إلى اليقين القطعي بصدق الرؤية
والسمع عند حدوث ظاهرة الوحي طيلة ثلاثة وعشرين عاما ، وكان لذلك إمارات
خارجية تبدو على وجهه وعينه وجبينه ، من شجوب أو احتقان أو تصبب عرق ، وقد
يرافق ذلك دوي بجسمه أو أصداء أو أصوات كما تقول الروايات .

وحي القرآن  Blank
ولكن هذه المظاهر لم تمتلك عليه وعيه الكامل ، وإحساسه اليقظ ، لأنها
إمارات خارجية لا تغير من حقيقة شعوره على الإطلاق ، فقسمات الوجه ، وتعرق
الجبين ، وشحوب المحيا لا تدل في حالة اعتيادية على تغير في الوعي ، أو
انعدام للذاكرة ، أو فقدان للشعور ، وما هي إلا طوارىء عارضة لا تمس الجوهر
بشيء .


ولقد تعجل بعض النقاد من المستشرقين ،
حين ألموا بهذه الدلائل النفسية ، والإمارات الشكلية الخارجية التي لا
تنتاب الوعي إطلاقا ، ولا تؤثر على الإدراك في حال ، فاعتبروها ـ مخطئين ـ
أعراضا للتشنج تارة ، وللإغماظ تارة أخرى . « وهذا الرأي يشمل خطأ مزدوجا
حين يتخذ من هذه الأغراض الخارجية مقياسا يحكم به على الظاهرة القرآنية
بمجموعها ، ولكن من الضروري أن نأخذ في اعتبارنا قبل كل شيء الواقع النفسي
المصاحب ، الذي لا يمكن أن يفسر أي تعليل مرضي ... فإذا نظرنا الى حالة
النبي صلى الله عليه واله وسلم وجدنا أن الوجه وحده هو الذي يحتقن ؛ بينما
يتمتع الرجل بحالة عادية ، وبحرية عقلية ملحوظة من الوجهة النفسية ، بحيث
يستخدم ذاكرته استخداما كاملا خلال الأزمة نفسها ، على حين يمحى وعي
المتشنج وذاكرته خلال الأزمة ، فالحالة ـ إذن ـ ليست حالة تشنج .

وحي القرآن  Blank هذا التلازم الملحوظ بين ظاهرة نفسية في أساسها ، وحالة معينة ، هو الطابع الخارجي المميّز للوحي » .
وحي القرآن  Blank
وهكذا كان لظاهرة الوحي عند بعض المستشرقين تفسيرات خاطئة أملاها حقد ودجل
وافتراء ، فقد كان الوحي على حد زعمهم أثرا لنوبات الصرع التي تعتري
الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم فكان يغيب عن صوابه ، ويسيل منه
العرق ، وتعتريه التشنجات ، وتخرج من فيه الرغوة ، فإذا أفاق من نوبته ذكر
أنه أوحي إليه ، وتلا على المؤمنين به ما يزعم أنه وحي من ربه .

وحي القرآن  Blank
ومع ما في هذا الزعم من الكذب المضحك ، والغض المتعمد من منزلة النبي صلى
الله عليه واله وسلم الرسالية ، فالطريف أن ينبري له المستشرقون أنفسهم ،
لا سيما هنري لامنس ، وفون هامر ، وأمثالهما ، للرد عليه ، إلا أن في طليعة
هؤلاء جميعا السير وليم موير ( 1819 م | 1905 م ) .

وحي القرآن  Blank
لقد فند هذا الباحث المحايد في كتابه ( حياة محمد ) مزاعم الجهلة الحاقدين
، وعقب على ظاهرة الوحي وأعراضها الخارجية بقوله : « وتصوير ما كان يبدو
عل محمد في ساعات الوحي على هذا النحو الخاطىء من الناحية العلمية أفحش
الخطأ . فنوبة الصرع لا تذر عند من تصيبه أي ذكر لما مر به أثناءها ، بل هو
ينسى هذه الفترة من حياته بعد إفاقته من نوبته نسيانا تاما ، ولا يذكر
شيئا مما صنع أو حل به خلالها ، لأن حركة الشعور والتفكير تتعطل فيه تمام
العطل . هذه أعراض الصرع كما يثبتها العلم ، ولم يكن ذلك ما يصيب النبي صلى
الله عليه واله وسلم العربي أثناء الوحي ، بل كانت تتنبه حواسه المدركة في
تلك الأثناء تنبها لا عهد للناس به ، يذكر بدقة ـ غاية الدقة ـ ما يتلقاه ،
وما يتلوه بعد ذلك على أصحابه ، ثم نزول الوحي لم يكن يقترن حتما
بالغيبوبة الحسية مع تنبه الإدراك الروحي غاية التنبه ، بل كثيرا ما يحدث
والنبي صلى الله عليه واله وسلم في تمام يقظته العادية » .

وحي القرآن  Blank
وفي ضوء ما تقدم يمكن أن نرصد في ظاهرة الوحي عملية إرسال واستقبال بوقت
واحد ، إرسال بوساطة الملك المؤتمن ، واستقبال من قبل النبي صلى الله عليه
واله وسلم المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ، يتم ذلك في حالة إدراك
متماسكة ، يسيطر فيها الوعي والشعور والإحساس ، كما لو كان أمرا عاديا في
يقظة حقيقية ، قبل الوحي ، وأثناء الوحي ، وبعد الوحي ، مهما صاحب عملية
الوحي من شدة ووطأة ومفاجئة . فالوحي حقيقة خارجية مستقلة عن كيان النبي
صلى الله عليه واله وسلم النفسي ، ولكنها لا تغير ذلك الواقع النفسي ، بل
تزيده جلاء وفطنة وذاكرة ، ويمثل فيها النبي صلى الله عليه واله وسلم دور
المتلقي الواعي من جهة ، ودور المبلغ الأمين من جهة أخرى ، لا يقدم ولا
يؤخر ، ولا يغير ولا يقترح ، ولا يفتر ولا يتكاسل .

وحي القرآن  Blank ولقد كان ذلك بحق :
وحي القرآن  Blank
« استقبالا من النبي صلى الله عليه واله وسلم لحقيقة ذاتية مستقلة ، خارجة
عن كيانه وشعوره الداخلي ، وبعيدة عن كسبه أو سلوكه الفكري أو العملي » .

وحي القرآن  Blank
وليس من الضروري أن تتوافق هذه الظاهرة مع رغبات النبي صلى الله عليه واله
وسلم الآنية ، أو تطلعاته النفسية الملحة ، فقد ينقطع عنه الوحي ، وقد
يتقاطر عليه ، ولكنه لا يعدو الوقت المناسب في تقدير الله عز وجل ، وما
تحويل القبلة إلى الكعبة ، وإبطاء الوحي في حادثة الإفك ، وفترة الوحي حينا
، والتلبث في قصة أهل الكهف ، إلا شواهد تطبيقية على ما نقول ، وأدلة
مثبتة : أن الوحي خاج عن إرادته ، ومستقل عن ذاته .

وحي القرآن  Blank
ولا شك أن النبي صلى الله عليه واله وسلم آمن منذ اللحظة الأولى ـ بقناعة
شخصية متوازنة ـ بأن ما يوحى إليه ليس من جنس الأحلام وأضغاثها ، ولا من
سنخ الرياضيات ومسالكها ، ولا من باب الأحاسيس القائمة على أساس من الذكاء
والفطنة ، ولا من قبيل التخيلات المستنبطة من الحدس والفراسة ، وإنما كان
بإيمان نفسي محض بأنه نبي يوحى إليه من قبل الله تعالى ، وما الروايات
والإسرائيليات القائلة بشكه في الظاهرة إلا ضرب من الأخيلة التي لا يدعمها
دليل .

وحي القرآن  Blank
« والحق أن وحي النبوة والرسالة يلازم اليقين من النبي صلى الله عليه واله
وسلم والرسول بكونه من الله تعالى على ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم
السلام » .

وحي القرآن  Blank
ويوحي الله عز وجل لملك الوحي ، ما يوحيه الملك إلى النبي صلى الله عليه
واله وسلم عن الله ، ويتسلم النبي صلى الله عليه واله وسلم الوحي ، فالوحي
واحد هنا مع تقاسم المسؤولية ، وهو عام بالنسبة لكل الأنبياء ، وخاص
بالنسبة لوحي القرآن ايضا ، فالملك يؤدي عن الله لمحمد ، ومحمد يتلقى ذلك
الوحي من الملك ، ويؤدي ما يوحي به إليه إلى الناس ، وكان ذلك طريق الوحي
القرآني فحسب ، وقد صرح به القرآن الكريم بقوله تعالى :

وحي القرآن  Blank ( وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * ) .
وحي القرآن  Blank
والروح الأمين هو جبرائيل عليه السلام بإجماع الأمة والروايات ؛ قال طبرسي
( ت : 548 هـ ) : « يعني جبرائيل عليه السلام ، وهو أمين الله لا يغيره ،
ولا يبدله ... لأن الله تعالى يُسمِعه جبرائيل عليه السلام فيحفظه ، وينزل
به على الرسول ويقرأه عليه ، فيعيه ويحفظه بقلبه ، فكأنه نزل به على قلبه »
.

وحي القرآن  Blank
وهذا صريح بكيفية تلقي النبي صلى الله عليه واله وسلم للقرآن من جبرائيل
عليه السلام ، على قلبه تثبيتا وحفظا ورعاية ، والقلب أشرف الأعضاء للتدبر
والتفكر إن أريد به هذا الجهاز العضلي ، وإلا فهو الإدراكات النفسية الخاصة
لدى النبي صلى الله عليه واله وسلم المستعدة للتلقي والصيانة والاستيعاب
دون ريب .

وحي القرآن  Blank
وكان ما نزل به جبرائيل عليه السلام بإيحاء من الله تعالى هو النص الصريح
من الوحي القرآني دون زيادة أو نقصان ، بألفاظه المدونة في المصحف من ألفه
إلى يائه .

وحي القرآن  Blank
ولما كان الأمر كذلك ، فقد تحدث هذا النص المحفوظ بين الدفتين عن ظاهرة
الوحي بوحي القرآن وسواه ، وطرقها ، وكيفيتها ، وأقسامها . ومن الضروري حقا
استعراض مختلف أنشطة الموضوع من القرآن نفسه ، مع الاستعانة باللغة حينا ،
وبالتبادر العربي العام حينا آخر ، لأن القرآن عربي ، والتبادر علامة
الحقيقة .

وحي القرآن  Blank صرّحت الآية التالية :
وحي القرآن  Blank ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من ورآئ حجاب أو يرسل رسولا فيوحِيَ بإذنه ما يشاء إنه عليّ حكيم ) .
وحي القرآن  Blank بطرق الوحي الإلهي ، وحددت كيفية هذا الوحي ، ومراتب إيصاله على النحو التالي :
وحي القرآن  Blank
1 ـ الوحي ، وأصل الوحي هو : الإشارة السريعة على سبيل الرمز والتعريض ،
وما جرى مجرى الإيماء والتنبيه على الشيء من غير أن يفصح به (

وحي القرآن  Blank وقد يكون أصل الوحي في اللغة كلها الإعلام في خفاء .
[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وحي القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ما فائدة القرآن؟
» من هُدى القرآن
» تجويد القرآن
»  المرأة في القرآن الكريم
»  لماذا أحرق القرآن؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نور الأمداد :: الأقسام الأسلاميه :: القرآن الكريم-
انتقل الى: