نور الأمداد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لنشر علوم خير االأسياد محمد وآلِ بيته الأمجاد عليهم صلوات ربِّ العباد
 
الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ان الرؤيا ليست مصدراً للتشريع الا للمعصوم خاصة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طالب علم
 
 
طالب علم


ان الرؤيا ليست مصدراً للتشريع الا للمعصوم خاصة 133579507441
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2695
تاريخ الميلاد : 22/07/1989
تاريخ التسجيل : 29/01/2011
العمر : 34
الموقع : العراق
حكمتي المفضلة : مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وأَقَلَّ الْإِِعْتِبَارَ!
MMS نور الامداد

ان الرؤيا ليست مصدراً للتشريع الا للمعصوم خاصة Empty
مُساهمةموضوع: ان الرؤيا ليست مصدراً للتشريع الا للمعصوم خاصة   ان الرؤيا ليست مصدراً للتشريع الا للمعصوم خاصة Emptyالثلاثاء أبريل 17, 2012 3:59 am

ن الرؤيا ليست مصدراً للتشريع إلا للمعصوم خاصة.

قال تعالى:( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ).(1)

وروى السيد البحراني في تفسيره عن الصدوق بسنده عن الحسن بن علي بن فضال ، قال:((سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنا ابن الذبيحين؟ قال: يعني إسماعيل بن إبراهيمعليهما السلام وعبد الله بن عبد المطلب، أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشّر الله تعالى به إبراهيم عليه السلامفلما بلغ معه السعي ((قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال: يا أبتِ افعل ما تؤمر)) ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت الحديث))(2).

وبهذا المضمون عدة روايات:_

روى المجلسي عن أمالي الشيخ الطوسي بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ((رؤيا الأنبياء وحي))(3).

وروى الكليني بسنده عن ابن أذينة عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام قال: قال: ((ما تروي هذه الناصبة؟)) فقلت: ((جعلت فداك فيما ذا؟)) فقال: ((في أذانهم وركوعهم وسجودهم)) فقلت: ((إنهم يقولون: إن أبي بن كعب رآه في النوم)) فقال: ((كذبوا فإن دين الله عزوجل أعز من أن يرى في النوم)) قال: فقال له سدير الصيرفي: ((جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكراً)) فقال أبو عبد الله عليه السلام: ((إن الله عزوجل لما عرج بنبيهصلى الله عليه وآله وسلم إلى سماواته السبع الحديث(4) ثم ذكر عليه السلامتفصيل ذلك)).

وقال العلامة المجلسيقدس سره((قد ورد بأسانيد صحيحة عن الصادق عليه السلامفي حديث الآذان أن دين الله تبارك وتعالى أعز من أن يرى في النوم)) وقال: ((المراد أنه لا يثبت أصل شرعية الأحكام بالنوم بل انما هي بالوحي الجلي))(5).

وقد اتضح أن المقصود من أن الرؤيا ليست مصدراً للشريعة إلا للمعصوم خاصة،و أن الرؤيا المشتملة على الأمر والنهي هي أحد أقسام الوحي الإلهي.

أما الرؤيا الصادقة المشتملة على حكاية وقائع مستقبلية أي التي يكون مضمونها الأخبار_ بخلاف الرؤيا الأولى التي يكون مضمونها الإنشاء التشريعي الإلهي_فهذه أيضاً تحصل للأنبياء والرسل وهي تكون صادقة دائماً لديهم.

إذا تنبهت إلى ما سبق يتضح لك أن غير المعصوم من سائر الناس ليس له أي حظ من الرؤيا من النحو الأول وهي ما يكون فيها إنشاء أي أوامر ونواهي إلهية ونحوها من الأحكام الشرعية وإن توهم ذلك متوهم فليستيقن بأن ذلك من الشياطين، وقد أشار القرآن الكريم إلى عدة من أفعال الشياطين.

(فمنها) الهمز كما في قوله تعالى: (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ)(6).

(ومنها) النزول على الأفاك (أي الكذاب المفتري) الاثم، كما في قوله تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)(7).

(ومنها) الإستهواء كما في قوله تعالى: (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ)(8).

(ومنها) النزغ كما في قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)(9).

(ومنها) المس كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ)(10).

(ومنها) الإز كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)(11).

(ومنها) الإلقاء كما في قوله تعالى: (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ)(12).

(ومنها) الإيحاء كما في قوله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)(13). وغير ذلك من الآيات.

وعن الباقر عليه السلام قال: ((لما ترون من بعثه الله عزوجل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأرواحهم أكثر مما ترون مع خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب للملائكة قيل: يا أبا جعفر وكيف يكون شيئ أكثر من الملائكة؟ قال: كما يشاء الله عزوجل. قال السائل: يا أبا جعفر إني لو حدّثت بعض أصحابنا الشيعة بهذا الحديث لأنكروه، قال: كيف ينكرونه؟ قال: يقولون إن الملائكة أكثر من الشياطين. قال: صدقت افهم عني ما أقول لك إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلالة وتزور أئمة الهدى عددهم من الملائكة حتى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الأمر قيض الله عزوجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوا بالإفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول رأيت كذا وكذا فلو سئل ولي الأمر عن ذلك لقال رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيراً ويعلمه الضلالة التي هو عليها))(14).

والهمز كالعصر والنزغ الجذب للشيئ من مقره والمس كاللمس والأز كالهز وهذه الأفعال توردها الشياطين في القلوب بتوسط الخواطر والواردات والميول والتجاذب النفسي.

وعن كتاب مجالس الصدوق بسنده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: ((أن لإبليس شيطاناً يقال له ((هزع))يملأ المشرق والمغرب في كل ليلة يأتي الناس في المنام، ولهذا يرى الأضغاث))(15).

نعم الرؤيا من القسم الثاني وهي المتضمنة للأخبار والحكاية عن الوقائع المستقبلية فلغير المعصوم حظ يسير منها بحسب تقواه وصدق حديثه ولسانه وصفاء قلبه، فعن الصدوق(علي بن بابويه) بسند عن الكاظم عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرؤيا ثلاثة: ((بشرى من الله وتحزين من الشيطان والذي يحث به الإنسان نفسه فيراه في منامه)) وقال صلى الله عليه واله وسلم: ((الرؤيا من الله والحلم من الشيطان))(16).

ولاتخفى دلالة الرواية على أن الرؤيا الصادقة التي هي نصيب غير المعصوم هي ما تكون بشرى أي حاكية ومخبرة أي من القسم الثاني لا الأول وهي المتضمنة للإنشاء والتشريع.

ومثل ذلك مفاد الرواية عن الباقر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ((أتى رجل من أهل البادية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني عن قول الله (الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما قوله (لهم البشرى في الحياة الدنيا) فهي الرؤيا الحسنة ترى للمؤمنين فيبشر بها في دنياه، وأما قوله (وفي الآخرة فإنها بشارة المؤمن عند الموت إن الله غفر لك ولمن يحملك إلى قبرك)(17).

وروى الكليني بسنده عن أبي الحسن عليه السلامقال: ((إن الأحكام لم تكن في ما مضى في أول الخلق وإنما حدثت فقلت: وما العلة في ذلك؟ فقال: إن الله عزّ ذكره بعث رسولاً إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته فقالوا: ((إن فعلنا ذلك فما لنا؟ فوالله ما أنت بأكثرنا مالاً ولا بأعزنا عشيرة فقال: إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة وإن عصيتموني أدخلكم الله النار. فقالوا: وما الجنة وما النار؟ فوصف لهم ذلك فقالوا: متى نصير إلى ذلك؟ فقال إذا متم. فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاماً ورفاتاً، فازدادوا له تكذيباً وبه استخفافاً فأحدث الله عزوجل فيهم الأحلام فأتوا فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك. فقال: إن الله عز ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا، هكذا تكون أرواحكم إذا متم وإن بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان))(18).

وإذا عرفت أن الرؤيا التي هي من نحو الأخبار على ثلاثة أقسام صادقة وكاذبة وتخيلات يتضح لك عدم دوام الصدق فيها ففي كتاب التوحيد للمفضل بن عمر الجعفي قال له الإمام الصادق عليه السلام: ((فكر يا مفضل في الأحلام كيف دبر الأمر فيها، فمزج صادقها بكاذبها فإنها لو كانت كلها تصدق لكان الناس كلهم أنبياء، ولو كانت كلها تكذب لم يكن فيها منفعة، بل كانت فضلاً لا معنى له، فصارت تصدق أحياناً فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدي لها، أو مضرة يتحذر منها، وتكذب كثيراً لئلا يعتمد عليها كل الإعتماد))(19).

وعن كتاب ثواب الأعمال للصدوق قدس سره بسنده عن هشام بن أحمد وعبد الله ابن مسكان ومحمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلامقالوا: ((ثلاثة يعذبون يوم القيامة من صور صورة حيوان حتى ينفخ فيها وليس بنافخ فيها، والذي يكذب في منامه يعذب حتى يعقد بين شعيرتين وليس بعاقدهما، والمستمع من قوم وهم له كارهون يصب في أذنيه الإنك وهو الأسرب(الرصاص) ))(20).

وبعد هذا كله لعل قائل يقول: أليس قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة احد من أوصيائي ولا في صورة أحد من شيعتهم)) وحينئذ كانت رؤيا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد من أوصيائه صادقة لا محالة وهي لا يفرق فيها بين أن تكون من القسم الأول وهي ما كان فيها أمر ونهي، أو من القسم الثاني وهي الأخبار عن ما يستقبل من الأمور.

وهذه المقالة وَهْمٌ فاسد لجهات عدة:

(الأولى): أن أكثر ما روي عن الرسولصلى الله عليه وأله وسلم من رآني في منامه فقد رأني فهو بطرق العامة لا بطرق الخاصة الإمامية، وأما ما روي بطريق الخاصة فالمرحوم العلامة المجلسي على سعة باعه وتوغله في الرواية لم يذكر في كتاب البحار، في باب رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأوصياء عليهم السلام إلا رواية واحدة بهذا المضمون، ثم ذكر أنه روى المخالفون(أهل السنة) ذلك بأسانيد عندهم، ولذا قال السيد المرتضى رضي الله عنه عندما سئل عن هذا الخبر: ((وهذا خبر واحد ضعيف من أضعف أخبار الآحاد ولا معول على مثل ذلك))(21).

وهي ليست على درجة من الإعتبار وبعبارة أخرى أن حجية الرواية يشترط فيها أمور منها ما يتعلق بالسند والطريق وهو الأشخاص الذين ينقل كل منهم عن الآخر حتى يصل إلى المعصوم عليه السلامفإنهم لا بد أن يكونوا عدولاً أو ثقاتاً قد أطمئن إلى صدق لهجتهم فلا يقبل من غير العادل والثقة، قال تعالى: (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(22) وكذلك مجهول الحال فإنه لا يمكن الإعتماد عليه في النقل والحديث.

(الثانية): لو فرضنا اعتبار طريق الرواية، وفرضنا إمكان إثبات مثل هذه المسألة بخبر واحد ظني إذ لا بد فيها من اليقين والقطع، ولذلك قال العلامة المجلسي تغمده الله برحمته: ((أن الظاهر إن هذا من مسائل الأصول ولا بد فيه ن العلم ولا يثبت بأخبار الآحاد المفيدة للظن))(23).

(الثالثة): لو فرضنا اعتبار طريق الرواية وفرضنا إمكان إثبات مثل هذه المسألة بخبر واحد ظني، فإن ذلك يتم لو كنّا نحن والرواية على تقدير صحة هذه الإستفادة من معنى الرواية، وأما مع ما تقدم من الآيات القرآنية والسنة المستفيضة المتواترة معنى في أن الرؤيا المتضمنة للأمر والنهي من خصائص الأنبياء والمرسلين، فلا يمكن الإعتماد على هذه الإستفادة من الرواية ولا برفع اليد عن الدليل القطعي بخبر واحد، ولا يوسوس في ذلك إلا من ليس يتحرج في دينه ومن لا يركن إلى أوليات عقله وفطرته.

(الرابعة): توجد روايتان معتبرتان بل أكثر تدل بالخصوص على عدم صحة أن من رآهم في المنام مطلقاً ودوماً فقد رآهم عليهم السلام، فقد روى الشيخ الجليل الكشي رحمه الله في كتابه معرفة الرجال عن جبريل بن أحمد أنه حدثه محمد بن عيسى(العبيدي اليقطيني) عن علي بن الحكم عن حماد بن عثمان عن زرارة قال: قال أبو عبد الله (الصادق) عليه السلام ((أخبرني عن حمزة(24) أيزعم أن أبي آتيه؟ قلت: نعم. قال: كذب والله ما يأتيه إلا المتكون، إن إبليس سلط شيطاناً يقال له المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء، إن شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة ولا يستطيع أن يجيء في صورة أبي عليه السلام))(25).

وروي عن سعد بن عبد الله الأشعري قال: ((حدثني أحمد (بن عيسى الأشعري) عن أبيه والحسين بن سعيد(الأهوازي) عن أبي عمير عن محمد بن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي وبطرق آخر عن سعد بن عبد الله)) قال: ((حدثني محمد بن عيسى(العبيدي) عن يونس بن عبد الرحمن ومحمد بن أبي عمير عن محمد بن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي)) قال: ((كان حمزة بن عمارة الزبيدي (البربري) رحمه الله يقول لأصحابه أن أبا جعفر(الباقر) عليه السلاميأتيني في كل ليلة ولا يزال إنسان يزعم أنه قد رآه فقدر لي أني لقيت أبا جعفر عليه السلامفحدثته بما يقول حمزة))، فقال: ((كذب عليه لعنة الله ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ولا وصيي نبي))(26).

وهاتان الوايتان وإن كان يحتمل منهما الرؤية في اليقظة ولكن ذلك لا يخدش في المطلوب وهو عدم دوام المطابقة بين ما يعتقده الرائي سواء في المنام أو اليقظة أنه قد رأى الأئمة مع الواقع والحقيقة وذلك لتلبيس وخداع الشيطان للرائي وتشكل الشيطان(الذي يسمى المتكون) بصور مختلفة يغري الرائي أن تلك الصور هم الأئمة عليهم السلام مع أن تلك الصور ليست بصورهم عليهم السلام لأنه لا يستطيع التمثل والتشكل بصورهم عليهم السلام وستأتي في الفصل اللاحق نقل عدة روايات بهذا المضمون.

(الخامسة): لو رفعنا اليد فرضاً عن ما سبق، فإنما يتبع ما يرى في الشيء الذي علم من الشريعة المقدسة صحته أي كان المرئي موافقاً لظاهر الشريعة لا ما كان مخالفاً لها وذلك لكون منشأَ ودليل حجية الرؤية هي هذه الرواية التي هي واصل لنا من الشريعة، فكيف تعارض الشريعة وهل يمكن للفرع أن يستأصل ويبيد الأصل.

قال الكراجكي رحمه الله في كتابه كنز الفوائد: ((وجدت لشيخنا المفيدرضي الله عنه في بعض كتبه)).

((أن الكلام في باب رؤيا المنامات عزيز وتهاون أهل النظر به شديد والبلية بذلك عظيمة وصدق القول فيه أصل جليل))_إلى أن قال_((وأما رؤية الإنسان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو لأحد الأئمة عليهم السلام في المنام فإن ذلك عندي على ثلاثة أقسام:

قسم أقطع على صحته وقسم أقطع على بطلانه وقسم أجوز فيه الصحة والبطلان فلا أقطع فيه على حال.

فأما الذي أقطع على صحته فهو كل منام رأى فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأئمة عليهم السلام وهو الفاعل لطاعة أو آمر بها، وناه عن معصية أو مبين لقبحها وقائل لحق أو داع إليه، وزاجرعن الباطل أو ذام لمن هو عليه.

وأما الذي أقطع على بطلانه فهو كل ما كان ضد ذلك، لعلمنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإمام عليه السلام صاحبا حق، وصاحب الحق بعيد عن الباطل.

وأما الذي أجوز فيه الصحة والبطلان فهو المنام الذي يرى فيه النبي والإمام عليهما السلام وليس هو آمراً ولا ناهياً ولا على حال يختص بالديانات(27) مثل أن يراه راكباً أو ماشياً أو جالساً ونحو ذلك.

وأما الخبر الذي يروى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم من قوله: ((من رآني فقد رأني، فإن الشيطان لا يتشبه بي)) فإنه إذا كان المراد به المنام يحمل على التخصيص دون أن يكون في كل حال ويكون المراد به القسم الأول من الثلاثة الأقسام لأن الشيطان لا يتشبه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في شيء من الحق والطاعات.

(إلى أن قال) وجميع هذه الروايات أخبار آحاد، فإن سلمت فعلى هذا المنهاج وقد كان شيخي_رحمه الله_ يقول:

إذا جاز من بشر أن يدعي في اليقظة أنه كفرعون ومن جرى مجراه مع قلة حيلة البشر وزوال اللبس في اليقظة فما المانع من أن يدعي إبليس عند النائم بوسوسة له أنه نبي؟ مع تمكن إبليس مما لا يتمكن منه البشر وكثرة اللبس المتعرض في المنام.

ومما يوضح لك أن من المنامات التي يتخيل للإنسان أنه قد رأى فيها رسول الله والأئمة منها ما هو حق ومنها ما هو باطل إنك ترى الشيعي يقول:رأيت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلاموهو يأمرني بالإقتداء به دون غيره، ويعلمني أنه خليفته من بعده وأن أبا بكر وعمر وعثمان ظالموه وأعداؤه وينهاني عن موالاتهم ويأمرني بالبراءة منهم ونحو ذلك مما يختص بمذهب الشيعة، ثم يرى الناصبي يقول: رأيت رسول الله في النوم ومعه أبو بكروعمر وعثمان وهو يأمرني بمحبتهم وينهاني عن بغضهم ويعلمني أنهم أصحابه في الدنيا والآخرة، وأنهم معه في الجنة ونحو ذلك مما يختص بمذهب الناصبية فنعلم لا محالة أن أحد المنامين حق والآخر باطل، فأولى الأشياء أن يكون الحق منهما ما ثبت الدليل في اليقظة على صحة ما تضمنه، والباطل ما أوضحت الحجة عن فساده وبطلانه وليس يمكن الشيعي أن يقول للناصبي إنك كذبت في قولك: إنك رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه يقدر أن يقول له مثل هذا بعينه.

وقد شاهدنا ناصبياً يتشيع وأخبرنا في حال تشيعه بأنه يرى منامات بالضد مما كان يراه حال نصبه بذلك أن أحد المنامين باطل وإنه من نتيجة حديث النفس أو من وسوسة إبليس ونحو ذلك، وأن المنام الصحيح هو لطف من الله تعالى بعبده، على المعنى المتقدم وصفه.

وقولنا في المنام الصحيح أن الإنسان رأى في نومه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما معناه أنه كأن قد رآه وليس المراد به التحقق في إتصال شعاع بصره بجسد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأي بصر يدرك به في حال نومه؟ وإنما هي معاني تصورت وفي نفسه تخيل له فيها أمر لطف الله تعالى له به قام مقام العلم، وليس هذا بمناف للخبر الذي روي من قوله((من رآني فقد رآني)) لأن معناه: فكأنما رآني وليس يغلط في هذا المكان إلا من ليس له من عقله إعتبار))(28).

ولهذا بحث الكثير في علم ما اصطلح عليه((بالعرفان)) عن الفارق بين الإلهام الرحماني والإلهام الشيطاني، وبين الكشف الحقيقي والكشف الكاذب غير الحقيقي، وبين الواردات الرحمانية والملكية والواردات القلبية الشيطانية والجنية.

فقد الشارح القيصري في شرحه على(فصول الحكم) لابن العربي في الفصل السادس والسابع من الفصول التي ذكرها في المقدمة.

قال((وكما أن النوم ينقسم بأضغاث أحلام وغيرها كذلك ما يرى في اليقظة ينقسم إلى أمور حقيقية محضة واقعة في نفس الأمر وإلى أمر خيالية صرفة لا حقيقة لها شيطانية، وقد يخلطها الشيطان بيسير من الأمور الحقيقية ليضل الرائي، لذلك يحتاج السالك إلى مرشد يرشده وينجيه من المهالك، والأول إما أن يتعلق بالحوادث أولا.

فإن كان متعلقاً بها فعند وقوعها كما شاهدها أو على سبيل التعبير وعدم وقوعها حصل التمييز بينهما وبين الخيالية الصرفة وعبور الحقيقة عن صورتها الأصلية إنما هو للمناسبات التي بين الصور الظاهرة هي فيها وبين الحقيقة ولظهورها فيها أسباب كلها راجعة إلى أحوال الرائي وتفصيله يؤدي إلى التطويل.

وأما إذا لم يكن كذلك(أي الرؤيا غير الإخبارية بالمستقبليات) فللفرق بينها وبين الخيالية الصرفة موازين يعرفها أرباب الذوق والشهود بحسب مكاشفاتهم، كما أن للحكماء ميزاناً يفرق بين الصواب والخطأ وهو المنطق.

(ومنها): ((ما هو ميزان عام وهو القرآن والحديث المنبئ كل منهما على الكشف التام المحمدي صلى الله عليه وآله وسلم )).

(ومنها): ((ما هو خاص وهو ما يتعلق بحال كل منهم القابض عليه من الإسم الحاكم والصفة العالية عليه وسنومي في الفصل التالي(أي السابع) بعض ما يعرف به إجمالاً))(29).

أقول: ((فترى أن الميزان عندهم لكون ما يرد على القلب وما ينكشف له_سواء بالرؤية في المنام أو في اليقظة أو بغير الرؤية من الإلهام القلبي وغيره_الميزان بين الحق والحقيقي منه والباطل والشيطاني والخيالي الذي لا واقعية له هو القرآن الكريم والسنة المطهرة)).

وقد برهن الشارح القيصري على ذلك بحسب مصطلح علم العرفان بقوله في الفصل السابع.

((ولما كان كل من الكشف الصوري والمعنوي على حسب استعداد السالك ومناسبات روحه وتوجه سره إلى كل من أنواع الكشف، وكانت الإستعدادات متفاوتة والمناسبات متكثرة صارت مقامات الكشف متفاوتة بحيث لا يكاد ينضبط، وأصح المكاشفات وأتمها إنما يحصل لمن يكون مزاجه الروحاني أقرب إلى الإعتدال التام كأرواح الأنبياء والكمل من الأولياء(صلوات الله عليهم) ))(30).

ولذا قرر عندهم أن كل كشف فهو يعرض على كشف الأنبياء والرسلعليهم السلام فإن وافقه فيعلم صحته وإلا فيعلم فساده، وأن الكشف المعصوم من الباطل هو كشف الأنبياء المتجلى في الكتب السماوية التي يبعثون بها وكذلك أقوالهم وأفعالهم.

وذكر أيضاً السيد حيدر بن علي الحسيني الأملي_ والذي وصفه القاضي التستري(في مجالس المؤمنين) بالعارف المحقق الأوحد من أصحابنا الإمامية المتألهين(31)_(في كتابه جامع الأسرار ومنبع الأنوار).

((وأما الإلهام العام فيكون بسبب وغير سبب ويكون حقيقياً وغير حقيقي، فالذي يكون بالسبب ويكون حقيقياً فهو بتسوية النفس وتحليلها وتهذيبها بالأخلاق المرضية والأوصاف الحميدة موافقاً للشرع ومطابقاً للإسلام لقوله تعالى: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) والذي يكون بغير السبب ويكون غير حقيقي فهو يكون لخواص النفوس وإقتضاء الولادة والبلدان كما يحصل للبراهمة والكشايش (القساوسة) والرهبان)).

والتمييز بين هذين الإلهامين محتاج إلى ميزان إلهي ومحك رباني، وهو نظر الكامل المحقق والإمام المعصوم والنبي المرسل المطلع على بواطن الأشياء على ما هي عليه واستعدادات الموجودات وحقائقها، ولهذا احتجنا بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام إلى الإمام والمرشد لقوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)لأن كل واحد ليس له قوة التمييز بين الإلهامين الحقيقي وغير الحقيقي وبين الخاطر الإلهي والخاطر الشيطاني وغير ذلك والذكر هو القرآن أو النبي وأهله هم أهل بيته من الأئمة المعصومين المطلعين على أسرار القرآن وحقائقه ودقائقه، ولقوله تعالى أيضاً تأكيداً لهذا المعنى:

( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) أي إلى أهل الله تعالى وأهل رسوله والآيات الدالة على متابعة الكامل والمرشد الذي هو الإمام المعصوم أو العلماء الورثة من خلفائهم كثيرة فارجع إليها لأن هذا ليس موضعها.

فنرجع ونقول: ((وإن تحققت عرفت أيضاً أن الخواطر التي قسموها إلى أربعة أقسام: إلهي وملكي وشيطاني ونفساني كان سببه ذلك أي عدم العلم بالإلهامين المذكورين أعني الحقيقي وغير الحقيقي لأنها كلها من أقسام الإلهام وتوابعه))(32) .

ونقل المتقي الهندي صاحب كنز العمال في كتابه( البرهان في علامات مهدي آخر الزمان)(33) عن الشيخ الحسن الشاذلي المالكي رئيس الطريقة الشاذلية(الصوفية) أنه قال: ((إن الله تعالى ضمن العصمة في جانب الكتاب والسنة ولم يضمنها في جانب الكشف والإلهام)).

ونقل عن أبي القاسم القشيري النيشابوري الأشعري الشافعي (الصوفي المفسر المحدث الفقيه العارف) أنه قال: ((لا ينبغي للمريد أن يعتقد في المشايخ العصمة من الخطأ والزلل)).

هذا وقد عقد الشيخ الكليني في أصوله تحت عنوان أن للقلب أذنين ينفث فيهما الملك والشيطان وروى الصادق عليه السلام:

((ما من قلب إلا وله أذنان على إحداهما ملك مرشد وعلى الأخرى شيطان مفتن هذا يأمره وهذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي والملك يزجره عنها، وهو قول الله عزوجل: (عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) )).

وقال عليه السلام: ((ما من مؤمن إلا ولقلبه أذنان في جوفه أذن ينفث فيهما الوسواس الخناس وأذن ينفث فيهما الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك، فذلك قوله: (وأيدهم بروح منه) ))(34).

و(سئل) السيد مهنابن سنان العلامة الحلي قدس سره عن مفاد هذه الرواية وأنه لو فرض أن الرؤية متضمنة للأمر بالشيء أو النهي عن شيء، فهل يتمثل ذلك الأمر ويتجنب المنهي أم لا، سيما إذا كان خلاف ظاهر الشريعة.

(فأجابه)_ نّور الله ضريحه_: ((أما ما يخالف الظاهر فلا ينبغي المصير إليه وأما ما يوافق الظاهر فالأولى المتابعة من غير وجوب، ورؤيته صلى الله عليه وآله وسلم لا يعطي وجوب الإتباع في المنام(35) .

(الخامسة):

ما هو مفاد الرواية ودلالتها؟ فقد تعددت الآراء في ذلك:

أ_ ما حكي عن الفيض الكاشاني أن معنى الرواة هو من رآني أي تحقق وتيقن من رؤية صورتي لأنه قد رآه في اليقظة. فقد رآه تحقيقاً وحقيقة لأن الشيطان لا يتمثل بصورته صلى الله عليه وآله وسلم .

وحينئذ يكون مفاد الحديث مخصوص بمن شهد زمانه صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأئمة في ظهورهم عليهم السلام أو من عرف أوصافهم (صلوات الله عليهم) وشمائلهم المنقولة في الكتب بدقة.

وهذا الإلحاق والتتمة من بعض المتأخرين، ويشهد له التعليل في الرواية لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي، فإن ذلك يعني حصر الرؤية بصورهم المختصة بهم (صلوات الله عليهم) وهي التي كانوا عليها في حياتهم من شمائلهم الخاصة بهم.

ب_ ما أفاده السيد المرتضى رحمه الله في كتاب الغرر والدرر وهو:

((من رآني في اليقظة فقد رآني على الحقيقة لأن الشيطان لا يتمثل بي لليقظان))

فقد قيل: ((إن الشياطين ربما تمثلت بصورة البشر وهذا التشبيه أشبه بظاهر ألفاظ الخبر)) لأنه قال : ((من رآني فقد رآني))، فأثبت غيره رائياً له ونفسه مرئية، وفي النوم لا رائي له في الحقيقة ولا مرئي، وإنما ذلك في اليقظة ولو حملنا على النوم لكان تقدير الكلام من اعتقد أنه يراني في منامه وإن كان غير راء له على الحقيقة فهو في الحكم كأنه قد رآني، وهذا عدول عن ظاهر لفظ الخبر وتبديل لصيغته(36))) إنتهى.

أقول: ((ما أفاده السيد يفهم من الكلام المتقدم للشيخ المفيد، ولكن هذا المفاد ينسجم مع بعض الروايات المنقولة بطرق العامة حيث لم يقيد فيها الرؤية بكونها في المنام)).

د_ أن المراد هو بيان فضيلة هذه الرؤية والتشرف بهم(صلوات الله عليهم) وصدق ما يخبرون به في المنام إذا رآهم النائم بصورهم الخاصة بهم ويشهد ذلك مورد الرواية التي بطرقنا والروايات التي بطرق العامة، فإن الإستشهاد بـ ((من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورة أحد من أوصيائي)) في الرواية وقع للإستدلال بصدق ما أخبر به النائم في الرؤيا من قبلهم عليه السلام.

ثم ليتنبه إلى أن الأمر والنهي في الرؤية(تارة) يكون كتشريع حكم كلي وأنه لا يختص بالنائم بل لسائر المكلفين فهذا ليس إلا وحي يختص به الأنبياء.

(وتارة) يكون أمر جزئي شخصي للنائم خاصة لمرة واحدة فقط، مثل ابن مسجداً أو تصدق بكذا من مالك ونحو ذلك، فهذا الذي تقدم أنه إن وافق الشريعة فلا حرج في المتابعة من دون وجوب شرعي كما أفاده العلامة الحلي قدس سره وجزم بصحة (الرؤية) الشيخ المفيد، وإن عارض وخالف الشريعة فلا ينبغي المصير إليه كما عبر بذلك العلامة الحلي وقطع ببطلانه الشيخ المفيد.

ولنختم هذا الأمر برواية الإمام الصادق عليه السلامأخرجها المجلسي رحمه الله عن كتاب مصباح الشريعة قال:

((إن الله عزوجل مكّن أنبياءه من خزائن لطفه وكرمه ورحمته وعلّمهم من مخزون علمه وأفردهم من جميع الخلائق لنفسه فلا يشبه أخلاقهم وأحوالهم أحد من الخلائق أجمعين، إذ جعلهم وسائل سائر الخلق إليه، وجعل حبهم وطاعتهم سبب رضاه وخلافهم وإنكارهم سب سخطه وأمر كل قوم باتباع ملة رسولهم، ثم أبى أن يقبل طاعة أحد إلا بطاعتهم ومعرفة حقهم وحرمتهم ووقارهم وتعظيمهم وجاههم عند الله، فعظم جميع أنبياء الله، ولا تنزلهم بمنزلة أحد من دونهم، ولا تتصرف بعقلك في مقاماتهم وأحوالهم وأخلاقهم إلا ببيان محكم من عند الله وإجماع أهل البصائر بدلائل تتحق بها فضائلهم مراتبهم وأنى بالوصول إلى حقيقة ما لهم عند الله؟ وإن قابلت أقوالهم وأفعالهم بمن دونهم من الناس أجمعين فقد أسأت صحبتهم وأنكرت معرفتهم وجهلت خصوصيتهم بالله، وسقطت عن درجة حقيقة الإيمان والمرعفة، فإياك، ثم وليعلم أن من خواص النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأوصياء أنهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ووردت بذلك الروايات المستفيضة.

كما وللسيد المرتضى_رفع الله درجته_ تحقيقاً في المقام يكون نهاية للمطاف قال في كتاب (الغرر والدرر).

((إعلم أن النائم غير كامل العقل لأن النوم ضرب من السهو والسهو ينفي العلوم ولهذا يعتقد النائم الإعتقادات الباطلة لنقصان عقله وفقد علومه، وجميع المنامات إنما هي إعتقادات يبتدئها النائم في نفسه، ولا يجوز أن تكون من فعل غيره فيه، لأن من عداه من المحدثين سواء كانوا بشراً أو ملائكة أو جنأ أجسام والجسم لا يقدر أن يفعل في غيره اعتقاداً ابتداء، بل ولا شيئاً من الأجناس على هذا الوجه، وإنما يفعل ذلك في نفسه على سبيل الإبتداء، وإنما قلنا أنه لا يفعل في غيره جنس الإعتقادات متولداً لأن الذي يعدي الفعل من محل القدرة إلى غيرها من الأسباب إنما هو الإعتماد وليس جنس الإعتمادات ما يولد الإعتقادات، ولهذا لو إعتمد أحدنا على قلب غيره الدهر الطويل ما تولد فيه شيء من الإعتقادات وقد بين ذلك وشرح في مواضع كثيرة، والقديم تعالى هو القادر أن يفعل في قلوبنا ابتداءا من غير سبب أجناس الإعتقادات)).

((ولا يجوز أن يفعل في قلب النائم اعتقاداً لأن أكثر اعتقادات النائم جهل، ويتأول الشيء على خلافه ما هو به، لأنه يعتقد أنه يرى ويمش وأنه راكب وعلى صفات كثيرة، وكل ذلك على خلاف ما هو به، وهو تعالى لا يفعل الجهل فلم يبق إلا أن الإعتقادات كلها من جهة النائم وقد ذكر في المقالات أن المعروف بصالح كان يذهب إلى ما يراه النائم في منامه على الحقيقة وهذا جهل منه يضاهي جهل السوفسطائية لأن النائم يرى أن رأسه مقطوع وأنه قد مات وأنه قد صعد إلى السماء، ونحن نعلم ضرورة خلاف ذلك كله، وإذا جاز عنده صالح هذا أن يعتقد اليقظان في السراب أنه ماء وفي المردي(خشبة يدفع بها الملاح السفينة) إذا كان في الماء أنه مكسور وهو على الحقيقة صحيح لضرب من الشبهة واللبس فألا جاز ذلك في النائم وهو من الكمال أبعد ومن النقص أقرب؟))(37) إنتهى كلامه.

وللحكماء والفلاسفة تحقيقات حول أقسام الرؤية بلحاظ عالم الخيال والعقل والقوة الواهمة وغير ذلك لا يسع المقام لها.

وفي الروايات المأثورة عن أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ما يهتدي به إلى كثير من أبحاث المقام.







الهوامش:


(1) - سورة الصافات ، الآية (102).

(2) - تفسير البرهان (ج4، ص31).

(3) - البحار(ج11،ص،64،ص181).

(4) - الكافي (ج3، ص482).

(5) -البحار(ج61، ص237).

(6) -سورة المؤمنون، الآية(97).

(7) - سورة الشعراء، الآية (211 و222).

(8) -سورة الأنعام، الآية(71).

(9) - سورة الأعراف، الآية (200).

(10) - سورة الأعراف، الآية (201).

(11) - سورة مريم، الآية (83).

(12) - سورة الحج، الآية (53).

(13) - سورة الأنعام، الآية (121).

(14) -تفسير البرهان (ج4، ص485).

(15) - البحار(ج61، ص191).

(16) -نفس المصدر.

(17) -

(18) -روضة الكافي (ص90).

(19) - البحار (ج61، ص183).

(20) -البحار (ج61، ص183).

(21) - البحار(ج61، ص216) نقلاً عن كتاب الغرر والدرر للسيد المرتضى قدس سره.

(22) -سورة الحجرات، الآية(6).

(23) - البحار (ج61، ص238).

(24) -هو حمزة بن عمار الزبيدي البربري وسيأتي حاله في الفصل الثالث.

(25) - رواهما الكشي في رجاله في ترجمة محمد بن أبي زينب أبي الخطاب(مقلاص).

(26) -نفس المصدر.

(27) - يريد بعبارته هذه أن الرؤيا ليس من القسم الأول وهو ما تضمن إنشاء أمر أو نهي أو حكماً شرعياً.

(28) -البحار (ج61، ص211) نقلاً عن كتاب كنز الفوائد للكراجي.

(29) - سرح الفصوص للقيصري (ص32).

(30) -شرح القيصري (ص36)، وهو يشير إلى ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام عندما سئله بعض اليهود عن تعلم الفلسفة. راجع الكلمات المكنونة للفيض(ص78).

(31) -وقد اجتمع في سفره من آمل إلى العراق بفخر المحققين ابن العلامة الحلي فأجاز له رواية المسائل المدنية(المهنائية) كما ذكر ذلك في أعيان الشيعة.

(32) - جامع الأسرار(ص455).

(33) - ص66.

(34) - الكافي (ج2، ص266) والمراد من القلب هنا المعنى المعنوي(الروح) لا الصنوبري.

(35) -أجوبة المسائل المهنائية، (مسألة 159، ص97).

(36) - البحار (ج61، ص216).

(37) - البحار (ج61، ص214).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ان الرؤيا ليست مصدراً للتشريع الا للمعصوم خاصة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حجية الرؤيا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نور الأمداد :: رجال الإسلام :: دعوى اليماني-
انتقل الى: